مدفع رمضان حاضر في الشارقة منذ ثلاثينات القرن الماضي، كتقليد وموروث ارتبط بموعد الإفطار في رمضان، ومازالت الشارقة محافظة على هذا التقليد، وكان في إمارة الشارقة في تلك الأيام أربعة مدافع، واليوم هو حاضر من خلال القيادة العامة لشرطة الشارقة في تسعة مواقع على مستوى الإمارة. «الإمارات اليوم» زارت مقر إدارة المهام الخاصة في شرطة الشارقة، والتقت مدير إدارة المهام الخاصة في القيادة العامة لشرطة الشارقة، المقدم عاشور بن سبت بن عاشور، الذي تحدث عن مدفع رمضان ورحلته اليومية طوال شهر رمضان على كل المواقع التسعة التي تم تحديدها من قبل شرطة الشارقة لانطلاقته يومياً إليها. وقال المقدم بن عاشور، إن «مدفع رمضان موروث تاريخي وتراثي في إمارة الشارقة منذ ثلاثينات القرن الماضي، ومازالت الشارقة تحافظ على هذا الموروث الشعبي واستمرارية حضوره، فهو من الموروثات التاريخية، وأحد مظاهر شهر رمضان، وارتبط اسمه برمضان، واعتاد الناس في الشارقة على صوت المدفع في رمضان منذ تلك الأيام، كما كان من الممكن سماعه في مناسبات أخرى، كالأعياد، لكنه ارتبط بشكل أكبر بموعد رمضان والإفطار، وفيه من روحانيات الشهر الكثير، وفيه من الذكريات التي يعشقها الأهالي ويسترجعونها بين الحين والآخر في مجالسهم ولقاءاتهم». ولفت إلى أن العالم الإسلامي كان يعتمد على المدافع في الإعلان عن أشياء ومناسبات معينة، منها الإعلان عن قدوم الشهر الفضيل، وموعد الإفطار، وكان السكان يعتمدون صوت المدافع كإشارة وبشارة لقدوم رمضان ولموعد الإفطار، وفيه فرحة خاصة، فما إن يسمع الصائم صوت طلقات المدفع حتى تدخل الفرحة والبهجة إلى قلبه، فهو فرحة وعيد وبشارة للإفطار، يفرح لأجله الصغار والكبار، ويبتهجون به. رحلة يومية وأضاف المقدم بن عاشور «اليوم هناك رحلة يومية للمدفع الرمضاني تقوم بها القيادة العامة لشرطة الشارقة من خلال مجموعة من أفراد الشرطة، تقوم بمهمات عدة، من أهمها مجموعة صيانة المدافع، وتقوم بمهماتها قبل انطلاق المدفع وفريقه إلى موقعه المحدد مسبقاً من قبل القيادة العامة لشرطة الشارقة، ويرافق المدفع أربعة أشخاص من الشرطة، (حارسان، وآمر، والرابع منفذ)». ولفت إلى أن شرطة الشارقة وزعت بعض المدافع على المراكز الشرطية القريبة من موقع الإطلاق، من أجل الاستفادة من الوقت، واختصار زمن رحلة المدفع إلى موقعه المحدد. وأشار إلى أن من يشاهد رحلة المدفع اليوم، خصوصاً من كبار السن، يستذكر تلك الأيام، كما أن الأطفال اليوم يفرحون لرؤيته، وبعضهم يذهب مع ذويه إلى مكان انطلاقه في الواجهة المائية، وهناك يقومون بالتقاط الصور له، فتكون ذكريات جميلة لهم في قادم الأيام. وقال بن عاشور إن إحياء مثل هذا التراث الجميل، خصوصاً من خلال الفعاليات التي تقام بشأنه وتنقل من خلال التلفزيون، كبرنامج مدفع الإفطار على الواجهة المائية، يسهم في إدخال الفرح والبهجة إلى قلوب السكان الذين يحرصون على متابعته، سواء من خلال الشاشة أو من خلال زيارة موقع إطلاق المدفع، حيث يلتقطون الصور، ويستمتعون بفرص التواصل مع أهاليهم وأصدقائهم. 4 مدافع في الشارقة من جانبه، قال رئيس معهد الشارقة للتراث، عبدالعزيز المسلم، لـ«الإمارات اليوم» إن إطلاق المدافع في رمضان تقليد لايزال يمارس في معظم أنحاء العالم الإسلامي، وذلك قبل زمن الساعات والتوقيت المرتبط بها، فكانت طلقات وأصوات المدافع هي التي تشير إلى موعد الإفطار في رمضان، ويعلم السكان عن موعد الإفطار من خلال المدافع. وأضاف «تواصل الشارقة عادة إطلاق مدفع الإفطار حتى في عصرنا هذا، عصر أجهزة التلفزيون والأجهزة الذكية». ولفت إلى أن بعض المؤرخين يعتقد بأن هذه العادة تعود إلى زمن بعيد في القرن العاشر الميلادي في مصر، عندما أمر أحد الخلفاء الفاطميين بإحضار مدفع ليوضع على المقطم في القاهرة، حتى يتسنى لجميع المسلمين أن يسمعوا إشارة للإفطار. وتابع «جاء التقليد الى إمارة الشارقة خلال فترة حكم الشيخ سلطان بن صقر القاسمي بين عامي 1924 و1950، وخلال ذلك الوقت، وضعت أربعة مدافع في حصن الشارقة القديم والحصون الأخرى في كلباء وخورفكان والذيد، واستخدمت المدافع للإعلان عن رمضان وموعد الإفطار، خصوصاً للسكان البعيدين عن المدن والمراكز». 9 مواقع حددت القيادة العامة لشرطة الشارقة المواقع المقررة لإطلاق مدفع الإفطار، وهي تسعة مواقع بمدينة الشارقة والمنطقتين الوسطى والشرقية، وفي مقدمتها ميدان قصر الثقافة الواقع بمنطقة الفلج، وساحة مسجد السري بمنطقة الجرينة، وساحة مسجد النور بواجهة المجاز المائية، كما حددت شرطة الشارقة مواقع أخرى لإطلاق مدفع رمضان، منها ساحة مجلس مغيدر بمنطقة الطلاع، وساحة مسجد البراء بن عازب بمنطقة المرقاب. أما في المنطقة الشرقية فموقع مدافع الإفطار أمام مسجد البخاري على كورنيش خورفكان، ومدينة كلباء. برنامج تلفزيوني يقدم تلفزيون الشارقة برنامجاً يومياً مباشراً طوال شهر رمضان، يحمل اسم مدفع الإفطار، يقدمه على الهواء مباشرة الإعلامي الإماراتي يوسف شعبان، من واجهة المجاز المائية، ويتضمن البرنامج فقرات متنوعة، من بينها مسابقة أسئلة وإجابات، وجوائز، ويشهد تفاعلاً جيداً من قبل جمهور الواجهة الذي يأتي يومياً إلى هناك، وتحتشد وتجتمع عائلات وأفراد وأصدقاء من جنسيات عربية وغير عربية في الواجهة المائية، لمتابعة وقت الغروب، وسماع إطلاق مدفع الإفطار من موقع البرنامج في واجهة المجاز المائية، ويقدم بالتعاون مع القيادة العامة لشرطة الشارقة.
مشاركة :