الأسوأ من التردد في اتخاذ القرار هو عدم تنفيذه , وإن كانت كلفة الأول عالية فإن ثمن الثاني باهظة. هناك عشرات القصص يمكن أن يرويها لك مواطنون ومستثمرون عن مثل هذه الحوادث كيف أن المسؤول الذي يعجز عن اتخاذ القرار يفتش عن مبررات في بطون القوانين لإسناد وجهة تهربه. فمثلا كان رفض دخول شاحنات ذات سعة معينة لرفض تعديل سعة حمولاتها سببا في رحيل أحد أهم المصانع على الحدود. كنا نظن أن آلية صنع القرار مكبلة بالبيروقراطية والروتين لكن الحقيقة هو أنها مكبلة بتضارب المصالح وبالرؤية الضيقة لبعض المسؤولين وجهلهم في عملهم وعدم لجوئهم الى أصحاب الإختصاص للمشورة بادعاء العلم والخبرة. الحكومات في العادة لا تخفي حرصها على التمسك بالبيروقراطية ولرئيس وزراء سابق وجهة نظر في ذلك ذهبت مثلا كاد بعض المسؤولين أن يضعه بروازا فوق مكتبه « البيروقراطية حمت الإدارة الأردنية من الفساد « لكن الحقيقة هي أن البيروقراطية كانت ولا تزال الثغرة الأوسع لانتعاش الفساد والمحسوبية والواسطة. لا علاقة بين البيروقراطية والتحصين ضد الفساد , كما لا علاقة بين سرعة اتخاذ القرار والوقوع في الخطأ فهذه النظرية ما هي الا شماعة يتعلق بها كل مسؤول يفضل «تجميد» العمل خوفا من الإتهام أو على طريقة سكّن تسلم. هناك اليوم عشرات القرارات والمشاريع المعطلة على مكاتب المسؤولين والسبب التردد في اتخاذ القرار خشية الوقوع في شبهة الإتهام بتداخل المصالح أو المحاباة والثمن تعطيل مصالح الناس. ليس هناك مصلحة في تعطيل أعمال الناس مواطنين ومستثمرين بحجج وذرائع غير منطقية مثل الخشية من الإتهامية فالأردن لديه فرصة لم تتوفر كما هي اليوم لإستقطاب استثمارات خارجية , لكنه لديه فرصة أكبر لحفز المدخرات الوطنية بتحريك مشاريع يرغب رجال أعمال أردنيون في تنفيذها , وأن تعطيل هذه المشاريع ليس فيه مصلحة اقتصادية. سيجد بعض الوزراء الجدد ملفات كثيرة مؤجلة على مكاتبهم , فهل يحركونها في استجابة لأول توجيه يدلي به رئيس الوزراء أم يبحثون عن مبررات ؟. الراي
مشاركة :