الذكريات صدى السنين الحاكي - الحاج عبدالله بن صالح الحمد - ذو العقد الثمانيني من سُكَّان مدينة العمران استرجع شريط الماضي وتأوَّه كثيرا على الزمن الجميل في شهر رمضان المبارك. وعن مواجهة شدَّة الحر والرطوبة في شهر رمضان المبارك - قال الحمد:- فعلًا كانت فترة صعبة جدا، فكُنا نعمل في الفلاحة وكان ظل النخيل والشجر هو ملفانا وملتقانا، والبعض ينام في الدهاليز لأنها كانت تأخذ طابع البرودة والبعض الآخر يلجأ إلى الذهاب إلى الجبال القريبة من البلدة وينام هناك مثل جبل القارة وجبل أبو حصيص، والبعض ينام على الرَّمل الرَّطب الموجود داخل البيوت، وهناك من ينام على الحشائش الرطبة في النخيل حديثة السقي والرَّي. وتحدث عن رمضان زمان وقال: «كُنَّا نعلم بدخول شهر رمضان المبارك عن طريق كبار السِّن وأهل الخبرة والدراية في البلد لأنهُ لم توجد في ذلك الوقت وسائل إعلام بشكل كبير وحتَّى الكهرباء لم تكُن موجودة ومعظم الناس غير متعلمين، ويقوم رجال البلد الكبار بالإعلان من خلال المساجد ووضع الأعلام الملونة على أسطُح البيوت والأبواب، ويقوم أهل الحي بتزيين مداخل الفريج بالفوانيس والإتريكات في الليل وترى الجميع مستبشرا وفرحا بقدوم شهر الله الفضيل». وعن أبرز العادات الرمضانية القديمة في شهر رمضان المبارك في ذلك الزمن - قال الحمد: فتح المجالس والديوانيات طوال الشهر المبارك وتراها تعُجُ بالناس والتواصل مع الأرحام وإعداد الولائم وحضور دروس العلم بالمساجد وتلاوة القرآن، وفي النهار أيضا ترى كبار السِن يجلسون في المجالس ويتحدثون عن فضل شهر رمضان المبارك وعن الصيام والأحداث التي حصلت للمسلمين في رمضان مثل غزوة بدر الكُبرى، وبعض القصص الدينية الأخرى، وكان لهذه الجلسات مذاقًا خاصًا، يحرص من خلاله الأحسائيين على إحياء تقاليد وعادات توارثوها من أزمنة بعيدة عن الأجداد ونكهة خاصة وأجواء روحانية في ظل ترابط اجتماعي متميز. وعن الأعمال التي يقومون بها خلال نهار رمضان - قال الحمد في ذلك الوقت معظم الناس يعملون في الفلاحة فتراهم من الصباح الباكر يتجهون إلى نخيلهم ولسانهم يلهج بذكر الله ويحمدون الله أن بلَّغهم صيام الشهر الكريم. وعن الإفطار في شهر رمضان المبارك قال كان الإفطار جماعيا في بيتٍ واحد وعلى سفرة واحدة رغم أنَّ البيت شعبي قديم أو من العشيش أو من الشينكو وفيه عدد كبير ولكنهم جميعًا يجتمعون على سفرة واحدة الرجال لوحدهم، والنساء لوحدهم، وتراهم جميعًا في حالة من الرضا والفرح ويحمدون الله على ذلك. وعن ليل رمضان - قال ليل رمضان يتم إحياؤه بالعبادة والجلسة في مجالس الذكر والمسامرة مع كبار السِن والاستماع إلى أحاديثهم وقصصهم المُسلية، وبعد ذلك نبقى ننتظر مجيء المسحراتي لِنُلاحقه ونُتابعه ونُردِد معه الأهازيج الإسلامية وكانت ليالي حلوة كثيرًا مع صعوبتها وقساوتها. عادات النساء وعن عادات النساء في رمضان، قال النساء يتحملن العبء الكبير والثقل الأكبر فمع اقتراب دخول رمضان يعدون العدة مبكرا، فيقومون بتجهيز أدوات الطبخ، وكذلك المطحنة والمقلاة والتاوة، وبعض النساء تقوم بإحضار الماء من العين (البئر) حيثُ تقوم بالذهاب إلى مسافات بعيدة مشيًا على الأقدام لإحضار الماء، كما تقوم بتنظيف الرز من الشلب، وطحنه لعمل المجرَّح - وتقوم الأمهات وأصحاب المنازل بتنظيف مداخل البيوت وكنسها بالعسو ورشها بالماء، ووضع الأعلام على مداخل البيوت فرحًا واستبشارًا بدخول الشهر الكريم. وعن التغيُر الذي حدث الآن - قال الحمد - كل شيء تغير -فرمضان هو رمضان سابقًا وحاليًا - ولكن تغيَّرت نفوس الناس وطبائعهم وعاداتهم وتقاليدهم وابتعادهم عن بعض وكل ذلك بسبب التكنولوجيا - فرمضان في السابق كانت أواصر المحبة والتواصل والتعاطف والتعاضد وأواصر المحبة والعطف على الآخر أقوى بكثير وكان رمضان له نكهة وروحانية أقوى من الآن - وليس رمضان هو شهر للتباهي بالأكلات والمشارب وإنما هو تغيير في السلوك والقرب من الله كثيرا.
مشاركة :