إذا لم يكن ما يحصل حولنا مؤامرة فماذا يكون؟

  • 6/20/2016
  • 00:00
  • 46
  • 0
  • 0
news-picture

لعل أكبر خديعة انطلت على كثير من المفكرين والمثقفين العرب هي ظاهرة إعلان البراءة مما يعرف في الأدبيات باسم نظرية المؤامرة. بل لقد تجاوزوا ذلك إلى وصم كل من يدلّل عليها بأنه إما ساذج أو غير منطقي. وحين تسمع مرافعات هؤلاء الإنكاريين العرب تجد أن لكل متآمر عندهم مبررات وحين تسأل أليست هذه أدلّة تكشف تشابك خيوط المؤامرة لا يجيبونك. يقول التاريخ إن أضخم المؤامرات على هذا الجزء من العالم كانت تتوالى بشكل خاص مع نهايات القرن التاسع عشر ومنها ما دخل حيّز التنفيذ آنذاك (تفكيك الدولة العثمانية) ومنها ما كان يُعد ثمرة للمؤامرات الأخرى مثل خطط الحركة الصهيونية. هذه الحركة التي بدأت بشكل واضح بعد أن جمع اليهودي المجري بنيامين زئيف هرتسل في المؤتمر الصهيوني الأول بمدينة بازل السويسرية عام 1897 مئتين وثمانية من كبار اليهود القادمين من ست عشرة دولة. كان الهدف الأساس في ذلك المؤتمر هو حبك مؤامرة إقامة وطن لليهود في فلسطين تحت الحماية الدولية. والعجيب أن كل كارثة حلّت بالعالم منذ بزوغ فجر القرن العشرين تخلّف خرابا ومأساة عند كل أمّة أما ثمارها اليانعة فتجنيها الحركة الصهيونية وأبناؤها. على سبيل المثال انتهت الحرب الغربية الأولى سنة 1917 بما يزيد عن 20 مليون قتيل ودول متصارعة وخلافة عثمانية تترنّح في حين فاز الصهاينة سنتها بإعلان بلفور المشؤوم الذي وعدهم بتسهيل إقامة دولة صهيونية في فلسطين. وفي هذا الخصوص يورد كتاب تاريخ الشعب اليهودي المقرر على ثانويات مدارس فلسطين المحتلة ما نصّه عيّنت بريطانيا (1920) في فلسطين مندوبها السامي هربت صموئيل وهو صهيوني متعاطف للغاية مع الطموحات والأماني اليهودية. وهكذا تم التمهيد للكيان الغاصب بدون مؤامرات! ولم تكد تنتهي الحرب الغربية الثانية سنة 1945 حتى كان الكيان الصهيوني قائما على ثلث فلسطين ثم كان إعلان قيام دولة إسرائيل (1948) ليتسابق الروس والأميركيون والأوربيون للاعتراف بالدولة الغاصبة وتمكينها. وماذا يمكن أن نسمي اتفاقية 1916 السريّة التي عُرفت بمسمى سايكس بيكو والتي (تآمرت) فيها فرنسا وبريطانيا وروسيا على تقسيم وتقاسم بلاد الشام والعراق والخليج العربي. وكيف نفهم تحوّل مشروع الدولة العربية التي دعمت القوى الغربيّة آنذاك فكرة إنشائها إلى كيان إداري باسم جامعة الدول العربية في نفس عام انتصار الكبار في الحرب الغربية الثانية سنة 1945م. ربما هذه ليست مؤامرة أيضا وينسحب الحال على (من وراء) عشرات الانقلابات العسكرية الدموية في أكثر من بلد عربي خاصة في سورية والعراق. ومع أن المذكرات والوثائق التي ظهرت تكشف عن دور أميركي وبريطاني في معظمها إلا أنها بحسب (الاعتذارين) ليست مؤامرات. وهل ما تكشّف من أوراق الخريف العربي يمكن أن يدخل في ملفات المؤامرة أم هو التخطيط الباهر للشباب العربي. وأخيراً كيف نشأ تنظيم داعش لغزا، وكيف سُلّمت بغداد مفكّكة للملالي وهم محور الشر عند الشيطان الأكبر!. وحتى تكون مفكّراً فذّاً فلا تصدّق من يقول إن إيران ليست وحدها من يحرّك العرائس والبهلوانات والدمى في الضاحية وصعدة ودمشق لأن ما خفي وسيظهر أعظم!؟ قال ومضى: لم يعد مهمّاً أن (تتلكأ في الجواب) فأنا (فقدتُ سمعي) من ضجيج الأسئلة. masaraat2050@yahoo.com

مشاركة :