أعربت دول مجلس التعاون الخليجي عن دعمها للإجراءات القضائية التي اتخذتها مملكة البحرين؛ لحماية أمنها واستقرارها وتحقيق سيادة القانون ومكافحة التطرف ومحاربة الأفكار والممارسات الرامية إلى المساس بالوحدة الوطنية والتعايش السلمي. وأوضح الدكتور عبد اللطيف بن راشد الزياني، الأمين العام لمجلس التعاون، أن دول الخليج تؤكد مساندتها لمملكة البحرين فيما اتخذته من إجراءات بحق الجمعيات والتنظيمات التي دأبت على ارتكاب ممارسات تتعارض مع القوانين المرعية، وتؤجج الطائفية وتثير الفتنة والعنف تحقيقا لأهداف قوى خارجية لا تريد الخير للبحرين وأهلها، وتسعى إلى زعزعة الأمن والاستقرار فيها. وأكد الأمين العام أن دول المجلس تعرب عن تضامنها مع مملكة البحرين، وهي تعزز نهج الديمقراطية والعمل السياسي والانفتاح في إطار المشروع الإصلاحي لملك مملكة البحرين، بعيدا عن أي تدخلات خارجية أو مرجعيات سياسية أو دينية خارجية، وبما يحفظ الوحدة الوطنية ويصون أمن المملكة واستقرارها، داعيا الدول والمنظمات الأجنبية إلى احترام سيادة مملكة البحرين ودستورها وقوانينها وسلطتها القضائية وعدم التدخل في شؤونها الداخلية. وكانت الأجهزة الأمنية البحرينية أغلقت، الثلاثاء الماضي، مقرات جمعية الوفاق الإسلامية الأربعة في جميع المناطق، بعد صدور حكم قضائي من المحكمة الإدارية بإغلاق مقرات الجمعية والتحفظ على حساباتها المالية وممتلكاتها ومحتويات مقراتها حتى الفصل في القضية التي رفعها وزير العدل على الجمعية، كما أغلق الموقع الإلكتروني لجمعية الوفاق وجميع المنصات التي كانت تبث أخبارها وتقاريرها من خلالها، وذلك في غضون ساعات من صدور الحكم الإداري المستعجل. وشملت دعوى وزير العدل 15 صفحة مدعمة بنحو 1000 صفحة من الأدلة التي جمعتها وزارة العدل حول نشاط الجمعية التخريبي ودعمها للتطرف والإرهاب منذ تأسيسها. وكانت جمعية الوفاق خالفت قانون الجمعيات السياسية في تنظيم مؤتمرها العام لانتخاب قيادات الجمعية في أواخر أكتوبر (تشرين الأول) من عام 2014، فجرى تجميد نشاطها ثلاثة أشهر مع إلزامها بالرسوم والمصروفات. وشكل القرار الذي اتخذه القضاء البحريني بالتحفظ على ممتلكات «جمعية الوفاق الإسلامية» - جمعية سياسية معارضة - وإغلاق مقراتها حتى البت في الدعوى المقدمة ضدها من وزير العدل، ما اعتبره طيف واسع من البحرينيين حركة تصحيحية لوضع الجمعيات السياسية، للعمل في إطار سياسي لا يخلط بين الدين والسياسة. نهاية مايو (أيار) الماضي، أصدرت محكمة الاستئناف في مملكة البحرين حكمًا بالسجن 9 سنوات على أمين عام «جمعية الوفاق» علي سلمان، في 4 قضايا أدين فيها، ناقضة بذلك حكما صدر ضده بالسجن 4 سنوات في منتصف يونيو (حزيران) من عام 2015. حيث أدين أمين عام «جمعية الوفاق» في «جرائم الترويج لتغيير النظام السياسي بالقوة والتهديد وبوسائل غير مشروعة، والتحريض علانية على بغض طائفة من الناس، من شأنه اضطراب السلم العام». تقول الدكتورة هدى المحمود، وهي أكاديمية بحرينية، إن الكل يعرف أن «جمعية الوفاق» جمعية دينية سياسية، والبحرينيون يعرفون ذلك والحكومة كانت تعلم عن ذلك، وكان يجب من الأساس إيقافها وعدم تركها لتخلط الديني بالسياسي. وتابعت المحمود: «(الوفاق) وغيرها من الجمعيات مثل (الأصالة) و(المنبر) شوشت على المشهد السياسي وتسببت في ضبابية شديدة فيه، بخلطها بين الدين والسياسة، فقادة هذه الجمعيات يمثلون رجال دين وخطباء ووعاظ، في حين أنهم يتصدون للمشهد السياسي باعتبارهم أعضاء في جمعيات سياسية. وقالت المحمود: «هذه الجمعيات نواة للأحزاب السياسية، وكانت الجمعيات المدنية والمراقبون للمشهد البحريني غير راضين عن الترخيص لجمعيات سياسية ذات ممارسات وأبعاد دينية». وتضيف المحمود أن وزير العدل قانوني يعرف حجم المخالفة التي ارتكبتها «جمعية الوفاق» والجمعيات الأخرى التي أخطرت بالمخالفات التي عليها أن تعدلها، وعدلت الجمعيات الأخرى من نهجها، إحدى الجمعيات انتخبت أمينا عاما لها يمارس دوره في قيادة الجمعية، غير الأمين العام الذي كانت تصر عليه وكان مدانًا في بعض القضايا. تقول المحمود: «المؤسف أن (جمعية الوفاق) تطرح مشروعها بوصفه مشروعا سياسيا ذا مرجعية دينية، وهذا مخالف للقواعد السياسية ومبادئ الدولة المدنية». وتشدد الدكتورة هدى المحمود على أن «جمعية الوفاق»، لو كانت تطرح نفسها كجمعية دينية ليس هناك أي خلاف عليها فلها الحق في ذلك، لكن عندما تخلط الديني بالسياسي هناك المخالفة التي كان يجب أن توقف. وتقول المحمود: «القرار المتخذ ليس مفاجأة لأعضاء (جمعية الوفاق) وكانوا يعلمون عنه، وكانت هناك طلبات سابقة لتعديل أوضاعهم». وقبل عدة أيام أصدر الملك حمد بن عيسى آل خليفة، ملك مملكة البحرين، تعديلاً على قانون الجمعيات السياسية، حيث منع القانون وبشكل صريح كل المشتغلين في الجانب الديني من ممارسة العمل السياسي، كما منع القانون أيضا أعضاء الجمعيات السياسية من ممارسة العمل الديني والوعظ والإرشاد بشكل نهائي. في مسألة «جمعية الوفاق» أسندت الأدلة التي تقدم بها وزير العدل إلى قادة الجمعية الخطب والمسيرات غير المرخصة والتجمعات الجماهيرية كافة، التي كانت تنطوي على مخالفات قانونية ونظامية، والطعن في شرعية ودستورية القيادة البحرينية، ورفض دستور 2002، وأنه لا يملك الشرعية الشعبية، والطعن في أحكام القضاء، واستجلاب التدخل الخارجي في الشأن الداخلي البحريني. يشار إلى أن أمين عام «جمعية الوفاق» أودع السجن نهاية عام 2014، حيث صدر حكم الاستئناف ضده برفع عقوبته من 4 سنوات إلى 9 سنوات نهاية مايو الماضي. كما اعتبر جاسم مراد، وهو تاجر بحريني، القرار القضائي بغلق «جمعية الوفاق» صائبا ويصب في المصلحة العامة البحرينية. وقال: «يفترض أن تكون الجمعيات وطنية ومختلطة تجمع السنة والشيعة، ليست سنية فقط ولا شيعية فقط». وقال مراد: «على الحكومة ألا تصرح لجمعيات تمثل طوائف، فالبحرين بلد صغير، أي فتنة فيه قد تدمره، والجمعيات التي تمثل طوائف، سواء سنية أو شيعية، تشق الوحدة الوطنية وتؤثر على التعايش السلمي بين كافة طوائف المجتمع»، وشدد: «نحن عرب، مذهبك لنفسك، والجمعيات سياسية وطنية لا مذهبية لها». بدورها ترى سوسن تقوي، عضو مجلس الشورى البحريني أحد غرفتي البرلمان البحريني، أن الإجراءات التي اتخذتها الحكومة ممثلة في وزارة العدل قرارات صائبة لإيقاف الجمعيات المخالفة، وأضافت: «القرارات كانت قضائية صادرة عن سلطة مستقلة هي المحكمة الإدارية، لإغلاق الجمعيات المخالفة، سواء كانت المخالفات إدارية أو تمس الأمن الوطني». وأضافت تقوي: «القرار يصب في المصلحة الوطنية وحفظ أمن واستقرار الشعب البحريني وأمن مملكة البحرين».
مشاركة :