إصلاحات سوق العمل تلقي بظلالها على أرباح الشركات السعودية

  • 1/24/2014
  • 00:00
  • 10
  • 0
  • 0
news-picture

عكست نتائج الشركات السعودية في 2013م اتساعاً جلياً لتأثير إجراءات إصلاح سوق العمل، التي تبنتها الحكومة على مدى عامين ونصف، ليشمل قطاعات أوسع في المملكة. وحققت الشركات السعودية أرباحاً مُجمّعة قياسية في العام الماضي، مواصلة موجة الصعود للعام الخامس على التوالي، يقودها قطاعا البتروكيماويات" و"المصارف"؛ ما يعزز النظرة الإيجابية لأكبر سوق أسهم في الشرق الأوسط. وبلغت الأرباح المجمعة للشركات السعودية في الربع الأخير من 2013م، 24.7 مليار ريال، مقارنة بـ 19.5 مليار في 2012م، بزيادة 26.7 في المائة. وخلال العام بأكمله، سجّلت الشركات أرباحاً مُجمّعة قيمتها 103 مليارات ريال، بزيادة 7 في المائة عن 96.4 مليار في 2012م. ولم تخلُ النتائج من بعض المفاجآت، مع تسجيل عدد من الشركات الكبرى أرباحاً دون توقعات المحللين، ومع تحقيق أخرى نتائج تفوق التوقعات، أبرزها "الاتصالات السعودية" التي سجّلت قفزة في صافي الربح فاقت تسعة أمثال مستواه قبل عام، إذ بلغ 3.62 مليار ريال، فيما كان متوسط التوقعات يدور حول 2.51 مليار. وقالت وكالة رويترز، في تحليل نشرته أمس: إن الأثر الأبرز للنتائج الفصلية في 2013م، هو امتداد تأثير إصلاحات سوق العمل وحملات تعقب العمالة المخالفة إلى قطاعات أخرى بالاقتصاد. وبدأت وزارة العمل في أواخر 2012م فرض رسوم على الشركات، قدرها 2400 ريال، لكل عامل أجنبي يزيد على عدد العاملين من المواطنين السعوديين، في إطار برنامج يهدف لتشجيع الشركات على تعيين المواطنين السعوديين. وتبنت الوزارة سياسات إصلاحية أخرى، كبرنامج "نطاقات" الذي يفرض على الشركات حصصاً لتوظيف المواطنين، كما شنت حملة على مخالفي سوق العمل، أسفرت عن ترحيل أكثر من مليون عامل أجنبي من أصل تسعة ملايين وافد يعملون في السعودية. وأظهرت النتائج التي أعلنتها الشركات السعودية تأثيراً واسع النطاق، ليس فقط على شركات المقاولات التي تعتمد بشكل مكثف على العمالة الوافدة، لكن أيضاً على قطاعات مثل "المصارف"، و"الاتصالات"، و"الإنشاءات"، و"الأسمنت". ففي قطاع المصارف، بلغت الأرباح المُجمّعة لـ 11 مصرفاً مُدرَجاً في سوق الأسهم، 6.68 مليار ريال في الربع الأخير من 2013م، بزيادة طفيفة لم تتجاوز 0.4 في المائة عن 6.66 مليار في 2012م. وجاءت نتائج مصارف كبرى في القطاع دون متوسط توقعات المحللين، وشملت تلك مصارف "سامبا"، و"الراجحي"، و"السعودي الفرنسي"؛ وهو ما عزاه محللون تحدثت معهم وكالة رويترز إلى تجنيب نسبة كبيرة من المخصصات. وسجّل مصرف الراجحي، أكبر مصرف مدرج في السوق، انخفاضاً بأكثر من 19 في المائة في صافي أرباح الربع الأخير، ليصل إلى 1.55 مليار ريال، فيما كان المحللون يتوقعون أن يسجّل في المتوسط 1.99 مليار في الربع الرابع. وقال تركي فدعق، رئيس الأبحاث والمشورة في شركة تعمل في الاستثمارات: "كان من اللافت للنظر انخفاض أرباح مصرف الراجحي. المصرف يعتمد بنسبة 65 في المائة في دخله على قطاع الأفراد، وفي اعتقادي أن السبب وراء الانخفاض كان تجنيب مخصصات بشكل أكبر من المتوقع". وسجّل البنك السعودي الفرنسي، خامس أكبر مصرف في المملكة، هبوطاً تجاوزت نسبته 66 في المائة في أرباح الربع الأخير من العام الماضي، ليصل إلى 274 مليون ريال، وهو رقم يقل عن توقعات بتحقيق 771.29 مليون ريال. ويرى المحللون أن المصارف جنّبت مخصصات كبيرة، لتكون على استعداد لمواجهة احتمال تأخر شركات المقاولات في سداد القروض، أو في تعثرها في السداد. وقال عاصم بوختيار، رئيس الأبحاث في شركة استثمارات: "يمر قطاع الإنشاءات بوقت عصيب، وإذا كانت المصارف تقرض شركات بالقطاع، فإنها حتماً ستتأثر. يحتاج الأمر إلى تجنيب مصرف أو مصرفين مخصصات للتحوط ضد الانكشاف على القطاع، لتقوم المصارف الأخرى بخطوات مماثلة". لكن ثامر السعيد، يرى أنه من الطبيعي أن تنكشف المصارف على قطاع المقاولات والإنشاءات، والقطاعات المرتبطة بها، في ظل الاستثمار الحكومي الهائل في تحديث البنية التحتية. ويضيف: "من المستبعد أن يكون ذلك الانكشاف مطلقاً، وأنه قد يكون جرى تجنيب مخصصات كبيرة بشكل مباشر لتغطية (ديون) قطاع المقاولات، لكن من الممكن أن يأخذ القطاع حصة من إجمالي مخصصات 2014م". ويرى أن تأثر المصارف سلباً بإصلاحات سوق العمل، جاء نتيجة انخفاض رسوم المصارف من التحويلات التي كان يجريها العمال المخالفين لذويهم، لا سيما بعد ترحيل عدد كبير منهم. لكن مع ذلك، تبقى النظرة المستقبلية للقطاع قوية، فقد قالت وكالة فيتش للتصنيف الائتماني، في تقرير يوم الثلاثاء الماضي: إن المصارف ستواصل تحقيق أداء جيد في 2014م، في ظل فرص كبيرة للإقراض، بدعم من التوقعات الإيجابية للاقتصاد، على خلفية الإنفاق الحكومي السخي، وارتفاع أسعار النفط. وقالت "فيتش": إن النظرة المستقبلية للقطاع المصرفي السعودي مستقرة، وتوقعت استمرار النمو القوي للإقراض المصرفي، الذي بلغ 13.8 في المائة في تشرين الثاني (نوفمبر). وكان قطاع المقاولات أكثر القطاعات تضرراً من إجراءات تعقب العمالة المخالفة، لاعتماده بكثافة على العمالة الأجنبية الرخيصة، وهو ما اتضح جلياً من نتائج أعمال الشركات العاملة في القطاع. وسجلت شركة أبناء عبد الله عبد المحسن الخضري السعودية أحد أبرز الشركات العاملة في القطاع هبوطا نسبته 69 بالمائة في صافي أرباح الربع الرابع وعزت ذلك لأسباب من بينها زيادة تكلفة العمالة. وقالت الشركة: إن الزيادة في تكلفة تصاريح العمل، عبر رسوم قيمتها 2400 ريال، أدّت إلى تحملها 25.7 مليون ريال في 2013م. وأضافت، أن التأخر في إصدار تأشيرات العمالة دفعها لاستئجار عمالة مؤقتة، بأتعاب أكثر من ضعف عمالة مماثلة، مستقدمة بتأشيرات بلغت قيمتها 38 مليون ريال، وبزيادة 5.6 مليون ريال عن 2012م. وامتد التأثير لقطاعات أخرى، ففي قطاع الاتصالات تكبّدت شركة زين السعودية خسائر صافية، قدرها 462 مليون ريال في الربع الأخير من 2013م، بفعل انخفاض الإيرادات نتيجة تصحيح أوضاع العمالة، وخفض عدد الحجاج، لتتجاوز الخسائر متوسط توقعات المحللين. وتعليقاً على ذلك، قال السعيد: "كان التأثير واضحاً على قطاع الاتصالات، فقد انخفض عدد خطوط الهاتف النشطة إلى 51 مليون خط (بعد ترحيل العمالة المخالفة) من 54 مليون خط قبل ذلك". ورغم تلك الآثار، أجمع المحللون على أن الاقتصاد سيتكيف في المدى الطويل مع الإجراءات، وأن السوق السعودية ستواصل توفير فرص استثمار جذابة. ويرى المحللون، أن الآثار الناجمة عن إصلاح سوق العمل "أمر مؤقت"، ربما يمتد لربع أو ربعين إضافيين، لكن الشركات ستتكيف معه في النهاية، وأن الفرص المستقبلية لتحقيق النمو "لا تزال جيدة". وقال رامي صيداني، رئيس الاستثمار لدى "شرودرز الشرق الأوسط": "لا تزال العوامل الأساسية للسوق السعودية قوية، ولا تزال السوق تتمتع بفرص نمو جيدة. نحن متفائلون بالسوق السعودية بوجه عام، إذ تواصل السوق توفير فرص كبيرة ولا تزال التقييمات بها جذابة على المدى الطويل".

مشاركة :