كان فتح مكة في العشرين من شهر رمضان، حيث عزم سيدنا رسول الله –صلى الله عليه وسلم- على الغزو، وفتح مكة، بعد أن نقضت قريش الصلح الذي عقده معها، وهو المشتهر بصلح الحديبية، نسبة للموضع الذي عقد فيه، وكانت خزاعة قد دخلت في حلف مع رسول الله –صلى الله عليه وسلم- وكان بينها وبين بنو الدئل بن بكر ثارات وعداوات، فلما كانت الهدنة التي وقت لها الصلح عشر سنوات، أرادوا اغتنام زمن الهدنة فاعتدوا على خزاعة، فكان لزاماً أن يرد عنهم العدوان من حالفهم فكان ذلك سببا لفتح مكة، وإن كان سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم والمهاجرون معه يتوقون للعودة إلى مكة، بعد أن أخرج أهلها رسول الله صلى الله عليه وسلم، حينها وقف على مشارفها فقال: إنك خير أرض الله وأحب الأرض إلى الله ولولا أن أهلك أخرجوني ما خرجت، وكانت قريش قد استولت على أموالهم بمكة، فلهم حقوق لابد وأن يأخذوها، كما أن قريشاً كانت تقف بين رسول الله –صلى الله عليه وسلم- والعرب، وكان لابد للدعوة أن تصل إلى كل أرجاء جزيرة العرب، فكان الفتح الأعظم السبيل الأمثل ليعم الإسلام أرض الجزيرة كلها، وهو الدين الذي لا يكره أحداً على الدخول فيه، حيث يقول ربنا عز وجل (لا إكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الغَيِّ فَمَن يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الوُثْقَى لا انفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ)، والإسلام دين الفطرة الذي يدخل القلوب بسهولة ما لم يحل دون دعوته حائل، فيوم أن دخل سيدي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مكة، وعليه عمامة سوداء بغير إحرام، وهو واضع رأسه حين رأى ما أكرمه به من الفتح، حتى إن ذقنه ليكاد يمس واسطة الرحل، وحين استقر به المقام بمكة وخطب في الناس ذكرهم أن الله حرم مكة يوم خلق السموات والأرض، فهي حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة، فلا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسفك فيها دماً ولا يعضد فيها شجراً، لم تحل لأحد كان قبلي ولا تحل لأحد يكون بعدي، ورغم ما نال أصحابه من أذى قريش بمكة إلا أنه عفا عن أهلها، حينما سألهم قائلاً: «ما تظنون أني فاعل بكم فقالوا: خيراً أخ كريم وابن أخ كريم، فقال: لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم»، فعفى عنهم وآمنوا وآمن الناس كلهم في أرض الجزيرة معهم حينما عم الإسلام فيها، ونال كل ذي حق حقه، فكانت مكة منبر الهدى والسماحة والاعتدال حتى يوم القيامة بإذن الله. alshareef_a2005@yahoo.com
مشاركة :