يتطلع المستثمرون الباحثون عن فرص النمو بشكل متزايد إلى الاستثمار حتى في الأسواق «ما دون الناشئة» بعيداً عن الأسواق «الناشئة». ففي حين كان من النادر لمستثمري المكاتب العائلية وضع استثمارتهم في الدول الناشئة الكبرى على غرار الصين والهند منذ نحو 20 عاماً، باتت هذه الدول اليوم تشكّل جزءاً أساسياً من المحفظة الاستثمارية للمكاتب العائلية. ومن المرجح أن تخضع الأسواق «ما دون الناشئة» للتحوّل نفسه خلال العقود المقبلة، فالمستثمرون الذين يمتلكون أفقاً استثمارياً بعيد المدى، وقدرة على احتمال التذبذب والسيولة، يدركون بأن الأسواق «ما دون الناشئة» يمكن أن توفّر إمكانيات نمو جذابة وفوائد لتنويع المحفظة الاستثمارية. وتنتشر الأسواق «ما دون الناشئة» حول العالم بدءاً من أفريقيا والشرق الأوسط، مروراً بآسيا وأوروبا الشرقية وأميركا اللاتينية. وتتضمن هذه الأسواق دولاً صناعية وسريعة النمو، تمتلك بدورها أسواقاً مالية أقل تطوراً على غرار الكويت والأرجنتين وباكستان ونيجيريا. ولا تزال هذه الدول في مراحل أولية من التطور الاقتصادي، مقارنة مع الأسواق الناشئة المجاورة، كما أنها تمتلك شركات استثمار أقل. وتتميز هذه الأسواق بدرجة أدنى من انفتاح السوق والاستقرار السياسي، مقارنة مع «الأسواق الناشئة». وبحسب صندوق النقد الدولي، يبلغ عدد سكان الأسواق «ما دون الناشئة» نحو 900 مليون شخص، ويشكلون نحو 12 في المئة من سكان العالم، وهم غالباً من الشباب، الذين يشكّلون بدورهم إمكانيات ضخمة مع دخول هذه الشريحة السكانية أكثر سنواتها إنتاجية من دون الأعباء التي تفرضها الشريحة المتقدمة بالعمر التي تحتاج إلى الدعم والمعونة. وفي ما يلي بعض الحقائق والأرقام عن الأسواق «ما دون الناشئة»: 1 - جوهرة غير مكتشفة بحسب مؤشر «إم إس سي أي»، شكّلت «الأسواق الناشئة» 1 في المئة فقط من رأسمال الأسواق العالمية قبل نحو 30 عاماً. وبحلول العام 2015، باتت هذه الأسواق تشكل نحو 10 في المئة. وبالمثل، شكلت الأسواق «ما دون الناشئة» في 2015 أقل من 1 في المئة من رأسمال الأسواق العالمية، ومن المقدر لها أن تتبع مسار نمو «الأسواق الناشئة» نفسه. وفي الوقت الذي باتت فيه الأسواق «ما دون الناشئة» أكثر شعبية لدى مكاتب العائلة، فإنها لا تزال غير مكتشفة نسبياً من قبل العديد من مستثمري التجزئة في ظل وجود عدد محدود من الصناديق المشتركة حالياً. 2 - الصبر... والعوائد مربحة تعتبر السيولة أمراً مهماً جداً بالنسبة للمستثمرين في الأسواق «ما دون الناشئة». فالشركات في هذه الأسواق غالباً ما تواجه قيوداً أكثر على الاستثمارات الأجنبية، كما أن حجم التداول أقل بكثير من الأسواق المتقدمة. وتعتبر هذه الأسواق من الأصول التي تتطلب صبراً من أجل الاستثمار على المدى البعيد. 3 - «ناشئة» في المستقبل في حين تعتبر الأسواق «ما دون الناشئة» خطرة بعض الشيء، فإن العديد منها يمر اليوم في مراحل من الاستقرار النسبي مع إصلاحات سياسية وتعزيز للديموقراطية يسمح بمزيد من الاستثمارات والتطوير لقطاع البنية التحتية، وتشكيل بيئة أعمال مواتية أكثر بالنسبة للمستثمرين. وعادة ما تتداول الأسواق «ما دون الناشئة» عند تقييمات أقل من نظيرتها في الدول المتقدمة، وتمتلك توزيعات أعلى. ولابدّ من أن يُترجم الدعم السكاني والسياسي نمواً أقوى للناتج المحلي الإجمالي بالنسبة للأسواق «ما دون الناشئة». ويعتبر المسار النهائي بالنسبة للأسواق «ما دون الناشئة» بالتحول إلى «ناشئة»، على غرار ترقية كل من الإمارات وقطر أخيراً. 4 - التفرّد يؤدي إلى التنويع تعتبر سمات الترابط متدنية بين الأسواق «ما دون الناشئة» وبين «الأسواق الناشئة» و«المتطورة»، كما أنها ضئيلة جداً في ما بينها. وتعتبر الدول التي تنتمي إلى الأسواق «ما دون الناشئة» مختلفة إلى حدّ كبير في ما بينها. فعلى سبيل المثال، تصنف الكويت، وهي واحدة من أكبر الدول في المؤشر، كدولة ذات دخل عال من قبل البنك الدولي، في حين تصنف نيجيريا كدولة صاحبة دخل متوسط إلى متدن. في المقابل، وبينما تعاني نيجيريا من تأثير تراجع أسعار النفط، إلا أن هذا التأثير بسيط جداً على الأرجنتين وباكستان، كما أن الاستثمار في مجموعة واسعة من الأسواق «ما دون الناشئة» يخفض من التذبذب والمخاطر المرتبطة بالاستثمار، من الاستثمار في دولة واحدة في مؤشر الأسواق «ما دون الناشئة». خلاصة القول، في الوقت الذي تسعى فيه العديد من الأسواق «ما دون الناشئة» للنمو على المدى الطويل، فإن الاستفادة من ارتفاع عدد السكان والإمكانيات الكبيرة التي تمتلكها موارد هذه الدول، يتطلب تطبيق سياسات داعمة واستثمارات اقتصادية، على الرغم من المخاطر التي قد تتركها الأخطاء السياسية في الحد من العوائد المستقبلية. وعلى غرار الأسواق «الناشئة» ستواجه بعض هذه الدول العديد من العثرات خلال مسيرتها، إلا أنه بالنسبة للمستثمر الصبور، فهناك فرص آسرة لعوائد مستقبلية.
مشاركة :