خلف كل رجل عظيم امرأة عظيمة. هل لديكِ هذا الرجل الطموح المجتهد الذي تفخرين به وبمكانته العلميَّة والعمليَّة، لكنَّك تشعرين أنَّ عمله يأخذه منك؟ هل زوجك مدمن على العمل ولا تكادين تتواصلين معه؛ بسبب قضاء وقته كله في العمل؟ الحقيقة هي مشكلة العديد من الزوجات، لكن يمكنك أن تتداركي تلك المشكلة بطريقة هادئة، تخبرك عنها المستشارة التربويَّة والأسريَّة النفسيَّة والناشطة الإعلاميَّة، الدكتورة نادية نصير. • بداية عرَّفت الدكتورة نادية إدمان العمل بأنَّه الحبُّ الإدماني للعمل، الذي يجعل صاحبه منهمكاً في ممارسة العمل، حتى إنَّه يكره لحظات المرض والإجازات التي تفرض عليه بُعده عن العمل، فيصبح كئيباً متوتراً، وينتظر عودته إلى عمله بفارغ الصبر. وقد يتساءل كثير من الزوجات، اللاتي يعانين من أزواجهنَّ المدمنين للعمل: هل هذه مشكلة يجب أن نضعها تحت الضوء، أو هي مرض بحاجة إلى علاج نفسي وتقويم سلوكي؟ والإجابة عن هذا السؤال بالتأكيد نعم؛ لتجنب الأضرار التي يكون لها تأثير مباشر على حياة هؤلاء المدمنين على العمل تدريجياً. • أضرار الإدمان على العمل ـ إدمان العمل يدفع الشخص إلى الاندماج في عمله، فيكون التأثير سلبياً على العلاقات الاجتماعيَّة، التي تبدأ بالأسرة، وأفرادها؛ الزوجة والأبناء، ثمَّ الأقارب والأصدقاء، وتوتر هذه العلاقات مع أفراد الأسرة جزء مهم من كيانه وتفاعله الإنساني. ـ من الناحية النفسيَّة قد تتسبب كثرة الابتعاد عن الحياة الاجتماعيَّة لمدمن العمل في عدم القدرة على التأقلم مع الأسرة والأهل، فيصبح وحيداً بعد فترة من الزمن، ما يشكل عليه عبئاً نفسياً قد يصل إلى الاكتئاب. ـ إدمان العمل مع الوقت تنتج عنه أضرار صحيَّة كثيرة، وقد تلازمه إلى الأبد، مثل اضطرابات القولون العصبي، وارتفاع ضغط الدم، من كثرة الإرهاق لقضاء ساعات طويلة في العمل، وأمراض القلب والسكري، وقد يعاني أغلبهم من اضطرابات النوم من كثرة التفكير في وضع خطط جديدة في العمل. ـ كل نوع عمل يطبع صاحبه بسلوك معيَّن، ويزيد الإدمان على العمل، فيصبح الشخص متسلطاً، وغالباً ما يكون حازماً في العمل، وينقل هذه الصفات إلى محيط حياته الخاصة والعامَّة، فيسبب القلق والتوتر لكل من حوله. ـ ومع أنَّ الفكرة السائدة أنَّ الإدمان على العمل مفيد في الإنتاجيَّة والتطور فهذا خطأ؛ لأن مدمن العمل يقوم بكل شيء إلى الدرجة التي تؤثر سلباً فيمن حوله، فيزرع لديهم عدم الثقة في النفس والتواكل، وقد لا يستطيع أحياناً أن ينقل إليهم مهاراته، وهذا يؤثر سلباً في مؤسسة العمل على المدى البعيد. • نصائح لمساعدة زوجك المدمن على العمل ـ لا بد من أن تحرصي على دمجه في التفاعل الاجتماعي مع الآخرين، وليكن ذلك مع من يرتاح معهم من الأقارب والأصدقاء المقربين، واجعلي هذا التزاماً بالنسبة له، وذكّريه بالمواعيد مع الأهل والأصدقاء عن اليوم المتفق عليه من كل أسبوع. ـ كوني حريصة على زيارته للطبيب؛ للتأكد من صحته، وأخذ علاجه بطريقة صحيحة ومستمرة، والمراجعة المنتظمة مع أخذ فترات راحة كافية. ـ القيام بالرياضة البدنيَّة مهم جداً لإزالة التوتر من العمل، وتعمل على الراحة الذهنيَّة. شجعيه للاشتراك في نادٍ رياضي، أو ممارسة رياضة المشي، وممكن أن تصاحبيه، حيث تكون هناك فرصة للتحدث معاً. ـ القراءة مهمَّة جداً في المواضيع المحبَّبة إليه، أو الاشتراك في قراءة قصة معيَّنة، والمناقشة حولها معاً، إذا أمكن على الأقل تخصيص ساعات معيَّنة من كل أُسبوع، أو الاتفاق على مشاهدة فيلم معيَّن مع أفراد الأسرة في يوم من الأسبوع. ـ احرصي دائماً على تذكيره بالنواحي الروحيَّة والدينيَّة في أوقاتها، فهي تعتبر من العوامل المساعدة على علاج الإدمان في العمل. ـ وأخيراً العمل الجاد يبني الأمم، لكن الإدمان على العمل إلى الحدّ المرضي يدمر أشياء أخرى، يكون الإنسان بحاجة ماسة لها في حياته؛ مثل أن يشعر بالحبِّ والعطف والحنان من زوجته وأسرته ومن حوله، ويشعرهم هو بدوره بالشيء نفسه. وصدق رسول الله، صلى الله عليه وسلم، حين قال: «إنَّ لبدنك عليك حقاً وإنَّ لأهلك عليك حقاً وإن لنفسك عليك حقاً، فأعطِ كل ذي حقٍّ حقَّه» متفق عليه. هذا هو سرُّ النجاح في العمل.
مشاركة :