ترأس العاهل المغربي الملك محمد السادس، مساء أول من أمس، في جامعة القرويين بفاس، حفل تنصيب «المجلس الأعلى لمؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة»، الذي يضم 99 عالما وعالمة من أفريقيا، ينتمون لـ30 دولة، إضافة إلى 20 عالما وعالمة مغاربة. وقال العاهل المغربي في كلمة بالمناسبة، إن قرار إحداث هذه المؤسسة ليس نتاج ظرفية طارئة، ولا يهدف لتحقيق مصالح ضيقة أو عابرة، وإنما يندرج في إطار منظور متكامل للتعاون البناء، والتجاوب الملموس مع مطالب عدد من البلدان الأفريقية الشقيقة، على الصعيدين الرسمي والشعبي، في المجال الديني، مشيرا إلى أن أبرز تجليات هذا التجاوب، قبول كثير من الطلبة الأفارقة للدراسة في معهد محمد السادس لتكوين الأئمة والمرشدين والمرشدات. وأضاف ملك المغرب أن هذه المبادرة تجسد عمق الأواصر الروحية العريقة، التي ظلت تربط الشعوب الأفريقية جنوب الصحراء «بملك المغرب أمير المؤمنين، ولما يجمعنا بها من وحدة العقيدة والمذهب، والتراث الحضاري المشترك»، مشيرا إلى أنه يعدها «لبنة إضافية، تعزز توجهنا الاستراتيجي للارتقاء بعلاقات التعاون السياسي والاقتصادي، التي تجمع المغرب بعدد من الدول الأفريقية الشقيقة، إلى شراكة تضامنية فعالة، في مختلف المجالات». وعد العاهل المغربي «مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة» إطارا للتعاون وتبادل التجارب، وتنسيق الجهود بين العلماء، «للقيام بواجبهم في التعريف بالصورة الحقيقية للدين الإسلامي الحنيف، وبقيمه السمحة، القائمة على الاعتدال والتسامح والتعايش، وجعلها في خدمة الأمن والاستقرار والتنمية بأفريقيا»، وقال: «إننا لواثقون بأن هذه المؤسسة، بمختلف فروعها في البلدان الأفريقية، ستقوم إلى جانب كل الهيئات الدينية المعنية، بدورها في إشاعة الفكر الديني المتنور، ومواجهة ما يروج له بعض أدعياء الدين من نزوعات التطرف والانغلاق والإرهاب باسم الإسلام، وهو منها براء». بدوره، قال وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية المغربي أحمد التوفيق، الرئيس المنتدب للمؤسسة، إن التوجه الأفريقي لسياسة الملك محمد السادس لا تمليه سياسة تعاونية عادية عابرة، تنحصر في مبادلة البضائع والمصالح، «بل هو توجه متعدد الأبعاد يستمد تميزه من الأواصر الجغرافية والروابط التاريخية والأسانيد العلمية والمسالك الروحية، والاشتراك بين المغرب وعدد من بلدان أفريقيا في الثوابت الدينية والعقدية والمذهبية». وأشار التوفيق إلى أن آفاق مستقبل هذه المؤسسة ستتبلور في «شراكة في الخبرة بين علماء المغرب وعلماء البلدان الأفريقية الراغبين في ذلك، بالقدر المتاح لهم سياقا وقانونا من أجل مقاربة شمولية لقيام الدين بحمايته وتنمية خدماته». من جهته، أكد بوبكار دوكور، عالم من بوركينافاسو، في كلمة باسم العلماء، أن حضور العلماء الأفارقة المتشرفين بعضوية «المجلس الأعلى لمؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة» يعكس «انخراطهم ومباركتهم لمبادرة ملك المغرب أمير المؤمنين الهادفة إلى إقامة كيان يمكن علماء أفريقيا من التعاون في سبيل خدمة دينهم وتنمية مجتمعاتهم». وأعرب دوكور عن أمله في أن تكون المؤسسة الجديدة مشتملة على كل علماء أفريقيا الأوفياء الموثوقين على مصالح بلدانهم العليا، وأن تسير على الأهداف التي وردت في النص المحدث لها، ويضاف إلى أولوياتها محاولة تسوية جميع الصراعات القائمة، لا سيما في أفريقيا، تسوية شاملة ودائمة وقائمة على العدل وإحقاق الحقوق، وتشجيع استمرار الحوار بين الديانات والثقافات المختلفة، على أساس من الاحترام المتبادل وعدم محاولة أي طرف فرض قيمته وثقافته على الآخرين. وطبقا للظهير الشريف (مرسوم ملكي) المؤرخ في 7 رمضان 1436 (24 يونيو (حزيران)2015)، المتعلق بإحداث «مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة»، يتألف «المجلس الأعلى» للمؤسسة، علاوة على الرئيس المنتدب للمؤسسة بصفة رئيس، من جميع أعضاء المؤسسة. ويتكلف هذا المجلس بالشؤون العامة للمؤسسة، حيث يتداول كل القضايا التي تهمها، ويتخذ جميع القرارات التي تمكنها من تحقيق أهدافها، لا سيما تحديد التوجهات العامة للمؤسسة، ودراسة برنامج عملها السنوي والمصادقة عليه، إلى جانب مشروع ميزانية المؤسسة، ومشروع النظام الداخلي. كما يعمل على دراسة القضايا المحالة إليه من قبل رئيس المؤسسة، وترشيحات الأعضاء الجدد بها وعرضها على الرئيس، والمصادقة على التقرير المتعلق بالحصيلة السنوية لأنشطتها وتقريرها المالي. كما يطلع على التقرير الذي ينجزه خبير الحسابات حول الوضعية المحاسبية للمؤسسة.
مشاركة :