أثارت تهمة «ازدراء الأديان» التي يعاقب عليها القانون المصري بالسجن حتى 5 سنوات، جدالاً بين نواب في البرلمان المصري أمس طالبوا بإلغائها وبين ممثل الحكومة الذي دافع عن وجودها. وكانت لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية في البرلمان المصري بدأت أمس مناقشة طلبات تقدم بها نواب لإلغاء تهمة «ازدراء الأديان» من قانون العقوبات، باعتبار أنها «تطارد كل المفكرين والفنانين وأصحاب الرأي». وعاقب القضاء خلال الشهور الماضية بالسجن الإعلامي إسلام بحيري والشاعرة فاطمة ناعوت، بعد إدانتهما في قضيتين منفصلتين بتهمة «ازدراء الأديان»، فيما تنازل الأزهر عن دعوى قضائية ضد المطرب شعبان عبدالرحيم بالتهمة نفسها، التي لطالما وجهت إلى كتّاب ومبدعين أبرزهم المفكر الراحل نصر حامد أبو زيد والكاتبة نوال السعداوي والكاتب سيد القمني. وتنص المادة 98 من قانون العقوبات على أن «يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة شهور ولا تتجاوز خمس سنوات أو بغرامة لا تقل عن خمسمئة جنيه ولا تتجاوز ألف جنيه كل من استغل الدين في الترويج أو التحبيذ بالقول أو بالكتابة أو بأي وسيلة أخرى لأفكار متطرفة، بقصد إثارة الفتنة أو تحقير أو ازدراء أحد الأديان السماوية أو الطوائف الدينية المنتمية إليها أو الإضرار بالوحدة الوطنية». ولفت النائب محمد زكريا محيي الدين أحد مقدمي طلب إلغاء المادة، إلى أنها «تخالف الدستور ومطاطة»، موضحاً أن «لفظ ازدراء يسمح لهوى القاضي بأن يحكم كيفما شاء». وأشار إلى أن قضية بحيري «تم الحكم فيها بحكمين مختلفين... نحن مع حرية الرأي والإبداع ولا يجب أن نعود إلى عصر محاكم التفتيش». أما عضو اللجنة التشريعية في البرلمان النائب ثروت بخيت، فاعتبر خلال نقاشات اللجنة أمس أن «يد القضاء في جريمة ازدراء الأديان مطلقة». وقال إن «مادة الازدراء فضفاضة، وهذا ما يطلق يد القضاة، وهناك عشرات القضايا التي تؤكد حديثي». ورأت أستاذة الفلسفة الإسلامية والعقيدة في جامعة الأزهر النائب آمنة نصير، أن عقوبة الازدراء «ألصقت باﻹسلام وهو بريء منها تماماً. الدين الإسلامي يضمن حق اﻹنسان في اختيار دينه، وﻻ أساس للسيطرة والقوامة والتأله من جماعة على جماعة في الإسلام». وأضافت أن «الفكر ﻻ يواجه بالسجن والعقوبة، بل بالحوار، وهذه المادة تُكره الناس على الدخول في الإسلام بالمخالفة للنصوص القرآنية. الاختلاف بين البشر له حكمة إلهية». في المقابل، دافع ممثل وزارة العدل أيمن رفح عن وجود المادة 98 من قانون العقوبات «على ما هي عليه»، موضحاً أن «جريمة ازدراء الأديان تتطلب ركناً مادياً هو الترويج لفكر متطرف، وركناً معنوياً». وقال إن «المادة لا تستلزم أن تقع جريمة ازدراء الأديان بإحدى وسائل النشر، ولا يجب الخلط بين حرية الفكر والرأي وازدراء الأديان، لكن لا يوجد حق طليق من دون أي قيود». واعتبر أن «سلطة المحكمة والنيابة العامة في قضية ازدراء الأديان ليست مطلقة، فالنيابة تتحرى الأمر وتستعين بالمؤسسات الدينية وتخضع لرقابة، والمحكمة ليست مطلقة اليد». وخلصت اللجنة التشريعية في البرلمان في نهاية اجتماعها أمس إلى إرجاء مناقشة طلبات إلغاء عقوبة ازدراء الأديان لمزيد من الدراسة. وكلفت أمانتها بإعداد مذكرة تتضمن الرأي القانوني، لمخاطبة لجنة الشؤون الدينية في البرلمان في شأن رأي المؤسسات الدينية. إلى ذلك، وافق البرلمان أمس على تعيين المحامي العام السابق لنيابات أمن الدولة العليا هشام بدوي رئيساً للجهاز المركزي للمحاسبات خلفاً للرئيس المُقال هشام جنينة الذي أحيل على محاكمة مثيرة للجدل بسبب تصريحات له عن حجم الفساد في الجهاز الإداري التابع للدولة. وقرأ رئيس البرلمان علي عبدالعال رسالة وردت إلى المجلس من الرئيس عبدالفتاح السيسي يطلب فيها الموافقة على تعيين بدوي الذي حصل على تأييد 329 نائباً من إجمالي 596. وكان السيسي عدل القانون لتمكينه من إقالة رؤساء الأجهزة الرقابية، وأصدر أواخر آذار (مارس) الماضي قراراً بإعفاء جنينة من منصبه، وتكليف بدوي بمباشرة اختصاصاته إلى حين تعيين رئيس جديد، على خلفية تصريحات جنينة عن الفساد.
مشاركة :