تونس - (أ ف ب): أعلنت هيئة دستورية تونسية مكلفة بتفعيل قانون العدالة الانتقالية انها تلقت 65 ألف ملف من ضحايا انتهاكات مفترضة لحقوق الانسان حصلت في تونس بين 1955 ونهاية 2013, وقالت سهام بن سدرين رئيسة هيئة الحقيقة والكرامة في مؤتمر صحفي ان الهيئة تلقت نحو 65 ألف ملف، بينها نحو 13300 ملف من نساء، تخص غالبيتها اشخاصا والبقية أحزابا سياسية ومنظمات غير حكومية ونقابات وأقلّيات دينية وثقافية وأيضا مناطق مهمشة اعتبرت نفسها ضحية لغياب التنمية فيها منذ استقلال البلاد عن فرنسا سنة 1956. وشرعت الهيئة في تلقي الملفات يوم 15 ديسمبر 2014 وكان من المفترض ان تنتهي من هذه العملية يوم 15 ديسمبر 2015 إلا انها مددتها إلى 15 حزيران 2016 استجابة لمطالب منظمات حقوقية وضحايا انتهاكات. وينتمي أصحاب الملفات، وفق بن سدرين، إلى «جميع العائلات السياسية من دون استثناء» من إسلاميين ويساريين وقوميين وغيرهم، ومنظمات نقابية وحقوقية مثل «الاتحاد العام التونسي للشغل» (المركزية النقابية) و«النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين» و«الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان». وقدمت أقليات دينية وثقافية و«لوْنيّة» مثل الطائفية اليهودية، والأمازيغ والسود ملفات للهيئة بحسب بن سدرين التي اضافت ان الهيئة تلقت ايضا «أكثر من 30 ملف جهة ضحية» اي من مناطق تقع خصوصا داخل البلاد وتم تهميشها تنمويا منذ الاستقلال. والانتهاكات الواردة في الملفات، تتعلق خصوصا بـ«التعذيب» و«الإيقاف التعسفي» و«الاعتداء على الحرمة الجسدية اثناء الاحتجاجات والتظاهرات» و«انتهاك حرية التعبير والاعلام والنشر» و«المنع من الارتزاق» و«الاعتداء على حق الشغل» و«انتهاك الحق في التقاضي والمحاكمة العادلة» وفق بن سدرين. أحدثت هيئة الحقيقة والكرامة بموجب قانون «العدالة الانتقالية» الذي صادق عليه البرلمان التونسي نهاية 2013. وحدد القانون مدة عمل الهيئة بأربع سنوات قابلة للتمديد مرة واحدة لسنة. وقانونيا، تتمثل مهام الهيئة في «كشف حقيقة انتهاكات حقوق الانسان» الحاصلة في تونس منذ الأول من يوليو 1955 (أي بعد نحو شهر من حصول تونس على الحكم الذاتي من الاستعمار الفرنسي) والى 31 ديسمبر 2013 و«مساءلة ومحاسبة المسؤولين عن الانتهاكات وتعويض الضحايا ورد الاعتبار لهم». وهذه «الانتهاكات» هي «كل اعتداء جسيم أو ممنهج على حق من حقوق الانسان صادر عن أجهزة الدولة أو مجموعات أو أفراد تصرفوا باسمها أو تحت حمايتها». وهي أيضا «كل اعتداء جسيم وممنهج على حق من حقوق الانسان تقوم به مجموعات منظمة» مثل «القتل العمد والاغتصاب وأي شكل من أشكال العنف الجنسي والتعذيب والاختفاء القسري والاعدام دون توفر ضمانات المحاكمات العادلة». وأضافت بن سدرين انه تم ايداع ملفات باسماء «كل شهداء وجرحى الثورة» التي اطاحت في 14 يناير 2011 بنظام الديكتاتور زين العابدين بن علي. وقالت ان الهيئة تلقت ايضا ملفين لكشف حقيقة اغتيال شكري بلعيد ومحمد البراهمي اللذين قتلا بالرصاص على التوالي في 6 فبراير و25 يوليو2013. وعرف بلعيد والبراهمي القياديان السابقان في «الجبهة الشعبية» (يسار) بمعارضتهما الشديدة لحركة النهضة الإسلامية التي قادت حكومة «الترويكا» من نهاية 2011 حتى مطلع 2014. وأفادت بن سدرين ان منتمين سابقين إلى حزب التجمع الحاكم في عهد بن علي (1987/2011) اودعوا ملفات لدى الهيئة «ليس كضحايا بل كمرتكبي انتهاكات طالبين الصلح (مع الدولة أو أشخاص) وقابلين لمسار العدالة الانتقالية كأسلم وسيلة للوصول إلى الصلح». وتابعت ان «جلادين متقاعدين من وزارة الداخلية اعترفوا بتعذيب موقوفين وسجناء وقدموا للهيئة ومن تلقاء أنفسهم ملفات طلبوا فيها الصلح والسماح من الناس الذين ظلموهم».
مشاركة :