ينتظر أن تحدث زيارة الأمير محمد بن سلمان ولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، إلى أميركا، نقلة في العلاقات السعودية - الأميركية، من مرحلة العلاقات التقليدية إلى العلاقات التشاركية الاستراتيجية، من خلال ثلاثة محاور أساسية تنسجم مع الرؤية 2030، في وقت قدرت فيه، الهيئة العامة للإحصاء في السعودية، حجم التبادل التجاري بين البلدين بـ 170.203 مليار ريال (45.3 مليار دولار) في عام 2015. وأكد الأمير عبد الله بن فيصل بن تركي سفير السعودية لدى واشنطن أهمية زيارة الأمير محمد بن سلمان للولايات المتحدة، لا سيما أنها تتضمن اجتماعات ثنائية مع كبار المسؤولين في الحكومة الأميركية، ولقاءات مع ممثلي مؤسسات القطاع الخاص الأميركية، والمؤسسات الفكرية السياسية في الولايات المتحدة. وقال السفير في تصريحٍ نقلته وكالة الأنباء السعودية (واس)، إن الزيارة تأتي امتدادا للعلاقات التاريخية الوثيقة بين البلدين، وسيكون لها الأثر الكبير في رعاية وتطوير المصالح المشتركة، وذلك على ضوء الترحيب والاهتمام الرسمي الواسع النطاق بهذه الزيارة من جانب المسؤولين الأميركيين. وأضاف أن الزيارة تأتي في ظروفٍ مواتية للغاية في أعقاب الإعلان عن «رؤية المملكة العربية السعودية 2030»، والحراك الاقتصادي المتمثل في برنامج التحول الوطني لمواجهة تحديات القرن الحادي والعشرين، والاستثمار في الفرص الاقتصادية الجديدة، التي يمثل التعاون بين السعودية والولايات المتحدة جانبا مهمًا منها، وبأنها فرصة عظيمة للتعريف بالتطورات الاقتصادية والحضارية التي تشهدها السعودية. وأشار السفير السعودي، إلى الاهتمام الخاص الذي يوليه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، لتطوير وتحديث قدرات القوات المسلحة السعودية، والجهود المتواصلة التي يقوم بها ولي ولي العهد في هذا المجال. وأبرز التعاون الدفاعي القائم بين السعودية والولايات المتحدة، واهتمام الجانبين بتعزيزه في ضوء الظروف الراهنة على الصعيدين الإقليمي والدولي، مؤكدًا التزام الرياض بمكافحة الإرهاب والتطرف، ونوه بمشاركتها في التحالف الدولي ضد تنظيم داعش، وبقيادة السعودية للتحالف الإسلامي لمكافحة الإرهاب، فضلا عن جهودها للحفاظ على الأمن والاستقرار على النطاق الإقليمي، وجهودها لاستعادة الشرعية والسلام في اليمن، والحد من التدخلات الإيرانية في شؤون دول المنطقة. وفي هذا السياق، قال المهندس عمر باحليوة الأمين العام لمجلس الغرف السعودية لـ«الشرق الأوسط»: «إن زيارة ولي ولي العهد لأميركا، ستنقل العلاقات من مرحلة العلاقات التقليدية إلى العلاقات التشاركية الاستراتيجية، بين البلدين، من خلال ثلاثة محاور أساسية، تتمثل أولا في تعظيم الصندوق السيادي، وصندوق الاستثمارات العامة نسبة لرغبة هذا الصندوق في الاستثمار في فرص أميركية». والمحور الثاني، وفق باحليوة، جذب الاستثمارات الأميركية إلى السعودية، وبالتالي بعض الصناعات والتقنية، والشراكات طويلة المدى، مبينا أن المحور الثاني، يتمثل في بدء مشاريع مشتركة بين الرياض وواشنطن، سواء في المملكة أو في أميركا أو في دول أخرى، مشيرا إلى أن محاور رئيسية شاملة لبرامج الرؤية السعودية 2030. من ناحيته، قال عبد الله المليحي عضو مجلس الغرف السعودية لـ«الشرق الأوسط»: «إن العلاقة بين بلدين كالسعودية وأميركا تعني العلاقة بين أهم اقتصاديين كل في منطقته، وبالتالي مباحثات الأمير محمد بن سلمان ولي ولي العهد لأميركا ستسهم بشكل كبير في تحقيق الثمار المرجوة من التعاون بين الرياض وواشنطن اقتصاديا وفق طموحات الرؤية السعودية 2030». ولفت إلى أن الرؤية السعودية 2030 ستنتقل إلى مرحلة العلاقة الاستراتيجية بين البلدين، بما يسمى بمبادرة القرن الـ21 لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، بحيث لا تقتصر هذه الشراكة على المجالات والعلاقات التقليدية كالبترول مثلا بل هي شراكة استراتيجية بعيدة المدى، ذات عمق ويعمل فيها أكثر من طرف. وقدّرت الهيئة العامة للإحصاء في السعودية، حجم التبادل التجاري بين الرياض وواشنطن خلال الربع الأول من عام 2016، بنحو 30.498 مليار ريال (8.1 مليار دولار)، سجلت خلاله صادرات المملكة 12.117 مليار ريال (3.2 مليار دولار)، بما يمثل 9 في المائة من إجمالي صادراتها، بينما سجلت الواردات 18.381 مليار ريال (4.9 مليار دولار). وأكدت «لإحصاء السعودية» في تقرير أصدرته أمس وحصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، أن صادرات المملكة عام 2015، بلغت 80.525 مليار ريال (23.6 مليار دولار)، بما يعادل نسبة 11 في المائة من إجمالي الصادرات في العام نفسه، في حين بلغت الواردات من أميركا 89.678 مليار ريال (23.9 مليار دولار)، وتعد أعلى مستويات التبادل التجاري بين البلدين، التي وصلت لها على مدى 25 عامًا، بما يعادل نسبة 14 في المائة من إجمالي واردات المملكة عام 2015. ووفق التقرير فإن إجمالي حجم التبادل التجاري بين البلدين خلال الفترة من عام 1991 إلى 2015 بلغ 3.222 تريليون ريال (859.2 مليار دولار)، أي بمتوسط سنوي بلغ 128ز9) مليار ريال، وسجل إجمالي فائض ميزان الحساب الحالي (1.23) تريليون ريال (328 مليار دولار)، منها 2.225 تريليون ريال (592.8 مليار دولار) إجمالي صادرات، و996.126 مليار ريال (265.6) إجمالي واردات. وبلغ أعلى حجم تبادل تجاري بين البلدين عام 2012. وقدره 287.109 مليار ريال (76.5 مليار دولار)، ومستوى صادرات بلغ 208.339 مليار ريال (55.5 مليار دولار) بنسبة تعادل 14.3 في المائة من إجمالي صادرات المملكة، في حين كانت أعلى نسبة لصادرات المملكة إلى أميركا عام 1991. بنسبة بلغت نحو 22.9 في المائة، من إجمالي صادرات المملكة في العام نفسه. ونوه التقرير بأن أعلى قيمة للواردات السعودية من أميركا كانت عام 2015، بقيمة تقدّر بـ89.678 مليار ريال (23.9 مليار دولار)، وتمثل نسبة 14 في المائة من إجمالي واردات المملكة، بينما سجلت المملكة أعلى فائض في حساب الميزان التجاري عام 2008، بقيمة قدرت بـ136.414 مليار ريال (36.3 مليار دولار)، وأعلى نسبة لواردات المملكة كان عام 1992بنسبة بلغت 22.5 في المائة. يشار إلى أن العلاقات السعودية - الأميركية، نمت تمضي بشكل قوي على مدى أكثر من 80 عاما، متحدية كل الصعوبات والتقلبات السياسية والاقتصادية التي شهدها العالم خلال تلك الفترة الماضية، التي صحبتها حالة من الركود الاقتصادي بسبب تذبذب أسعار النفط، حيث تعد الرياض الشريك التجاري الثاني عشر لواشنطن، فيما تعد واشنطن ثاني أكبر شريك تجاري للرياض. يذكر أن أميركا حائزة أيضا على أكبر حصة من الأسهـم للاستثمـار الأجنبـي المباشـر مـن السعودية، في حين تشمل العمليات الاستثمارية الرئيسية إنشاء شركة صدارة الكيميائية، وهي مشروع مشترك بين شركة داو للكيماويات وشركة أرامكو السعودية، قدرت تكاليفه بأكثر من 20 مليار دولار وهو أكبر مشروع بتروكيميائي يشهده العالم. وتوّج قطاع الأعمال في البلدين العلاقات الثنائية الاقتصادية، بإنشاء مجلس الأعمال السعودي - الأميركي الذي تأسس في الولايات المتحدة في ديسمبر (كانون الأول) من عام 1993، ويمارس عمله من خلال مكاتب في الرياض وفي واشنطن، بهدف تعزيز العلاقات الاقتصادية بين البلدين، من خلال زيادة التجارة والاستثمار وتوفير المعلومات حول الفرص التجارية ذات القيمة المضافة. وعقد أول اجتماع لمنتدى فرص الأعمال الأميركي السعودي في الولايات المتحدة في شيكاغو في عام2010، واستقطب ذلك الحدث أكثر من 1.1 ألف من رجال وسيدات الأعمال من البلدين كليهما لاستكشاف فرص جديدة للتعاون وتوسيع العلاقات التجارية القائمة، حيث كان أكبر تجمع من نوعه لعلاقة تجارية ثنائية في تاريخ البلدين. وشهدت أتلانتا في عام 2011 ولوس أنجليس في عام 2013، ومنتدى فرص الأعمال الرابع الذي عقد في شهر مارس (آذار) الماضي بالعاصمة السعودية الرياض، حيث تعتبر من التجمعات الاقتصادية السعودية - الأميركية الناجحة من حيث الحجم والاتساع.
مشاركة :