نصفنا تقريباً لا ينام جيداً. وهناك 45 في المئة من سكان العالم يعانون من مشكلات في النوم تهدد الصحة، وجودة الحياة بشكل عام، طبقاً لما يقوله منظمو "يوم النوم العالمي" في دراسة أجريت عام 2008. والآثار الصحية خطيرة حقاً. ويمكن الربط بين النوم غير الجيد والسمنة لدى الأطفال والعديد من المشاكل النفسية مثل الاكتئاب والقلق والذهان عند البالغين. في المملكة المتحدة وحدها، هناك أكثر من 10 ملايين وصفة طبية لحبوب النوم تكتب كل عام، طبقاً لتقرير للجمعية الملكية لصحة الجمهور. أما في الولايات المتحدة فقد افتتحت أكثر من 2800 عيادة للنوم، وتبلغ عائداتها حوالي 7 مليارات دولار، حسب تقرير مؤسسة الأبحاث العالمية "آي بي آي أس وورلد". Image copyright Thinkstock وقُدرت قيمة السوق العالمية للمنتجات المساعدة على النوم، مثل الأعشاب، والعقاقير التي لا تحتاج لوصفة طبية، والوسائد، والفرشات، وأسرة الفحص، بنحو 58 مليار دولار في عام 2014، بحسب تقرير "بي أند أس" لأبحاث السوق. وبينما كان يحتاج الزوجان المحرومان من النوم بسبب طفلهما الرضيع لمرشد للنوم، وكذلك الرياضيون الذين يسعون إلى أن يكونوا في قمة أدائهم، فإن كل شخص الآن يحتاج مرشداً للنوم. ويتقاضى مرشدو النوم أجوراً متفاوتة، حسب المكان و الخبرة، لكن الشواهد الموضوعية تشير إلى أن تلك الخدمة تكلف ما بين 70 إلى 130 يورو في دول أوروبا.تجارة مربحة يصف ستيفن ماكغريغر، مؤسس أكاديمية القيادة في برشلونة والخبير في شؤون الصحة، النوم بأنه "مهارة مهنية أساسية" ينبغي أن يتعلمها ويمارسها الإنسان، وهي نشاط يحتاج أن يكون على رأس الأولويات اليومية. ويقال أن جيف بيزوز، المدير التنفيذي لشركة النشر الشهيرة أمازون، يعتبر أن أهم شيء له أولوية لديه هوالنوم لمدة 8 ساعات بعد قضاء 12 ساعة في المكتب، حسب ما يقول ماكغريغر. كما أن أريانا هافنغتون، مؤسسِة "هافنغتون بوست"، تتكلم مراراً وتكراراً عن قيمة النوم الجيد. وقد غلب النعاس هافنغتون ذات يوم وهي تجلس على مكتبها فارتطم رأسها بسطح المكتب مما أدى إلى كسر عظمة خدها. ماكغريغر الذي يُدرس في كليات إدارة الأعمال "آي إي أس إي"، و "آي أم دي" وغيرها، يبحث في صحة وإرادة المسؤولين، ويقول: "نسأل المديرين كيف يمكنهم أن يولوا الأهمية الكافية لصحتهم ورفاهيتهم لتحسين تفكيرهم وقدرتهم على اتخاذ القرارات والعيش كقادة مسؤولين. ونجد أن نوعية العمل الذي يتأثر بالحرمان من النوم هو التفكير على مستوى عال من قبيل التعامل مع التغيرات المتسارعة". وترى ستيفان، المرشدة في مجال المساعدة على النوم، أيضاً أن النوم الكافي والصحي هو مصدر مهم على المستوى الشخصي يساعد المسؤولين على اتخاذ القرارات السليمة، والتغلب على التوتر. Image copyright Thinkstock ورغم ذلك، فإن الكثير من الناس يُخفقون في تلقي مساعدة إذا لم يستطيعوا الاسترخاء والراحة. وطبقاً لمنظمي اليوم العالمي للنوم، فإن غالبية اضطرابات النوم يمكن منعها أو علاجها، رغم ذلك فإن أقل من ثلث الذين يعانون من هذه الاضطرابات يلجأون إلى المساعدة الصحيحة، وتضيف ستيفان: "النوم ما زال موضوعاً يحظر الخوض فيه".ضبط النوم الشيء الجيد هو أن النوم ليس بالضرورة أن يتم في بيئة مضبوطة كغرفة النوم. القيلولة أو الإغفاءة البسيطة لعدة دقائق بين الاجتماعات مفيدة للغاية. المؤسسة الوطنية للنوم تقول إن قيلولة تقل عن نصف ساعة تساعد على الشعور بالتركيز، وتحسن من أداء الإنسان دون أن تؤثر سلباً على النوم أثناء الليل. وينصح ماكغريغر المسؤولين الذين يسافرون بالطائرة باستمرار أن يعلموا أنفسهم النوم في الطائرات، ربما بالتدريب على فعل ذلك في البيت. أو ربما تكون من بين القلة من المحظوظين الذين وفرت لهم شركاتهم أماكن للنوم في أماكن الاستراحة، فهي هناك لسبب مقصود.استجلاب النوم بينما لا تعد طريقة عد الخراف التي علمونا إياها صغاراً مجدية في الواقع، فإن هناك شيء يخص موضوع التركيز. في حالة شنايدربوير، نصحتها مدربتها بأن تخلق صورة في عقلها تحفز على الإسترخاء، واستحضار تلك الصورة حسب الحاجة. وفي مكتب ستيفان في فينا، كانت شنايدربوير تتمدد على أريكة، ويطلب منها أن تصف بالكلمات والصور حالة استرخاء مثالية. وتخيلت شنايدربوير القفز فوق شعب مرجانية، بينما تشعر بانعدام الوزن وتسمع فقط صوت أنفاسها. وكانت تقول: "أرى نفسي فوق المرجان بين الأسماك، وأسمع أنفاسي تتردد، ومن ثم يغلبني النوم". وتستحضر شنايدربوير هذه الصورة مرة أو مرتين في اليوم، في فترات التوتر الخفيف، وحوالي 10 مرات في اليوم عندما تحتاج إلى الهدوء أو الإغفاء. وتقول: "أحاول حقاً ألا أرى مجرد صورة، ولكن أحاول أن أشعر بها حقا. الآن أصبح ذلك يتم بطريقة آلية. ويستغرق الأمر عدة دقائق فقط لكي أشعر بالهدوء".رغبة في التغيير مدرب النوم وحده لا يستطيع أن يجعل زبائنه ينامون. لكن الرغبة في التغيير يجب أن تأتي من داخل الشخص نفسه، كما يقول سيبيللي تشادوري، المرشد والمدرب في مجال النوم في مدينة راتينغين بألمانيا. Image copyright Thinkstock في إحدى المرات، رفض تشادوري أن يساعد إحدى زبائنه، والتي كانت تتولى رعاية أمها المريضة ولا يساعدها زوجها في العناية بالأطفال وشؤون البيت، فضلاً عن كونها موظفة. ولم تكن لديها رغبة حقيقية في البحث عن مساعدة للتخفيف من الأعباء التي تثقل كاهلها. وكانت المرأة تستيقظ باستمرار من نومها في الليل، ولا تستطيع العودة للنوم. ويستذكر شادوري أن المرأة كانت تقول له: "ألا تستطيع مساعدتي على النوم؟ أنت حاصل على إجازة في برمجة اللغويات العصبية، ألا تستطيع أن تجعل دماغي يطلب النوم؟" ويقول شادوري: "هذا شيء يطوره الإنسان بنفسه، وعليك أن تكون مستعداً لتغيير تفكيرك. الإرشاد يتعلق بالتغيير، والتغيير أمر صعب بالنسبة لمعظم الناس".الطريق جزء من التغيير هو تحدي قناعاتك. يقول شادوري: "معظم الناس يعتقدون أن النوم عبارة عن شيء يحدث بشكل طبيعي ويفترض أن يحدث بغض النظر عن الطريقة التي تتعامل بها مع جسدك. أعتقد أن أسوأ شيء هو أن تنظر للنوم على أنه أمر مسلم به. المسألة تشبه ذهابك إلى صالة الرياضة للتدريب، علينا أن نفعل شيئاً بخصوص أجسادنا، وأذهاننا حتى ننام بشكل صحيح". وحسب ما يقول شادوري فإن السر في الحصول على النوم يكمن في تغيير أسلوب الحياة، ويندر أن يكون هناك سبب واحد لعدم قدرتك على الحصول على النوم بشكل جيد، ويضيف: "في العادة هي مجموعة من العادات السيئة. عادة نحن ما نفعل ذلك بأنفسنا. أكثر الأشياء صعوبة هو أن يغير الناس عاداتهم". يمكنك قراءة الموضوع الأصلي على موقع BBC Capital.
مشاركة :