لم يكن الوفد السعودي الذي حضر لواشنطن ممثلا لشركات خاصة تبحث عن الاستثمارات، ولم تأت الزيارة ايضا استجابة لوضع مُؤقَّتٍ يعالج أزمة طارئة، بل كانت زيارة سياسيةً استراتيجية جادَّةً في توقيتها وموضوعاتها، فالمملكة العربيةُ السعوديةُ اليوم تقف امام تحديات كبيرة، وتدفع باتجاه التغلب عليها باسم مصالحها مرة، ونيابة عن الدول العربية والاسلامية في عدة مرات، هذا الدور الريادي للمملكة مزعج لعدة بلدان اقليمية ودولية، وربما واشنطن من هذه الدول المنزعجة من الدور السعودي القائد لمجموعة من الدول الاسلامية، والانزعاج الاميركي هنا يتمثل بانزعاج الاصدقاء، عبر فتح ابواب جديدة لأزمات جديدة، كفتح ملف حقوق الانسان في اليمن، وتبني وجهة النظر الروسية في سورية ، والاتفاق النووي الايراني الذي صنعته واقرته واشنطن، اصبح له انعكاسات مدمرة في المنطقة، فالدور الخطير الذي تلعبه بلاد فارس ( إيران ) لم يكن بهذه الخطورة لو كان لواشنطن رأي مخالف للدور الفارسي الايراني . ونشرت صحيفة الشرق الاوسط قبل عدة أيامٍ أنَّ إدارة أوباما حجبت ملايين الوثائق التي تبرهن على تعاون القاعدة مع طهران، بحجة إنجاح الاتفاق النووي، وليس من المستبعد انها تغاضت عن جرائم الهقان الفارسي المجوسي قاسم سليماني في العراق وسورية لنفس السبب، فموقف واشنطن في المنطقة ليس ضعيفاً أو متردداً، بل خطير في جهة دعمه، وتحديد لون خياراته الطائفية المساندة للتمدد الفارسي ، وربما يتفق البعضُ مع واشنطن أنَّه لا استقرار في المنطقة بدون طهران، ولكن من المستحيل الاتفاق معها حول تعاونها مع النظام الفارسي الفاشي وإرهابه في المنطقة الذي جاء على حساب الاستقرار والأمن الذي تدعي انها تنشده وتسعى إليه . والمملكةُ العربيةُ السعوديةُ في واشنطن ومعها تحالف إسلامي هائل لم تشهده المنطقة من قبل يُمَثِّلُ 20 دولة إسلامية، اجتمعت حول هدف محدد ومعلن هو محاربة الارهاب الذي يدعمه ويسانده ويموله نظام العمائم ( ولاية السفيه ) الحاكم في طهران ولا يخفى على المراقب مدى امتعاض طهران من هذا التحالف، وضبابية الموقف الاميركي حوله، فمحاربة الارهاب برؤية عسكرية وسياسية، يجب ان تفضح الامتعاض والتردد معا، فالإرهاب وإن كان عملا عدوانيا مجرما، الا انه بلاء حل بالدول الاسلامية السنية خاصة، استفادت منه دول شيعية مثل طهران وحكومات عراقية وبشار الاسد، وروسيا فالمملكة العربية السعودية - من واشنطن - تذهب لتسويق هذا التحالف الاسلامي، وبناء شراكات استراتيجية معه، وتحديد ميادين وجوده، وطرق تنقلاته والعالم اليوم يسير بدون هدف واضح في محاربة الارهاب، وعلى المملكة ان تجمع العالم حول هدف واحد، وهو مُجابهة قوى الشر من كل مكان في العالم والتصدي لها وعلى رأس قوى الشر النظام الفارسي الفاشي الزرادشتي المستتر بالمذهب الشيعي الحاكم في طهران وتقول للعالم كيف يكون ذلك ومتى، وان تضع العالم امام مسؤولياته، والفرصة سانحة في واشنطن لإصدار بيان التحالف الاسلامي لمحاربة الارهاب، فهزيمة ارهاب داعش والشيعية الفارسية في طهران لن يتم بتردد واشنطن المصطنع بل بإجراءات محددة وواضحة وعملية لمحاربة الارهاب، فالمملكة بدأت فعلا بإجراءاتها والتحالف الاسلامي مشارك، وننتظر من واشنطن التجاوب والمشاركة لكي لا يضرب الإرهاب واشنطن ونيويورك . عبدالله الهدلق
مشاركة :