لندن: مينا الدروبي المخرج السينمائي عثمان أبو لبن يعد هذه الأيام مسلسل «صديق العمر»، ويتناول فيه العلاقة بين الزعيم المصري الراحل جمال عبد الناصر والمشير عبد الحكيم عامر إحدى الشخصيات الأكثر نفوذا في السياسة المصرية، والذي كان بمثابة أخ لعبد الناصر في نواح كثيرة من حياته. المسلسل يتناول العلاقة بين اثنين من الأصدقاء عاشا حياتهما كلها معا، وفي النهاية مات أحدهما بسبب وضع سياسي كان الآخر مسؤولا عنه، كما يقول أبو لبن. كلاهما كان مسؤولا عن هزيمة العرب، لا أسميها هزيمة مصر في حرب عام 1967. بدأ أبو لبن حياته المهنية كمصور وإخراج الأغاني المصورة والإعلانات التلفزيونية، اتجه بعدها إلى الأفلام، وأخرج أربعة منها. وأخرج أيضا مسلسل «مواطن إكس» الذي تُرجم إلى اللغات الإيطالية والإسبانية والفرنسية، ومسلسل «فيرتيجو». وفي هذا اللقاء يتحدث أبو لبن عن المسلسل الذي من المقرر أن يعرض في شهر يوليو (تموز) خلال شهر رمضان. وفيما يلي نص الحوار مع «الشرق الأوسط»: * ما الذي دفعك لإخراج هذا المسلسل التاريخي؟ - توجد علاقة بين الوضع السياسي في ذلك الوقت وفي العصر الحالي، كانت هناك ثورة ومشكلة بين «الإخوان المسلمين» والجيش في ذلك الوقت وهي نفس المشكلة التي تحدث اليوم. كان الجميع يبحث عن بطل وزعيم وكان جمال عبد الناصر هو هذا الزعيم، والآن الجميع ينظر إلى عبد الفتاح السيسي كمنقذ للوضع السياسي الذي يحدث في مصر الآن والذي يؤثر بدوره على معظم الدول العربية. * هل قمت بإخراج هذا المسلسل لأسباب شخصية أم من أجل الجمهور؟ - دعنا نتفق على شيء، هذا المسلسل عمل فني تجاري، لذلك جزء منه فن والجزء الآخر عمل تجاري. إذا لم يكن عملا تجاريا جيدا فلن يكون هناك فن، وإذا لم يكن العمل الفني جيدا فسيلحق به الفشل، لذلك نحن نخلط الاثنين معا. نحاول استهداف كل جماهيرنا من جميع الدول العربية لنعرض لهم جزءا من تاريخ مصر له علاقة بسوريا والسعودية واليمن وفلسطين والأردن. وهكذا فإنه يوحد بين الدول العربية حول ما حدث في مصر في ذلك الوقت. بالنسبة لي، إنه مشروع عظيم على المستوى السياسي والفني، إنه تحد كبير أن أخرج عملا تاريخيا، وفيه مخاطرة ومسؤولية كبيرة، لكني أحب هذا النوع من الضغط والعمل. * هل تعتقد أن هذا المسلسل سوف يخلق صراعا سياسيا في مصر بمجرد عرضه؟ - بالطبع، ليس في مصر فقط بل ما حولها أيضا، فهي حلقة وصل بين الدول القديمة والجديدة معا، وحلقة الوصل أيضا بين آسيا وأوروبا وأفريقيا، وأعتقد أنه سيحمل تناقضات كبيرة بين الطريقة التي يعمل بها النظام وتاريخ المنطقة. * كيف تقارن هذا المشروع بأعمالك السابقة.. هل تشعر بأنه مختلف؟ - كل شيء مختلف، بدأت حياتي المهنية كمصور ثم اتجهت لإخراج الأغاني المصورة وإعلانات تلفزيونية، ثم بدأت أخرج أفلاما، وصل عددها إلى أربعة أفلام. وقمت أيضا بإخراج مسلسل «مواطن إكس» الذي تُرجم إلى اللغات الإيطالية والإسبانية والفرنسية. وأخرجت مسلسل «فيرتيجو» الذي تُرجم إلى بعض اللغات. أنا أحب هذا النوع من التحدي.. على المستوى الإنساني والسياسي.. تماما مثل مسلسل «صديق العمر»، القصة بين اثنين من الأصدقاء عاشا حياتهما كلها معا، وفي النهاية مات أحدهما بسبب وضع سياسي كان الآخر مسؤولا عنه. كلاهما كان مسؤولا عن هزيمة العرب، لا أسميها هزيمة مصر لأنها كانت عبارة عن مجموعة من الدول أثناء حرب عام 1967. * كيف طورت فكرة هذا العمل؟ - حصلنا على معظم الأفكار من كتاب «الرئيس والمشير» للكاتب ممدوح الليثي. على الرغم من صدور الكتاب منذ سبع سنوات تقريبا، لم يقم أحد بإنتاجه حتى الآن. إيهاب طلعت مخرج عظيم وهو صاحب «آي - برودكشن»، توصلنا معا إلى هذه الفكرة وقررنا المضي قدما، إنها قصة سياسية عظيمة وتوقيتها مثالي. جلسنا مع محمد ناير، كاتب السيناريو، وبدأنا في المشروع. ونستعد الآن للبدء في التصوير الشهر المقبل لإذاعته خلال شهر رمضان. * متى اتجهت إلى الإخراج.. وما الذي دفعك إليه؟ - كمصور أحب تكوين صورة وقصة جيدتين. في كل مرة كنت ألتقط صورة كنت أرغب في التعبير عن شيء ما، ليست مجرد صورة لفتاة جميلة واقفة، بل أردت أن أخلق نوعا من السحر حول الصورة. أخذني ذلك إلى عمل الإعلانات لخلق السحر حول الصور. تأتي أفكاري من خارج الصندوق مما ساعدني على التقدم مهنيا. تقابلت مع المنتج طالب الكاشف بفكرة لأغنية مصورة بالفيديو، وطلب مني التقدم وإخراج هذا الفكرة. لم تكن لديّ خبرة من قبل، بالنسبة لي كانت مسؤولية كبيرة، فلم أكن أعرف أي شيء عن الإخراج، لكنه وصل إلى المرتبة الثانية في ذلك الوقت. أدركت بعدها أن علي دراسة الإخراج، وبالفعل درست في معهد الفيلم الأميركي في الولايات المتحدة وبدأت دراسة إخراج وإنتاج الأفلام. عدت إلى مصر لإخراج أغان مصورة لمصطفى قمر وأصالة وعامر منيب وإيهاب توفيق وعدد من الفنانين الآخرين. قمت بإخراج 35 - 40 أغنية وكانت كلها مختلفة وأصلية وتحتوي على أفكار جديدة. أردت أن أخطو خطوة للأمام، وحدث هذا عندما أخرجت فيلم «أحلام عمرنا» وأعمالا أخرى محدودة. بعد ذلك، بدأت بالمسلسل التلفزيوني «المواطن إكس» والآن «صديق العمر». * هل تفضل الأفلام السينمائية أم المسلسلات التلفزيونية؟ - ليس هناك شيء مثل السينما، يخرج الناس من بيوتهم لدفع المال والجلوس على مقعد لمدة ساعتين لمشاهدة عملي السينمائي. وهذا يختلف عن البقاء في بيوتهم للمشاهدة، حيث يمكنهم تغيير القناة، وهذا له مذاق مختلف. كلاهما شيق لكني أحب السينما أكثر. * من هو الممثل أو المطرب الذي تفضل العمل معه؟ - في كل مرة أعمل مع ممثل أو مطرب أعتبره البطل، وأنا المسؤول عنه. لذا جميعهم لهم مكانة في قلبي ولا يمكن أن أفضل أحدهم على الآخر، وأنا أعتبرهم مثل أبنائي. في كل مرة أعمل مع أحد منهم أقدمه في قصة جديدة تعبر عني، لذلك لا أستطيع حقا أن أفضل أحدا منهم. * هل واجهت أي قيود عندما كان الأمر يتعلق بالتصوير السينمائي في الماضي؟ - توجد دائما خطوط لا يجب أن تتعداها ولا بد من الالتزام بها، إذا كنت أمينا ولا تمارس أي ألاعيب يمكنك تجاوز الخطوط دون أن تسيء إلى أحد، ولا لنفسك، لذلك عليك أن تفكر جيدا بالفعل كيف ستنفذ العمل الخاص بك.. كيف سيراه ويشعر به الجمهور. من الأفضل أن تضع الحدود الخاصة بك وهذا ما أقوم به. إنها التناقضات الذاتية والسيطرة على الذات. * ما النصيحة التي يمكن أن تقدمها لصناع الأفلام في المستقبل؟ - تعلم واستمر في التعلم، لأنك لا تستطيع الاكتفاء من التعليم. أنا ما زلت أدرس وأذهب إلى ورش العمل حتى الآن. الشيء الثاني: افعل ما تشعر به وتحتاج لأن تفعله.. حاول أن تخرجه وتعبر عن نفسك. يريد منك الجمهور أن تجعله يضحك أو يبكي، يريد منك أن تجعله يشعر بشيء ما، وليس أن تعرض له ما يشاهده فقط، بل يريد أن يتأثر بما يشاهده. هذه هي الطريقة التي أتبعها في كل فيلم وأغنية ومسلسل أقوم بإخراجه.
مشاركة :