كل الطرق تؤدي بآيرلندا الشمالية إلى مدينة ليون، فقد أعد خط هجوم المدرب مايكل أونيل أنفسهم في منطقة سانت جين دي أندري بمنطقة بيجولي، 40 دقيقة بالسيارة شمال المدينة الفرنسية. وبالفعل استقر هناك الكثير من مشجعي الفريق في المدينة استنادًا إلى المنطق نفسه بأن هذا المكان يمثل النقطة الوسطى بين مدينة نيس، التي استضافت مباراة الفريق الافتتاحية مع بولندا، وباريس، حيث من المقرر أن يواجه فريقهم ألمانيا اليوم. وبعد فوز مهم على أوكرانيا، تستطيع آيرلندا العودة لمواجهة فرنسا في دور الستة عشر في مباراة الأحد. ولن تقف طموحات المشجعين المهتاجين الذين احتفلوا بجنون في منطقة ديسين عند المركز الثالث كما يبدو. فعندما أنشأت الإمبراطورية الرومانية مدينة ليون لتحمل الاسم القديم «لوغدنم» عام 43 قبل الميلاد، عمدت لأن يتكون الاسم من مقطعين الأول يشير للإله لوجوس، والثاني للموقع الجغرافي للمدينة التي كانت حصنا عسكريا في الماضي البعيد. وعلى المنوال نفسه، فقد بدأ بالفعل الآيرلنديون في اتخاذ تلك المدينة حصنًا وفق تراث المدينة القديم، وانتشر المشجعون الآيرلنديون في كل مكان بوسط البلدة وحول الاستاد لأكثر من أسبوع، ولا تزال الأعداد في تزايد كبير. جرت هذه المباراة كأنها على أرضهم وتعاملوا معها على هذا الأساس، وبعد أن تضايق المدرب من أداء فريقه أمام بولندا (حتى وإن كانت النتيجة هزيمة بهدف واحد)، أوحى رد فعل أونيل بالثقة والإيجابية، إذ أجرى المدرب خمسة تغييرات، وكان التأثير واضحا. في الدقيقة الأولى، حصل ستيوارت دالاس على أول ركنية ليرفع من درجة تفاؤل فريقه، ومع امتلاء استاء بارا أوليمبيك ليونيس بألوان البلجيكيين مساء الاثنين في المباراة الافتتاحية، كان هتاف نظرائهم الآيرلنديين الشماليين يصدح في الجو أيضا وكأنهم يردون على نداء الجمهور المنافس. منحت رأسية غاريث مكالي المتقنة بعد كرة عرضية من أوليفر نورود التقدم لفريقه في بداية الشوط الثاني. كذلك أظهر أونيل شجاعة في تصديه لكرات كيلي ليفرتي، على الرغم من أن مهاجم نوريتش أحرز وحده سبعة أهداف في التصفيات. وكان المهاجم الغاضب قد انتقل على سبيل الإعارة إلى بيرمنغهام في مارس (آذار) الماضي، بعد أن رأى أحلامه تتبخر، في محاولة متأخرة للمشاركة في بعض المباريات، وشارك في أربع مباريات في دوري الدرجة الثانية كأساسي قبل نهاية الموسم. ومع استعراضه بالكرة على خط التمرس حتى منتصف الملعب بدا اللاعب وكأنه يذكر الجمهور بنفسه، وبأنه لا يزال قادرا على الإبداع. جاء نزول البديل كورنر واشنطن ليفسر سريعًا سبب نزوله حيث تصرف بذكاء وصال وجال ليسحب معه كاشريدي والمندفع ياروسلاف راكتيسكي لمختلف الاتجاهات. كان التغيير مطلوبًا من داخل الملعب ومن الطاقم الفني على حد سواء. وبعد المباراة اعترف مكالي بأن فريقه «لم يكن بهذا المستوى أمام بولندا». فعندما تحدث ستيف ديفيس في اليوم السابق للمباراة عن «حاجة فريقه لتشكيل المزيد من التهديد»، لم يكن الحديث يشبه دمدمة روي كين عن إمكان التدريب مثلا، لكن كان الكلام يبدو أنه بالفعل يخرج من أفضل لاعبي الفريق الذي يحاول أن يظهر خلو صفحته من أي أخطاء. تقدم ديفيس من بداية الملعب مراوغًا كل من قابله بلا كلل، لينقل الكرة بعدها لنصف الملعب الآخر، في مشهد يختصر الحيوية الجديدة والإحساس بالذات التي انتابت فريق آيرلندا الشمالية. فمنذ الأداء الرائع أمام بولندا مؤخرا، وعودة إلى الخلف للمباراة التي شاهدنا فيها خدعة كرستيانو رونالدو في ملعب وندسور بارك في سبتمبر (أيلول) 2013، حيث تقدمت آيرلندا على البرتغال بعد أداء راقٍ، بدا وكأنهم اكتفوا بهذا القدر منذ ذلك الحين وحتى موعد البطولة الحالية. وفي حين راقى الأداء كثيرا للمدرب أونيل، كانت أوكرانيا تبحث دون كلل عن الاستقرار، بصرف النظر عن الوضع السياسي للبلاد، وتسبب الالتحام القوي بين تاراس ستبينكو والنجم أندريا يورمولينكو في مباراة الدوري الأوكراني بين فريقي ديناموكيف وشختار دونستيك، في أبريل (نيسان) الماضي في أن يصرح ستيبناننكو علانية بأنه «صداقتهما قد انتهت»، قبل أن يجرى دعوتهما للمصافحة باليد في لقاء تلفزيوني. كان هناك إحساس بضرورة الاتحاد هنا، فقد كان مركزا الجناح في الفريق الأوكراني في حاجة حقيقية لمستوى رفيع كي يستطيعوا منافسة الخصوم، بسبب عدم كفاءة يارمولينكو ونظيره في اليسار لاعب نادي سيفيلا الإسباني يفين كونولانكا طوال الفترة الماضية. عند استبدال المهاجم الأوسط يفين سليزنوف بعد أقل من 20 دقيقة من بداية المباراة، لم يتباطأ وكان دائم التقدم للأمام، ولن يكون اهتمام آيرلندا كثيرًا بذلك، فهم يبدون مستمرين في الدفاع عن حصنهم لبعض الوقت.
مشاركة :