كادت قرية «دونغبرانغ» الساحلية الصغيرة، الواقعة بالقرب من مدينة تونغيونغ الساحلية الجنوبية في كوريا الجنوبية، أن تنمحي من الوجود لولا أن ابتكر أهاليها رسوماً جدارية جميلة صارت تستقطب السياح في جميع فصول العام. وتقع هذه القرية خلف سوق للسمك بمدينة تونغيونغ، وكان يقطنها في بادئ الأمر مجموعة من العمال ذوي الدخول المخفضة خلال الفترة الاستعمارية اليابانية، وقررت السلطات إزالتها كلياً عام 2006، الا أن السكان تمسكوا بقريتهم ولجأوا الى طريقة مبتكرة من خلال تزيين جدران منازلهم برسوم جميلة صارت تجتذب ما يصل الى 3000 سائح في اليوم. وهذه هي المرة الأولى التي تحفز فيها جداريات نموّ منطقة من المناطق في العالم. قرية «دونغبرانغ» نظراً للنجاح الذي حققته قرية «دونغبرانغ» تم تطبيق الفكرة في قرى أخرى في أنحاء البلاد في محاولة لإنعاش المناطق والمدن التي تعاني التدهور والشيخوخة، مثل قرية «اهوا» الواقعة في منطقة جونج نو بوسط سيؤول. وقاومت الجماعة المدنية، التي تطلق على نفسها «تونغيونغ 21»، خطة الحكومة لهدم القرية، واقترحت عليها بدلاً من ذلك مشروع رسم اللوحات على الجدران. وتم اختيار نحو 70 فناناً لرسم هذه الجداريات من خلال مسابقة نظمتها المجموعة. ونظراً للنجاح الذي حققته هذه القرية تم تطبيق الفكرة في قرى أخرى بأنحاء البلاد في محاولة لإنعاش المناطق والمدن التي تعاني التدهور والشيخوخة، مثل قرية «أهوا» الواقعة في منطقة جونج نو بوسط سيؤول. ووضعت وزارة الثقافة والرياضة والسياحة خطة عام 2006 أطلقت عليها «مشروع الفن في المدينة» في عام 2006، وذلك بهدف تحسين الجانب المرئي من هذه البلدة المعزولة، وتزيينها بجداريات جميلة، وأصبحت القرية محط اهتمام السياح الذين يزورون منطقة سيؤول المركزية. وفي حين أن هذه الجداريات قد تبدو جميلة، إلا أن بعض الخبراء يعتقد بأن لها جانباً سلبياً. ويقول أستاذ التصميم العمراني في جامعة كوريا، كيم ساي يونغ، إن الكثيرين ينظرون إلى اللوحات الجدارية على انها نوع من إعادة الحياة للقرى، في حين أن ذلك يمكن أن يؤدي فعلاً إلى مضايقات للسكان»، ويضرب مثلاً بقرية «أهوا»، ومعظم سكانها من كبار السن، على انها لم تعد ضاحية هادئة ومعزولة عن الضجيج بسبب الجموع الغفيرة من السياح التي تفد إليها. وتقول مجموعة من السياح من هونغ كونغ، الذين كانوا يزورون القرية، انها لم تفِ بتوقعاتهم، ويقول احدهم: «أعتقد أن الكثير من الجداريات قد اختفت»، ويضيف «ليس هذا ما رأيناه على شبكة الانترنت، أعتقد انه ليس الوقت المناسب للمجيء الى هنا». وعلى سبيل المثال، اختفت احدى اللوحات الفنية الرائعة في القرية في أبريل الماضي، والتي كانت تعكس صور عباد الشمس على أحد الادراج، حيث تمت تغطيتها باللون الرمادي. ووفقاً لمركز شرطة هيهوا فقد أزال السكان الجداريات بسبب الضجيج المفرط والقمامة التي يلقيها الزوار، وقرروا حل المشكلة من تلقاء أنفسهم، بعد أن بعثوا شكاوى للحكومة المحلية مرات عدة ولم تستجب لذلك. وغالباً ما يكون السياح غير مدركين لحقيقة أن السكان يعيشون في الواقع على بعد خطوات من المكان الذي يلتقطون منه الصور. وفي إحدى المرات كان هناك نحو 100 من طلاب المدارس المتوسطة يقومون بجولة في القرية كجزء من رحلة مدرسية، وكانوا يتحدثون لبعضهم بعضاً بصوت عالٍ، وبذل المعلمون كل جهد لكبح جماحهم، وفي أحد الاركان وقفت امرأتان تحملان لافتات تطلب منهم الصمت، لكن لم يكن لها على ما يبدو أي تأثير في هؤلاء الصبية. وتشير هذه الحادثة إلى جذور التضارب بين تزيين القرى الآيلة للانقراض بالجداريات وعدم مراعاة خصوصية سكان القرية وهدوئهم، وهم في الواقع أكبر المستفيدين من مشروع إحياء قراهم، ويبدو أن الحكومات المحلية التي تخطط هذه المشروعات تركز على زيادة السياحة أكثر من الاهتمام بتحسين نوعية حياة السكان. وعلى كل حال يقول السكان إن أسعار الأراضي والمساكن ارتفعت إلى مستوى عالٍ في القرية. وعلى الرغم من أن الملاك قد يستفيدون من زيادة قيمة الأرض، فإن البعض الآخر من السكان لا يتمتعون بحياة هادئة في الحي.
مشاركة :