تبدو الولايات المتحدة المضيفة أمام مهمة مستحيلة عندما تتواجه مع الأرجنتين وقائدها ليونيل ميسي على ملعب «إن آر جي ستاديوم» في هيوستن ضمن الدور نصف النهائي من النسخة المئوية لبطولة كوبا أميركا 2016. ورغم أن الولايات المتحدة تخوض مشاركتها الرابعة في البطولة المخصصة لمنتخبات أميركا الجنوبية مع بعض «الضيوف» من منطقة الكونكاكاف، على أرضها وبين جماهيرها فإن مهمة الوصول للمباراة النهائية للمرة الأولى تبدو صعبة المنال، في ظل المستوى الرائع الذي قدمه ميسي ورفاقه في فريق التانغو. لكن الولايات المتحدة تخوض الدور نصف النهائي دون ضغوط، بعدما نجح مدربها الألماني يورغن كلينزمان في تحقيق الهدف الذي وضعه قبل انطلاق البطولة والمتمثل بالوصول إلى دور الأربعة، وهذا ما تحقق على حساب الإكوادور بالفوز عليها 2 - 1 في ربع النهائي. ويبدو كلينزمان متفائلا رغم صعوبة المهمة أمام منتخب أرجنتيني طامح بإحراز لقبه الأول منذ 1993، وتعويض سقوطه في المتر الأخير خلال مشاركتيه الأخيرتين في مونديال جنوب أفريقيا 2014 أمام ألمانيا، وكوبا أميركا 2015 أمام تشيلي المضيفة التي قد يواجهها مجددا، كونها وصلت إلى نصف النهائي أيضا حيث تتواجه مع كولومبيا. وارتكز بطل العالم لعام 1990 في تفاؤله على النتائج اللافتة التي حققها رجاله في مبارياتهم الودية الأخيرة، حيث فازوا على ألمانيا بطلة العالم وهولندا، إضافة لنتائجهم الواعدة في مونديال 2014، حيث وصلوا إلى الدور ربع النهائي. وقال كلينزمان: «لا أرى أي سبب يمنعنا من الفوز بكوبا أميركا. سافرنا حول العالم في الأعوام القليلة الأخيرة من أجل خوض مباريات ودية صعبة للغاية في أوروبا والمكسيك ونجحنا في العودة مع الانتصارات». قبل عامين وفي مونديال البرازيل 2014، نجح كلينزمان ورجاله في إقصاء برتغال كريستيانو رونالدو والمنتخب الغاني القوي والتأهل إلى الدور الثاني عن مجموعة الموت التي ضمت ألمانيا. وقارب كلينزمان مواجهة نصف النهائي ضد ميسي ورفاقه بفلسفة خاصة عبر عنها بالقول: «لا نريد أن نضخم حجم الأرجنتين. قبل عامين واجهنا كريستيانو رونالدو في البرازيل، وتقدمنا عليهم 2 - 1 حتى الدقيقة 96»، قبل أن تنجح البرتغال في إدراك التعادل 2 - 2 في الجولة الأولى من الدور الأول. وواصل: «فاجأنا الكثيرين - لم يرشحنا أحد لكي نتخطى مجموعتنا في البرازيل. تركنا البرتغال خلفنا وغانا أيضا. كل شيء ممكن في الأدوار الإقصائية، الفرص متساوية 50 - 50 ضد أي فريق تلعب ضده. ليكن حلمك كبيرًا.. لما لا؟ الأمر يتعلق الآن بمباراتين أخريين». ولم يكن كلينزمان بحاجة إلى الغيابات لتصعيب المهمة أمام الأرجنتين، إذ إنه سيفتقد لاعب الوسط جيرماين جونز والجناح أليخاندرو بيدويا، والمهاجم بوبي وود الذي سيلتحق بعد البطولة بهامبورغ الألماني، وذلك بسبب الإيقاف. وشدد كلينزمان على ضرورة أن يتخلى لاعبوه عن ذهنية الفريق غير المرشح للفوز، ناصحًا إياهم بضرورة التحلي بالجرأة ضد منافس أكبر منهم، لكن هذه المقاربة قد تكلف فريقه الكثير بمواجهة ميسي ورفاقه، وقد ظهر ذلك جليا في المباراة السابقة ضد الإكوادور عندما أرهق أصحاب الضيافة من الضغط العالي الذي فرضوه ما سمح للمنافس الأميركي الجنوبي في الانطلاق بهجمات خطيرة جدا. ومن المؤكد أن مستوى الإكوادور مختلف تماما عن مستوى الأرجنتين ما سيجعل المهمة أصعب بكثير خصوصًا أن ميسي ورفاقه تألقوا هجوميا في هذه البطولة بعدما وجدوا طريقهم إلى الشباك في 14 مناسبة خلال 4 مباريات. وأوضح كلينزمان أن خوض مباراة المربع الذهبي أمام الأرجنتين تمثل فرصة رائعة أمام المنتخب الأميركي للارتقاء بالمستوى والتقدم خطوة كبيرة في عملية تطوير الفريق استعدادًا لبطولة كأس العالم المقبلة». وستكون الفرصة سانحة أمام ميسي في مواجهة هيوستن لكي يدون اسمه في تاريخ المنتخب الوطني والانفراد بالرقم القياسي من حيث عدد الأهداف الدولية الذي أصبح يتشاركه حاليا مع غابرييل باتيستوتا، بعدما سجل الهدف الثالث لبلاده في المباراة التي فازت بها على فنزويلا 4 - 1 الأحد في ربع النهائي. وأعرب ميسي، الفائز بالكرة الذهبية لأفضل لاعب في العالم خمس مرات، عن سعادته بالوصول إلى رقم «باتيغول»، قائلا بعد مباراة الأحد: «أنا فخور بمعادلة رقم باتيغول، ولكن الأهم بالنسبة لي هو النتيجة». وتابع: «لدي انطباع بأن الناس يعتقدون أن وصولنا إلى مباراتين نهائيتين على التوالي أمر طبيعي، وأنهم لا يركزون سوى على خسارتنا فيهما». وأضاف أن «التأهل إلى نصف النهائي مجددًا في بطولة كبرى يعتبر إنجازًا كبيرا لهؤلاء اللاعبين». وغاب ميسي عن المباراة الأولى في كوبا أميركا ضد تشيلي (2 - 1) بسبب الإرهاق جراء الرحلة الطويلة من برشلونة إلى الولايات المتحدة حيث أدلى بشهادته في قضية تهربه من الضرائب في إسبانيا، وكذلك إصابة في الظهر تعرض لها في المباراة الإعدادية الأخيرة للمسابقة القارية ضد هندوراس في 27 مايو (أيار) الماضي، ثم دفع به المدرب خيراردو مارتينو في الشوط الثاني أمام بنما التي انتهت بخماسية نظيفة منها ثلاثية له في غضون نصف ساعة شارك فيها. وشارك أيضا في الشوط الثاني في المباراة الثالثة في الدور الأول أمام بوليفيا (3 - صفر) لكنه فشل في التسجيل. وحذر نجم برشلونة من مغبة الاستهتار بالمنافس الأميركي، قائلا: «نحن على المسار الصحيح لكن سيكون من الصعب اللعب أمام الجمهور الأميركي. إنهم أقوياء من الناحية البدنية وبإمكانهم أن يلحقوا بنا الأذى إذا سمحنا لهم باللعب». وختم ميسي: «أريد الفوز بشيء ما مع بلادي وأريد أن أقدم كل ما لدي لكي أحقق هذا الأمر». ويعتبر الكثيرون ميسي أفضل لاعب في العالم، وأن ظهوره بمستواه أمر حاسم في تتويج الأرجنتين بأول لقب كبير لها منذ لقب كوبا أميركا 1993. وقال المدرب مارتينو: «لقد جئنا هنا بهدف واحد منذ أول يوم، وسنواصل الكفاح من أجله. لا أحد يمكنه ضمان شيء، ولكن لا يمكن لأحد أيضًا حرماننا من الحلم». ويدرك المنتخب الأرجنتيني جيدا أن الاختبار والتحدي الحقيقي في مباراة نصف النهائي سيكون في قدرة اللاعبين على اجتياز حالة الإجهاد بعد مبارياتهم الثلاث في الدور الأول، وكذلك المباراة الصعبة التي اجتازها الفريق بجدارة أمام نظيره الفنزويلي العنيد في دور الثمانية للبطولة. ويضاعف من صعوبة المهمة على التانغو الأرجنتيني أنه حصل على فترة راحة تقل يومين كاملين عن نظيره الأميركي الذي تغلب على المنتخب الإكوادوري 2 / 1 في دور الثمانية يوم الخميس الماضي فيما خاض المنتخب الأرجنتيني مباراته بدور الثمانية السبت وتغلب فيها على المنتخب الفنزويلي 4 / 1.
مشاركة :