في ضوء برنامج التحوُّل الوطني 2020، يسهل الإشارة إلى الأرقام دائمًا، بل والاستعانة بها لإبداء رأي، أو لتوضيح وجهة نظر. ووجهات النظر تحتمل الصواب والخطأ، فلا (يزعل) أحد من أحد، خاصة أن لدى البعض حساسيات مفرطة قد لا تكون مبررة. وهذه دراسة حديثة جدًّا صادرة من الولايات المتحدة الأمريكيَّة هي عبارة عن التقرير السنوي لسوق العمل في مختلف تخصصات العلوم الإنسانيَّة. ولا يخفى على شريحة واسعة من الأكاديميين الجامعيين مدى العناية التي يوليها المجتمع الأمريكي لهذه التخصصات، حتى أنَّ جامعات عريقة قديمة قد تخصَّصت على مدى عقود في المجالات الإنسانيَّة لا غير، مثل كليَّة ويليام أند ماري (جامعة باسم كليَّة) وكليَّة بابسون وغيرها. يقول التقرير إن الطلب على تخصص اللغة الإنجليزيَّة قد انخفض عام 2015م بنسبة 3%، وانخفض الطلب على تخصص اللغات الأجنبيَّة بنسبة 7,6% في حين بلغت نسبة الانخفاض 8% بالنسبة لتخصص التاريخ. وعمومًا فقد انخفض المتاح من الوظائف المخصصة للعلوم الإنسانيَّة بنسبة 31% مقارنة بالعام الدراسي 2007م -2008م. وفي التقرير أيضًا إشارة إلى نمو الطلب على الوظائف الصحيَّة التي زادت بنسبة 103% من عام 1999 إلى 2013م، وبنسبة 8% خلال العامين المنصرمين. ومنذ عام 2004م تتراوح نسبة أساتذة الجامعات المتفرّغين كليًّا أو المتعاقدين جزئيًّا، في تخصصات العلوم الإنسانيَّة بين 11 و12% (مع أن تدريس معظم المواد العامَّة تُوكل لهم)، في حين زادت نسبة أكاديميي الوظائف الصحيَّة من 11% إلى 16%، وانخفضت قليلاً نسبة أعضاء هيئة التدريس في الهندسة والعلوم الطبيعيَّة. هذه مؤشرات وأرقام مهمَّة قد لا تنعكس على واقعنا بنسبة عالية، لكن لابد من آثارٍ لها، بل أحسب أن إقبال الطلبة لدينا على تخصصات العلوم الإنسانيَّة عمومًا في تراجع واضح يستوجب التوقف عنده، والاستفادة من مؤشراته، إذا أرادت الجامعات أن تسترشد بالأُطر العامة لبرنامج التحوُّل الوطني 2020م بصفتها جزءًا من وزارة التعليم، ورافدًا إيجابيًّا من روافد تقليص النفقات وتحسين المخرَّجات وترشيد الأعداد طلابًا وأساتذة وموظفين. واقعنا الاقتصادي يفرض علينا حقائق جديدة لا تستسلم بالضرورة للأفكار القديمة. salem_sahab@hotmail.com
مشاركة :