من بين الاكتشافات الثورية التي تحدث في مجال علوم الفضاء، الإعلان عن أن سفينة "كيبلر" الفضائية اكتشفت 1284 كوكبا جديدا خارج نظامنا الشمسي، ليرتفع عدد الاكتشافات المؤكدة إلى أكثر من 3 آلاف كوكب. مثل هذه الاكتشافات كانت تُعد حدثا كبيرا في السابق، أما مع تطور أدوات الاستكشاف والمراقبة، فقد باتت حدثا مألوفا. ولكن يبقى السؤال الذي يشغل بال كثيرين قائما: هل هناك حياة خارجية غيرنا، وهل بتنا أقرب لاكتشاف ذلك؟ نعم تتوافر معلومات كافية تؤكد وجود حياة أخرى في فترة ما من تاريخ الكون. ففي عام 1961، طُلب من رائد الفضاء فرانك دريك عقد لقاء علمي لبحث احتمالية حدوث اتصال بين المجرات، وقد حدد دريك 7 عوامل تحدد عدد الحضارات الخارجية الموجودة، وتعرف تلك العملية الآن باسم "معادلة دريك": العامل الأول، كسر النجوم التي تولد كل يوم، والثاني كسر الكواكب التي تدور حول كل نجم، ثم كسر الكواكب التي تدور في مسارات تلائم تكوُّن حياة، وكسر الكواكب التي بدأت فيها حياة بالفعل، ثم كسر الكواكب التي يوجد عليها حضارة متقدمة، بمعنى تنبعث منها موجات إذاعية. وأخيرا متوسط عمر الحضارة التكنولوجية. اعتمدت معادلة "دريك" على آلية لتنظيم حلقة نقاش لفهم ما نحتاجه للإجابة عن السؤال الخاص بوجود حضارات خارجية. وفي عام 1961، لم يكن العالم يفهم سوى العامل الأول من المعادلة. وتركَّز النقاش حول الحياة الخارجية على الشد والجذب بين المتفائلين والمتشائمين. فما المقصود بكسر الكواكب التي توجد عليها حياة؟ يميل المتفائلون إلى أن العدد كبير، أما المتشائمون فيقولون إنه يقترب من الصفر، وحجتهم في ذلك هي أننا لا نعرف سوى كوكب وحيد صالح للحياة، وهو كوكب الأرض. ثم لنأتي إلى متوسط عمر حضارة ما، كيف سنحدد هذا المتوسط إذا كنا نحن البشر لم نستخدم تكنولوجيا الموجات الإذاعية إلا قبل قرن من الزمان، وإلى متى ستصمد حضارتنا، ألف سنة مثلا أم مليون سنة؟ فإذا كان متوسط عمر الحضارة قصيرا، فعلى الأرجح تكون المجرة غير مأهولة معظم الوقت. إلا أن الاكتشافات الجديدة أزالت كثيرا من اللبس الذي يكتنف هذا الجدال. فقد بتنا الآن نفهم 3 عوامل من معادلة دريك. فعدد النجوم التي تولد كل عام أصبح معروفا، ونعرف أن نسبة النجوم التي تدور حولها كواكب هي 100 %، وحوالي 20 إلى 25 % تقع في المكان المناسب لتشكل حياة. وبالتركيز على معادلة دريك، فيمكن أن نتساءل إن كانت حضارتنا هي الحضارة التكنولوجية الوحيدة التي وُجدت يوما، متجاوزين عامل متوسط حياة الحضارة. وقد تبقى 3 عوامل مجهولة جمعت كلها في احتمالية "تكنولوجيا حيوية" واحدة، وهي احتمالية تشكل حياة ذكية وتكنولوجية. إن احتمالية وجود حياة ذكية وتكنولوجية ضعيف للغاية، لكن احتمالية أنه كانت هناك حضارة قبلنا كبيرة. وبالنظر إلى ما نعرفه الآن من أرقام ومواقع مدارية لكواكب المجرة، بات التشاؤم من إمكان وجود حضارة خارجية غير منطقي بالمرة.
مشاركة :