القاهرة: محمد عبده حسنين لاقى اعتذار قدمته جماعة الإخوان المسلمين، عن أخطائها السابقة خلال فترة حكمها للبلاد، رفضا واستنكارا واسعا من جانب القوى السياسية والحركات الثورية، التي عدته متأخرا، ومحاولة «يائسة» لاستمالة شباب الثورة قبل أيام من حلول الذكرى الثالثة لثورة 25 يناير بعد غد (السبت) المقبل. ويأتي هذا في وقت أكد فيه الدكتور عبد الغفار شكر، نائب رئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان، لـ«الشرق الأوسط» أن «الرئيس عدلي منصور نفى في اجتماعه بعدد من الشباب عودة نظام الرئيس الأسبق حسني مبارك للحكم مرة أخرى، من خلال ثورة 30 يونيو»، رافضا محاولات البعض لتشويه ثورة 25 يناير.. قائلا إنها «الأصل ولا عودة لما قبلها». وأصدرت الجماعة، والتي صنفتها الحكومة الشهر الماضي تنظيما إرهابيا، بيانا قالت فيه إنها أدركت أن الوطن ملك للشعب «وينبغي إدارته عبر مشاركة حقيقية من كل أطيافه». وقال بيان الجماعة «قد وعينا الدرس، واقتنعنا بحكمة أن الوطن للشعب كله بكل أفراده وفصائله وقواه، نديره عبر مشاركة حقيقية من كل أطيافه، لا تستثني أحدا، ولا تقصي أحدا، ولا تحتكر الحقيقة، ولا تتحكم في توزيع صكوك الوطنية بالهوى». ودعت الجماعة إلى استعادة ما وصفته بروح ثورة 25 يناير، وقالت «إذا كان الجميع أخطأوا فلا نبرئ أنفسنا من الخطأ الذي وقعنا فيه، حينما أحسنا الظن بالمجلس العسكري.. كما أننا أحسنا الظن في عدالة القضاء وأنه سيقتص للشهداء ويقضي على الفساد». ومن جهته، دعا «التحالف الوطني لدعم الشرعية»، لما سماه «موجة ثورية جديدة» تبدأ يوم 24 يناير عشية الذكرى الثالثة للثورة، ولمدة 18 يوما، وهي المدة التي استمر فيها اعتصام التحرير حتى إسقاط مبارك عام 2011. وقال بيان للتحالف أمس إن «هدف هذه الموجة الثورية توحيد الصف الوطني الحر لاسترداد ثورة 25 يناير، والعمل على استكمالها وتحقيق أهدافها، وتمكين مكتسباتها، وإسقاط نظام مبارك بعد أن أسقطنا رأسه». لكن هذا الموقف، الذي لم يحمل أي تراجع عن المطالبة بالعودة للحكم الذي جرى إسقاط الجماعة منه بعد مظاهرات حاشدة في منتصف العام الماضي، قوبل برفض واسع في الأوساط السياسية المصرية أمس. وقال الدكتور عبد الغفار شكر، نائب رئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان: «هذا ليس اعتذارا؛ وإنما نوع من التقرب فقط لشباب الثورة دون أن تقدم أي شيء». موضحا في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن «المطلوب من الجماعة هو مراجعة ونقد كل مواقفها وسياساتها، وأن تعترف بأنها أدخلت البلاد في مأزق، وبعد ذلك تضع سياسات بديلة تسير عليها لتؤكد للجميع تغير مواقفها وسياستها». وأعلن شهاب وجيه، المتحدث الرسمي باسم حزب المصريين الأحرار، رفض الحزب «لما يسمى اعتذار الإخوان»، واصفا إياه بالمحاولة المكشوفة لشق الصف الوطني قبل احتفال المصريين بذكرى ثورة 25 يناير، واستمالة القوى الغاضبة من أداء الحكومة ومحاولات تشويه الثورة. وقال وجيه إن «اعتذار الجماعة الإرهابية لجموع الشعب المصري هو تكتيك جديد لتوريط قوى أخرى فيما تنوى فعله من أعمال إرهابية، خاصة وأن البيان يشكك في ثورة ملايين المصريين الذين نزلوا في 30 يونيو». وعد البرلماني السابق زياد العليمي، عضو الهيئة العليا لحزب المصري الديمقراطي، أن «الاعتذار يكون عن الأخطاء؛ وليس الجرائم. ومن يقبل اعتذار الإخوان عليه أيضا أن يقبل اعتذار رموز نظام مبارك». بينما قال حافظ أبو سعدة، رئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان: «لا يمكن لشعب أن يجري خداعه مرتين وبنفس الأسلوب». ومن جهته، شدد المهندس صلاح عبد المعبود، عضو الهيئة العليا لحزب النور، على أن «مسألة الاعتذار لعبة قديمة ومعروفة». وأضاف أن «الهدف من الاعتذار إثارة الشباب للنزول يوم 25 يناير». وتستعد قوى وحركات شبابية لتنظيم فعاليات سياسية مختلفة في الذكرى الثالثة لثورة 25 يناير السبت المقبل، وذلك في ميدان التحرير (وسط القاهرة)، وعدد من الميادين الأخرى. كما أعلنت الإخوان من جهتها، نيتها التظاهر في هذا اليوم للمطالبة بعودة الرئيس السابق محمد مرسي للحكم. وعقد الرئيس عدلي منصور مساء الثلاثاء اجتماعا موسعا مع عدد من شباب القوى الثورية للتباحث حول مطالبهم، وكذلك سبل إحياء الذكرى الثالثة للثورة. ضم 44 شابا وشابة بحضور الدكتور عبد الغفار شكر. وقال شكر إن الرئيس منصور استمع بشكل جيد لشباب الثورة وإلى مطالبهم وشكواهم، وفند شكواهم حول قيام بعض السياسيين المحسوبين على النظام الحالي بتشويه رموز ثوار 25 يناير، وقيام السلطات باعتقال العديد من النشطاء. مطالبا إياهم بذكر وقائع واضحة واتهامات بالدليل دون الخوض في أحاديث مرسلة. ونقل شكر عن الرئيس منصور قوله للمجتمعين إن «ثورة 25 يناير هي الأصل، وإن كلا من 25 يناير و30 يونيو هما موجتان لثورة واحدة». وكان بيان للرئاسة أكد أن الرئيس منصور دعا الشباب إلى أن يتفاعلوا مع القواعد الشعبية وأن ينتظموا في العمل السياسي والحزبي لملء أي فراغ بما لا يسمح بتكرار تجربة ما بعد ثورة 25 يناير. وأوضح البيان أن الرئيس منصور حرص قبل أن يعالج مخاوف القوى الشبابية على أن يؤكد على أنه لا عودة للوراء، وشدد على أن التغيير عملية ديناميكية مستمرة لن تتحقق بين عشية وضحاها، ويتعين أن يجري التغيير بالحق وبالوسائل السلمية وليس من خلال العنف سواء تجاه الأفراد أو إزاء الدولة. واستبعد الرئيس أن يكون عنف الشرطة ممنهجا، موضحا أن ما يشير إليه الشباب قد يكون ممارسات فردية محدودة.
مشاركة :