واجهت مخيمات تديرها الحكومة العراقية صعوبات بالغة في إيواء الفارِّين من الفلوجة أمس، بينما يخوض الجيش معارك ضد تنظيم داعش في الضواحي الشمالية من المدينة. وأعلن رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي النصر على المتشددين يوم الجمعة الماضي، بعدما وصلت القوات العراقية إلى وسط المدينة عقب أربعة أسابيع من بدء هجوم يدعمه الأمريكيون. لكنَّ إطلاق النار والتفجيرات الانتحارية وهجمات المورتر لم تتوقف. وقالت الأمم المتحدة إن أكثر من 82 ألف شخص نزحوا من الفلوجة التي تقع على مسافة ساعة بالسيارة من غرب بغداد منذ بدأت الحملة العسكرية هناك، ورجحت أن 25 ألفاً آخرين في طريقهم للخروج. غير أن المخيمات اكتظت بالفارِّين الذين قطعوا عدة كيلومترات واجهوا فيها قنَّاصة داعش وحقول ألغامها في درجات حرارة مرتفعة، لكنهم لم يعثروا حتى على مساحة من الظل. وقالت ليز جراندي منسقة العمليات الإنسانية للأمم المتحدة في العراق»ركض الناس وساروا لأيام. غادروا الفلوجة ولم يكن معهم شيء، لا شيء لديهم، ويحتاجون كل شيء.» وفاجأ النزوح الحكومة والمنظمات الإنسانية، ويرجِّح أن يتضاعف عدة مرات إذا انتقل هجوم القوات العراقية إلى الموصل معقل داعش في شمال العراق، مثلما تخطط في وقت لاحق هذا العام. وعلى الرغم من أن التركيز أنصب لعدة أشهر على الموصل، إلاَّ أن العبادي قال في مايو الماضي إن الجيش سيعطي الأولوية للفلوجة التي كانت أول مدينة عراقية يسيطر عليها التنظيم المتشدِّد في أوائل 2014. وأمر رئيس الوزراء السبت باتخاذ تدابير لمساعدة الفارَّين وستقام قريباً عشرة مخيمات جديدة، لكن الحكومة لا تعرف حتى عدد النازحين وأكثرهم يعيشون في العراء أو محشورون في خيمة تكتظ بعدد من العائلات. ويقول مجلس اللاجئين النرويجي إن موقعاً يؤوي 1800 شخص لا يوجد به سوى مرحاض واحد. وقال نصر المفلحي مدير المجلس النرويجي للاجئين في العراق «نناشد الحكومة العراقية أن تتولي مسؤولية هذه الكارثة الإنسانية التي تتكشف أمام أعيننا». وتجد الحكومة العراقية التي تعاني مشكلات في السيولة صعوبة في توفير الاحتياجات الأساسية لأكثر من 3.4 مليون شخص شردهم القتال في عموم البلاد، وناشدت السلطات المجتمع الدولي بتوفير تمويل وتعتمدعلى شبكات دينية محلية للحصول على الدعم. لكن على عكس معارك أخرى سعى فيها كثير من المدنيين للجوء إلى مدن قريبة أو إلى العاصمة مُنع النازحون من الفلوجة من دخول بغداد التي لا تبعد عنهم سوى 60 كيلومتراً، ويلفت مسؤولو الإغاثة الأنظار لضعف التعبئة المجتمعية. وينظر كثير من العراقيين للفلوجة على أنها حصن للمتشدِّدين ويعدون كل من بقي فيها حين بدأ الهجوم مؤيداً لتنظيم داعش، وكانت الفلوجة معقلاً لمسلحين قاتلوا القوات الأمريكية بعد الغزو في 2003 وتعد نقطة انطلاق للتفجيرات التي تستهدف بغداد. وتثير مشاركة فصائل شيعية مسلحة في القتال إلى جانب الجيش مخاوف من عمليات قتل طائفية واعتقلت السلطات أشخاصاً على صلة بمزاعم عن إعدام عشرات من الرجال السُنَّة الفارِّين على يد مسلحين. وتفحص القوات العراقية الرجال لمنع مقاتلي داعش من التسلل وسط المدنيين للخروج من الفلوجة. وقالت مصادر أمنية إن السلطات أخلت سبيل الآلاف وأحيل عشرات للمحاكمة لكنَّ كثيرين لايزالون في عداد المفقودين. وفي مخيم بعامرية الفلوجة قالت فاطمة خليفة يوم الخميس إنها لاتعرف شيئاً عن زوجها وابنها البالغ عمره 19 عاماً منذ احتجزا في بلدة قريبة قبل أسبوعين. وقالت «لا أعرف أين هما أو إلى أين اقتيدا، لا نريد أرزاً أوزيتاً للطهي فقط نريد رجالنا.»
مشاركة :