الدولة المصرية في مواجهة الجماعة مجدداً وسط فتور شعبي واستنفار «إخواني»

  • 6/21/2016
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

تدخل مصر حالياً حقبة جديدة من حقب المواجهة مع جماعة «الإخوان المسلمين» محلياً وإقليمياً وعربياً بجديدة من شعلات إضرام النيران في الجماعة المهلهلة وتثبيت الاتهامات على ما تبقى من سمعتها الوطنية، وإرسال الرسائل بأنواعها بأن ما يبدو أنه توجه لمصالحة ما هو إلا ترسيخ لقواعد تعايش قائمة على نبذ العنف ولو من منطلق الجهاد، وتغليب مصلحة البلاد على الجماعات، والتسليم بأن الرئيس السابق محمد مرسي «مش راجع» لا اليوم ولا بعد حين. وحين نطق القاضي قبل يومين بحكم إعدام ستة أشخاص بينهم أعضاء في الجماعة وصحافيون في وسائل إعلامية داعمة لها وبالسجن 40 عاماً على الرئيس المعزول محمد مرسي في القضية المعروفة باسم «التخابر مع قطر»، كان الجميع على اختلاف التوجهات والقناعات وتناقضها على يقين بأن مصر تدخل بذلك مرحلة جديدة من مراحل المواجهة الشرسة مع بقايا الجماعة بأذرعها المختلفة وأبواقها المتعددة. تعدد بيانات الشجب والتنديد، ومقالات السب والتبكيت، وردود الفعل العنكبوتية ذات صيغة التهديد والوعيد، وغيرها من تعليقات الشخصيات ذات الهوى «الإخواني» أو الولع بالإسلام السياسي من جهة، إضافة إلى غضب أصحاب التوجهات الحقوقية المطلقة وأصحاب الأيديولوجيات الثورية المفرطة والمنتمين إلى التيارات الفكرية التي ما زالت ترى في «الإخوان» فصيلاً سياسياً ومجموعة وطنية يجب احتواؤها حتى وإن كانت شراً لا بد منه، كان جميعها متوقعاً من قبل جموع المصريين. جموع المصريين المنشغل معظمهم في تفاصيل الشهر الكريم بدءاً بصيام صعب في طقس بالغ الحرارة مروراً بإغراق كامل في هجمة درامية شرسة وانتهاء بسعادة غامرة وراحة شاملة لاحتجاب برامج السياسة واستتار قضايا القيل والقال واضمحلال منظومة الشد والجذب، لم تلتفت كثيراً إلى الأحكام الصادرة أو تتوقف طويلاً أمام آثارها المتوقعة. الجمهرة المكدسة أمام قسم الأجبان والمخللات في السوبرماركت الشهير لم تنجرف وراء تعليق أحدهم عن الحكم «الجائر» والقضية «الملفقة» والرئيس «الراجع» رداً على ما ورد في نشرة الأخبار المسموعة في المكان. قالت امرأة لأخرى: «مش وقته خالص. إحنا في ايه ولا في ايه؟!»، فعضدتها صديقتها: «وبعدين لا هو أول حكم ولا آخر حكم. بيقولوا الراجل (محمد مرسي) واخذ حوالي 85 سنة حتى الآن». ضحكتا ضحكة مكتومة خوفاً من خدش الصمت الرهيب الذي اجتاح المكان والذي أجبر الزبون الغاضب على بلع غضبه وانتظار دوره من دون تسييس دقائق الانتظار. لكن منظمة «العفو الدولية» كانت جاهزة ببيان الشجب والتنديد والذي وصل درجة سب القضاء المصري الذي وصفته بـ «الكسيح والفاسد تماماً» وأنه «ليس سوى وسيلة طيعة للقمع الذي تمارسه السلطة»، بل وذهبت إلى حد المطالبة بإسقاط أحكام الإعدام والتهم «المضحكة» ضد الصحافيين. الصحافة الغربية، ومعها «الإخوانية»، إضافة إلى المنصات العنكبوتية المعارضة والرافضة للنظام المصري الحالي، تدق حالياً على الأوتار نفسها بالحديث عن أحكام القضاء «الجائرة» والتهم «غير الموثقة» الموجهة إلى «الإخوان» و «القمع والظلم والقهر سمة الحياة في مصر منذ إسقاط حكم الجماعة»، وإن كان كل يغني على ليلى قمع المعارضة وظلم الجماعة وقهر الحريات لأسبابه وغاياته وقناعاته. قناعات تقف على طرفي نقيض تلك التي جعلت من هاشتاغ #مرسي والقاضي محمد شيرين فهمي بين الأكثر رواجاً على موقع «تويتر». فبين أنصار الجماعة ومحبيها والمتعاطفين معه المنددين بالحكم المؤكدين أن «مرسي راجع إن شاء الله» والقاضي «ظالم وإلى جهنم»، وأعداء الجماعة وكارهيها والمنددين بـ «تأخر تنفيذ الأحكام في الخونة والجواسيس» واعتبار القاضي «عادلاً ووطنياً بارك الله فيه»، ومعارضي كل من الجماعة والنظام الحالي على السواء المنددين بالحكم وما قبله وما بعده ضمن تنديد أشمل وأعم بالوضع برمته والقضاء من أوله إلى آخره، يشتعل «تويتر» ومعه بقية منصات التواصل الاجتماعي حراكاً وهبداً ورزعاً في كل الاتجاهات معوضاً الفتور الواقع في الشارع المصري تجاه الحكم ومؤججاً ردود الفعل العالمية والإقليمية المتأرجحة كذلك بين شجب وتنديد من جهة ودعم وتأييد من جهة أخرى. وآخر ما تتمناه القاعدة العريضة من المصريين هذه الأيام تجدد المواجهة الحامية بين النظام وبقايا الجماعة، وهي المواجهة التي خفتت كثيراً في الأشهر القليلة الماضية بعد تقلص عمليات تفجير العبوات محلية الصنع، وزرع القنابل بدائية التركيب، واستهداف رجال الشرطة. وعلى رغم المقاطعة الشعبية الطوعية للسياسة وكواليسها، والراحة النفسية الرمضانية لغياب «التوك شو» وسيطرة الدراما والمقالب، والرغبة الحقيقية في أن يكون لحديث المصالحة نصيب من الصحة من باب اتقاء شرور الجماعة، أو لتلميحات المراجعة جانب من النجاح على سبيل تخفيف وطأة روح الانتقام لدى المسجونين الإسلاميين وعلاج عرض المظلومية المتوارث عبر أجيالهم، إلا أن الغالبية تعرف أن المواجهة حادثة لا محالة، مع أمنيات بقدرة الأمن على السيطرة واحتكام «الأخوة» إلى الفطنة.

مشاركة :