هل نبتكر قريبا أجهزة روبوت عملاقة نجلس داخلها لنقودها؟

  • 6/16/2016
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

هل تخيّلت نفسك تقود جهاز روبوت وأنت بداخله لتشن حرباً، أو حتى لتحمل أشياءً ثقيلة؟ يعتبر صنع جهاز كهذا، حتى في مراحل الرسوم التخطيطية الأولية له، تحدّياً كبيراً. ولكن، ما هي إمكانية تحقيق هذه التصاميم؟ وهل يمكن لنا أن نشاهد قريبا أناساً يقودون أجهزة روبوت تمشي على قدمين؟ أنشأ جوردن ويزمان من شركة "هيربريند سكيمس" في البداية مجموعة ألعاب "باتل تيك" المعتمدة على فكرة الألعاب الميكانيكية في ثمانينيات القرن العشرين. وعلى غير عادة الأمثلة السابقة من هذه الألعاب، سلك نهجاً يحظر فيه الطيران نسبياً عندما صمم في البداية ألعاب "باتل تيك". وقد تخيل جوردن أجهزة "ميك" الروبوتية المصنوعة من هيكل فولاذي محاط بعضلات اصطناعية تُشحن كهربائياً ويمكنها تحريك المفاصل، مع جهاز تثبيت وتحديد الاتجاه، ومحطة لتوليد الكهرباء داخل تلك الأجهزة. كانت الفكرة الأساسية وراء أجهزة جوردن الروبوتية تلك مقبولة منطقياً. كانت العضلات المصطنعة التي تخيلها تشبه إلى حد كبير ما يعرف بالحزم الكهربائية النشطة. يقول ويزمان: "تعتمد هذه الحزم الكهربائية، التي يمكنها أن تتمدد وتتقلص، على تزويدها بالكهرباء، وكانت هي العضلات في أجسام أجهزة ميك الروبوتية. لو تقدمنا بسرعة 30 عاماً نحو المستقبل، سنجد أن نفس هذه المواد تستعمل الآن لتطوير الأطراف الصناعية". إحدى الأسباب التي تجعل هيئة الإنسان أكثر جذبا لصناعة جهاز آلي متنقل هو التصميم المريح إلى حد كبير. ويوضح روب باكنغهام، المدير بمركز "كالهام للعلوم" قائلاً: "إن بنية الإنسان فعالة بشكل لا يصدق للتسلق على الصخور والسير على الطرقات. يكفيك أن تلقي نظرة على جندي قادر على حمل أشياء يفوق وزنها وزنه بأضعاف ليحملها إلى أي بقعة". مع ذلك، فما نخسره بالمقابل هو أن السير على قدمين يتطلب مهارة معتبرة، كما يمكن لتوازن الجسم أن يصبح أمراً يصعب التحكم فيه. Image copyright Megabots Flickr Image caption تحاكي أجهزة "ميغابوتس" هيئة الإنسان، لكنها تتحرك على عجلات بدلاً من الأقدام أضف إلى ذلك، كيف يمكنك أن تتحكم في شيء يصل ارتفاعه إلى 10 أقدام على الأقل. ويقترح البروفيسور سيثو فيجايكومار، من مركز أدنبره لأجهزة الروبوت، مجموعة من عمليات التشغيل عن بعد، مثل تلك المستعملة على متن الروبوت "باورلودر" في فيلم "غرباء من الفضاء"، بمنظوماته التلقائية التي تستجيب لما في نية القائد بمجرد التفكير فيه. يقول سيثو: "ستكون هناك مستويات متقدمة من التقنيات التي تعتمد على نوايا قائد تلك الأجهزة، لكن كثيراً من عمليات التحكم ذات المستويات الدنيا ستُبنى أيضا ضمن تلك المنظومة، مثل المحافظة على التوازن أثناء السير". في الحقيقة، يمكن لجهاز روبوتي بقدمين يقوده إنسان أن يكون احتمالا أكثر واقعية من آخر يفكر ويعمل بمفرده. يقول سيثو: "يمكن تنفيذ هذا النوع من التقنية. إنه أسهل تنفيذاً من منظومة آلية بالكامل، لأن هذه الأخيرة تواجه مشاكل كثيرة فيما يخص الاستشعار، واتخاذ القرارات حسب السياق والظروف المحيطة". مع ذلك، أياً كان نوع منظومات التحكم عن بعد فإنها تتطلب برنامجاً للاتصالات يقاوم الاختراق والتسرب ويكون قادراً على تشغيل عمليات حاسوبية تصل إلى نصف مليون عملية في الثانية. كما أن هناك سؤالاً حول كيفية تزويد أجهزة الروبوت المتنقلة تلك بالطاقة. تخيّل ويزمان أجهزة ميك روبوتية ذات تقنيات قتالية عالية تتزود بالطاقة من خلال توليدها من مفاعل يعمل بخاصية الاندماج النووي. لكن ذلك غير وارد، فأحجام مفاعلات الاندماج النووي الحالية هي بحجم مستودع ضخم. وقد استعملت أجهزة ميك الروبوتية تلك في فيلم "حافة المحيط الهادي" مفاعلات نووية (متسلسلة)، حيث أنها تزود بالطاقة وبكميات كبيرة، لكن توجد مخاوف من ناحية السلامة والأمان. يقول سيثو: "تقنيات البطاريات وأحجامها متخلفة عما يمكن تنفيذه نظرياً. هناك أبحاث حول خلايا الطاقة، لكنها لا تزال في مرحلة الطفولة المبكرة فيما يتعلق بما تستطيع القيام به". هناك مشكلة أخرى في تزويد قائد أجهزة "ميك" الروبوتية بمعلومات متعلقة بالسياق ومعرفة الظرف الآني. يقول البروفيسور سيثو: "حققنا بعض التقدم فيما يخص التحكم الآني، مثل ذلك المتعلق بالثبات (أو التوازن). المشكلة هي أننا ندرك كيف ننجز الأمر، لكن عندما تكون لديك أجهزة استشعار لما يدور حولك حقاً، فإن أي انحراف طفيف لبيانات أجهزة الاستشعار سيعطل عمل منظومة التحكم". تفيد أدوات الاستشعار التي تعمل باللمس، مثل تلك المستعملة في عصي التحكم في الألعاب، في تحديد ما إذا كنت بالفعل تقوم بلمسها أم لا. ومع ذلك، فتزويد القائد بمعلومات حسية إضافية، تضيف سياقاً آخر لما يمر به جهاز الروبوت، وهو ما يحمل معه مخاطر الإفراط في تزويد القائد بالكثير من المعلومات. من الطبيعي أنك كلما بنيت شيئاً أضخم، يصبح وزنه أثقل. ويكون الضغط الممارس على سطح ما، هو قوة مقسمة على المساحة الكلية لذلك السطح. فعندما يكون الجهاز بقدمين، مثلما هو متوقع لأجهزة ميك المستقبلية، فإن أغلب كتلته ستتركز على ساقيه. Image copyright Pha Pha Wikipedia CC BYSA 2.0 Image caption الروبوت "كوراتاس" يستخدم عجلات بدلا من أرجل صناعية يولّد ذلك ما يعرف بـ "تأثير المثقاب"، حيث يتركز كامل الوزن على مساحة صغيرة جداً. ويقول ويزمان: "تخيل وزن امرأة مرتكزا بالكامل على نصف بوصة مربعة لحذاء بكعب عالٍ، يمكن لذلك أن يثقب العديد من المواد". إنها مشكلة مماثلة واجهها الألمان عند تطويرهم لدبابة "بانزر 8 ماوس" الثقيلة خلال الحرب العالمية الثانية. كانت تزن 188 طناً وعملت بنجاح خلال المراحل التجريبية، على أرضية مصنوعة من الخرسانة المسلحة، لكنها انغرزت في الأرض في أول اختبار ميداني لها. المعضلة الأخرى هي في جعل أجهزة الروبوت تلك تمشي. وتتيح أدوات تحديد الاتجاه الموجودة حالياً في بعض الأجهزة، مثل السفن السياحية، التوازن لهذه الأجهزة. غير أن عملية السير بالنسبة لهذه الأجهزة تعد عملية غير متوازنة بالمرّة. ويمشي البشر بميلهم يميا ويسار أو إلى الأمام من خلال موازنة أنفسهم بإحدى القدمين. وكلما كان الشيء الذي تصنعه مرتفعا، يصبح توازنه أصعب. ويقول البعض إن جهاز "كوراتاس"، الذي طوّرته شركة "سويدوباشي للصناعات الثقيلة" وجهاز "مارك2" الذي طورته شركة "ميغابوتس"، يعدان من أجهزة "ميك" الروبوتية التي يمكن لإنسان أن يركبها ويتحكم فيها. ومع أن كليهما يشبهان هيئة إنسان، لكنهما لا يطبقان مبدأ التنقل باستخدام رجلين، بل إنهما يعتمدان على الحركة بعجلات لكي يتنقلا من مكان إلى آخر. تكمن إحدى المعضلات في أن تقليد هيئة الإنسان في السير مهمة صعبة من منظور هندسي. لعل وضع محرك في كل مفصل سيساعد في التغلب على هذه المعضلة، لكن هذا الحل سيتطلب وجود محركات كثيرة لكي يستند عليها باقي البدن. وهذه المحركات ستكون ثقيلة بعض الشيء، مما يعني أن وزناً كبيراً سيتركز على المفاصل، مما يجعل عملية توازن تلك الأجهزة الروبوتية خلال سيرها أكثر صعوبة. كما أُجريت أبحاث حول ما يعرف باسم العضلات الهوائية، لكنها تتطلب اثنين لفتحها وغلقها عند كل مفصل. يقول سيثو: "باستطاعتك أن تبني شيئاً له مفاصل، تصل إلى خمسة مفاصل، من خلال استعمال هذه العضلات الهوائية. لكن عندما تحاول تطبيق ذلك لبناء منظومة تمشي على قدمين، فإنها قد تخرج عن السيطرة فيما يتعلق بناحية التشغيل الالكتروني، والتوجيه، وتمدد الأسلاك." وتوجد بالفعل بوادر لإنتاج أجهزة روبوت كاملة يمكن للبشر ركوبها وقيادتها من داخلها، وذلك في النموذج البدائي لشركة "أكتيف-لينك" المتجسد في هيكل خارجي لجهاز تطلق عليه الشركة اسم "أسّست سووت أي.دبليو.إن.-03". Image copyright Superewer Wikipedia Image caption دبابة "بانزر 8 ماوس" الألمانية الثقيلة أنتجت خلال الحرب العالمية الثانية، وكانت تزن 188 طناً ويجري تطوير بدلة روبوتية كهذه كحل لنقص العمالة التي قد تنشأ بسبب شيخوخة السكان، إذ أن المصاعد والرافعات الشوكية لا تلائم كل الظروف والأحوال. ويقول هيروميشي فوجيموتو، رئيس شركة "أكتيف-لينك": "هناك مجالات معينة لا يمكن تشغيل الآلات فيها، وسيظل العاملون في مجالات صناعية معينة بحاجة لحمل أشياء ثقيلة بأنفسهم." وستركز المرحلة التالية لأجهزة "أسّست سووت" على تقليص الوزن وتكاليف الإنتاج، قبل البحث في تطوير نموذج يلائم الأعمال الأثقل. سيكون جهاز "أسّست سووت" الجديد قادراً على رفع أشياء لا يقدر أشخاص على رفعها بمفردهم. لعلنا سنشهد يوماً ما هيكلاً يقوده إنسان لنقل البضائع، وربما لنقل أبنية ثقيلة. مع ذلك، فإن أجهزة الروبوت تلك التي تتجول في شوارع مدن المستقبل ستبقى شيئاً نراه في الأفلام. يقول ويزمان: "إنه وهم رائع. لكن آخر ما تريد أن تكون بداخله هو مركبة عسكرية آلية ذات قامة عالية". يتفق آخرون مع هذا الرأي. ويقول سيثو: "من بعض النواحي، نملك التقنية بالفعل. وسنصنع أجهزة ميك الروبويتة الشبيهة بالبشر، ولكن فقط إذا ما وجدنا تطبيقاً عمليا لها. وسيكون مؤلفو الخيال العلمي فقط هم من يهتمون بالتفاصيل الخاصة بما إذا كانت تلك الأجهزة بساقين أو بذراعين". يمكنك قراءة الموضوع الأصلي على موقع BBC Future.

مشاركة :