المفوض السامي واللعب في الوقت الضائع

  • 6/18/2016
  • 00:00
  • 10
  • 0
  • 0
news-picture

بعض المناصب اسمها أكبر منها فهي مناصب اخترعت للترضيات ولمن يبحث عن دور حتى ولو كان خلف الكواليس ومنها منصب المفوض السامي الذي لا يعلم من فوّضه ولا يعرف إن كان للتفويض أثر يذكر، لكنه يعرف من حيث أراد أو لم يرد أن عليه الانحياز وهو مغمض مع الخارجين على القوانين في بلدانهم، فهؤلاء الخارجون على القانون لا يدعمهم ولا يحميهم قانون من القوانين وليس لهم سوى هذا المفوض يدلي بكلام استهلاكي مرسل وبدون حساب أو تحسب. وهكذا هي بعض المناصب لا تتحمل فيها جهة أو دولة أو طرف أية مسؤولية من كلام أصحابها الذين يدركون أن منصبهم أي كلام كما يقول التعبير المصري الشهير، وأنها مناصب تتحمل الشيء ونقيضه ولا تكلف صاحبها عناء مسؤولية أو حذر ويمكنها ان تتحمل كل الكلام الذي لا يعدو أن يكون صف حجي في تصريح أو بيان. ولا ندري هل ورط المفوض السامي طرفًا بهذا المنصب أم أن الرجل ورّط نفسه به، وهو يبحث عن دور فاته فوجدها فرصة في هذا المنصب لعلها تخفف عنه ما فاته من قطار المناصب هنا أو هناك، فقبل بالمفوض الذي لا يعلم من فوضه ولماذا فوضوه وعلى أي شيء هو مفوض. والمضحك المبكي ليس في المفوض الذي يؤدي واجبه الرسمي كما قيل له ولا بدو ان ينحاز للخارجين على القانون، لكن المضحك والمبكي هو في الخارجين على القانون الذين يردحون ويرقصون ويتباهون بكلام المفوض المنحاز لهم وهم يعلمون علم اليقين أنه مجرد كلام لا يودي ولا يجيب، مثل الكلام الذي يدور في جلسة شاي الضحى مجرد تنفيس وملء فراغ. والمفوض قد يجدها فرصة للتصريح والكلام ليقول نحن هنا وأنا موجود ولسان حاله يردد يا الله بالامارة لو على حماره فقد قبل بالمنصب وهو خير العارفين بأنه منصب بلا منصب. ولذا فإن الدول والحكومات لا تعير ما يقول وما يصرح به أي اهتمام على أي مستوى، فهي تعلم كما البقية أنه مجرد كلام في كلام استهلاكي دعائي للمفوض فقط الذي يتطلع أن تنقل جهة اعلامية ما تصريحه فيتنفس الصعداء بعد طول عناء من انحسار الاضواء. ومن الطبيعي أن تتلقف تصريحه هذا أو ذاك الجهات الاعلامية التي تمثل الخارجين على القانون في بلدانهم فترقص عليه كما ترقص على مثله من تصريحات منحازة لها، لتقع في النهاية في مغبة أوهامها التي رقصت عليها. فمثل هذا الكلام إن زاد تأثيره لن يتعدى تأثير فقاعة الصابون وقد تطايرت في الهواء وتبدد وجودها في غمضة عين أو أسرع من ذلك. لذا لا يعتقد الراقصون على مثل هذا الكلام اننا هنا سنتأثر أو نتراجع أو حتى نقف أمام الكلام المرسل الذي ردحوا عليه حتى أعياهم الردح، فقطارنا ماض في طريقه يقطع المسافات ومن نزل منه مكابرا فهذا شأنه ولن يتوقف قطارنا لأحد ولن يترجى أو يتوسل أحدا لصعوده، فلكل مرحلة لغتها وأسلوبها وتقديراتها، ومن احترف البكاء على اللبن المسكوب فليظل يبكي، فالقطار فات. وقديما قال مثلنا الشعبي البليغ لين فات الفوت ما ينفع الصوت ولمن يفهم دلالات الأمثال سيفهم المعنى في الفوت، فالقطار لا يرجع الى الخلف. ومن يراهن بأوراقه ومواقفه وموازينه على مجرد كلام خصوصا من المفوض السامي، فرهانه خاسر لا محالة في ذلك، وكم من الرهانات خسرها ولم يتعلم ذلك المقامر الفاشل الذي أخذ في روحه مقلب فانقلب كل شيء ضده في الرهانات البائسة. وليتذكر هؤلاء أن بعض المناصب اسمها أكبر منها كما أشرنا وليعطوا كل شيء حجمه الحقيقي، فالشيء إذا زاد عن حده انقلب الى ضده، لكنهم لم يتعلموا ولن يتعلموا.

مشاركة :