قالت لجنة التحقيق المصرية في حادث طائرة شركة «مصر للطيران» التي تحطمت الشهر الماضي في شرق البحر المتوسط، أثناء عودتها من باريس، إن سفينة بحث مستأجرة عثرت أمس على مسجل محادثات قمرة قيادة الطائرة، حيث تسلمت لجنة التحقيق وحدة الذاكرة للجهاز، وبدأت في إجراءات فحصها وتفريغها، الأمر الذي أنعش آمال حل لغز تحطم الطائرة. وكانت الطائرة التابعة لشركة «مصر للطيران» قد تحطمت في رحلتها رقم «804» القادمة من مطار «شار ديغول» في باريس إلى العاصمة المصرية القاهرة، في 19 مايو (أيار) الماضي، وعلى متنها 66 شخصا بينهم 30 مصريا و15 فرنسيا، إضافة إلى جنسيات متعددة أخرى. وسبق أن رجح مسؤولون مصريون فرضية أن يكون العمل الإرهابي وراء تحطم الطائرة، كما نفت «مصر للطيران» وجود أي خلل في محركات الطائرة، مؤكدة القيام بجميع إجراءات التأمين والصيانة عليها بشكل دوري. وفي التقرير التاسع الصادر عن لجنة التحقيق، التي تقودها مصر بمشاركة جهات فرنسية وأميركية على صلة بالحادث، أوضح أن السفينة «Lethbridge John» المؤجرة من قبل الحكومة المصرية للمشاركة في أعمال البحث عن حطام الطائرة A320 تمكنت من العثور على مسجل محادثات كابينة قيادة الطائرة «Cockpit voice recorder». وأضاف أنه «تم انتشال الجهاز على عدة مراحل، حيث إنه وجد في حالة تحطم، إلا أن أجهزة السفينة تمكنت من انتشال الجزء الذي يحتوي على وحدة الذاكرة التي تعتبر أهم جزء في جهاز المسجل». وقالت مصادر باللجنة إنه «تم إخطار النيابة العامة التي أصدرت قرارها بتسليمه (الجهاز) إلى لجنة التحقيق الفني في الحادث لاتخاذ إجراءات فحص وتفريغ المحادثات»، وإنه جار حاليًا ترتيبات عملية نقله من السفينة إلى مدينة الإسكندرية، وسيكون في استقباله مسؤولو النيابة العامة وأعضاء لجنة التحقيق. وكانت مصادر باللجنة قد أكدت، لـ«الشرق الأوسط» أمس، أن سفينة البحث تمكنت من تحديد موقع أحد الصندوقين الأسودين للطائرة، إلى جانب تحديد مواقع رئيسية لحطام الطائرة جار العمل على انتشالها. وسبق أن ذكرت اللجنة أن الصندوقين سيتوقفان على الأرجح عن إرسال إشارات في 24 يونيو (حزيران) الجاري، أي بعد نحو أسبوع، وأن قوارب البحث المصرية والفرنسية تعمل على مدار الساعة للعثور عليهما. وتقوم سفينة البحث «La place»، وسفينة البحث والتقاط الحطام «John Lethbridge» بأعمالهما بمنطقة الحطام. وأشارت المصادر إلى أنه تم تحديد عدة مواقع رئيسية للحطام، وقد تمت موافاة لجنة التحقيق بأول الصور الملتقطة للحطام من أحد هذه المواقع، وأن «فريق البحث والمحققين الموجودين على السفينة سيقوم بعمل خريطة لتوزيع أجزاء الحطام بعد أن تم تحديد موقعه بمنطقة البحث». وأوضحت المصادر أنه «تم على الفور عقد اجتماع بين أعضاء لجنة التحقيق، لدراسة ما تم إنجازه من أعمال في الفترة السابقة، ووضع تصور للتعامل مع الحطام في الفترة المقبلة». وتجدر الإشارة إلى أن أجزاء الحطام التي تم انتشالها من قبل لا تزال في حوزة الأدلة الجنائية بإشراف النيابة، لاتخاذ الإجراءات المتبعة في هذا الشأن، وسيتم نقلها إلى لجنة التحقيق الفني حال الانتهاء من تلك الإجراءات، وفقا للبيان الذي أصدرته شركة «مصر للطيران» المالكة للطائرة المنكوبة. ويقول المحققون إنه من دون الصندوقين الأسودين لن تتوافر معلومات كافية لمعرفة سبب تحطم الطائرة. وأكدت المصادر أنه فور انتشال الصندوقين الأسودين للطائرة سيقوم فريق المحققين المصريين بتفريغ محتوياتهما في معمل موجود بمقر الإدارة المركزية لحوادث الطيران، حيث ستساعد محتويات الصندوقين في معرفة حقيقة اللحظات الأخيرة من سقوط الطائرة عن طريق مسجل الحوار الذي دار في كبينة القيادة والبيانات التي توضح حالة أجهزة الطائرة أثناء سقوطها. وكانت اللجنة قد أكدت أن الصور الرادارية التي وردت إلى لجنة التحقيق من القوات المسلحة المصرية والخاصة بمسار الطائرة «A320» قبل وقوع الحادث، أشارت إلى حدوث انحراف للطائرة يسارا عن مسارها، وقيامها بالدوران يمينا لدورة كاملة، متفقا مع ما جاء بصور الرادارات اليونانية والإنجليزية، وأضافت: «مع الأخذ في الاعتبار بأنه لا يمكن الاعتماد على تلك المعلومات بمعزل عن السياق العام للتحقيق». وسبق أن قالت هيئة الملاحة الجوية المصرية إن الطائرة اختفت فجأة من على شاشات الرادار على ارتفاع نحو 37 ألف قدم. وتعارضت تلك التصريحات مع رواية وزير الدفاع اليوناني في يوم الحادث التي قال فيها إن الطائرة انحرفت بشدة إلى اليسار ثم 360 درجة إلى اليمين قبل اختفائها من على شاشات الرادار على ارتفاع 15 ألف قدم. وأعلنت موافقتها على الطلب الوارد من مجلس سلامة النقل الأميركي (NTSB) لتعيين ممثل معتمد للاشتراك في التحقيقات، باعتبار أن الولايات المتحدة الأميركية هي الدولة الصانعة للمحركات، وكذلك انضمام أحد الخبراء المتخصصين من الشركة صانعة أجهزة مسجلات الطائرة. ومحركات الطائرة من إنتاج شركة «برات آند ويتني» الأميركية. وغالبا ما تتم دعوة الدولة التي تصنع فيها المحركات للمشاركة في التحقيق في حوادث الطائرات رغم أن ذلك ليس إلزاميا.
مشاركة :