قبل يومين فقط من الاستفتاء التاريخي الذي تجريه بريطانيا حول عضويتها في الاتحاد الاوروبي، حذر رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون من ان الخروج من الاتحاد يمثل "مخاطرة هائلة" على الاقتصاد البريطاني، مناشدا البريطانيين التفكير في مستقبل اولادهم. وقال كاميرون من امام مقره في لندن "الامر الاهم هو الاقتصاد (..) الذي سيكون اقوى اذا بقينا في الاتحاد، واضعف اذا غادرنا. وهذه مخاطرة كبيرة بالنسبة لبريطانيا والعائلات البريطانية والوظائف البريطانية. وهذه مخاطرة لا يمكن اصلاحها، فلا عودة عن القرار". وقال كاميرون مخاطبا البريطانيين "فكروا في امال واحلام اطفالكم واحفادكم (..) اذا صوتم بالخروج، فاننا سنخرج من اوروبا الى الابد، وسيتعين على الجيل التالي ان يتحمل العواقب". اما قطب الاعمال جورج سوروس الذي اشتهر بعد تحقيقه ارباحا طائلة من مضاربات ضد الجنيه الاسترليني في 1992 خلال ازمة العملات، فقال ان رفض البقاء في الاتحاد الاوروبي سيتسبب بصدمة مالية كبيرة. وتعتبر بريطانيا خامس اكبر اقتصاد في العالم، وفي حال خروجها من الاتحاد فستكون اول دولة تفعل ذلك طوال تاريخ الاتحاد الممتد 60 عاما. واثار احتمال خروج بريطانيا مخاوف من حدوث الاسوأ، اي تداعي المشروع الاوروبي الذي ولد نتيجة التصميم على ضمان السلام في القارة بعد حربين عالميتين. وكتب سوروس في صحيفة "ذي غارديان" انه "من شبه المؤكد ان ينهار الجنيه الاسترليني بسرعة في حال صوت البريطانيون على الخروج في الاستفتاء". وقال "اتوقع ان يكون انخفاض قيمة العملة هذا اكبر واسوأ من الانخفاض بنسبة 15% الذي حدث في 1992". وتابع ان "التصويت بالخروج يمكن ان يقود الى انتهاء الاسبوع بيوم جمعة اسود وعواقب خطيرة على الناس العاديين". الا ان المؤيدين لخروج بريطانيا من الاتحاد رفضوا تصريحات سوروس. وصرح وزير العدل مايكل غوف ان سوروس "دعم ولادة اليورو واعتقد ان ذلك فكرة جيدة، وفي الحقيقة وكما راينا فان اليورو كان كارثة دمرت الوظائف وخلقت البطالة". ومع عدم وضوح نتيجة الاستفتاء، صرح رئيس البنك المركزي الاوروبي ماريو دراغي الثلاثاء ان البنك جاهز لكل الاحتمالات المتعلقة بالاستفتاء. وقال دراغي في بروكسل "من الصعب التكهن بتأثير التصويت في المملكة المتحدة وابعاده المختلفة على الاسواق واقتصادات منطقة اليورو". واضاف "نريد ان نكون مستعدين لجميع الاحتمالات، وخصوصا ان نكون مستعدين لتحقيق استقرار السوق"، الا انه اكد ان "من الصعب جدا" التنبؤ بالتبعات المالية والاقتصادية لخروج بريطانيا من الاتحاد. وفي واشنطن نبهت رئيسة الاحتياطي الفدرالي الاميركي جانيت يلين الى ان الاستفتاء "سيؤذن بفترة من عدم الاستقرار يصعب التكهن بها" محذرة من حالة عدم الاستقرار في الاسواق المالية. واظهرت مواقع ست شركات رهانات كبرى ترجيح كفة معسكر البقاء في الاتحاد بنسبة تصل الى 80%. وقال رئيس المفوضية الاوروبية جان كلود يونكر في مقابلة مع صحيفة المانية تنشر الاربعاء انه يامل بان تفضي "البراغماتية البريطانية" الى تاييد البقاء في الاتحاد الاوروبي. اجريت معظم الاستطلاعات الاخيرة بعد اغتيال النائبة العمالية جو كوكس، البالغة من العمر 41 عاما والوالدة لطفلتين، بعد اطلاق النار عليها وطعنها اثناء توجهها للقاء الناخبين في دائرتها في شمال انكلترا الخميس الماضي. والقاتل المفترض توماس مير البالغ من العمر 52 عاما، قال "الموت للخونة، الحرية لبريطانيا" عندما طلب منه التعريف عن نفسه عند مثوله للمرة الاولى امام المحكمة التي وجهت له تهمة القتل. وتتركز الحملة في بريطانيا على قضيتين رئيسيتين هما الاقتصاد والهجرة. وذكرت صحيفة ديلي ميرور ان "تكلفة شراء السلع من السوبرماركت سترتفع بمعدل 580 جنيه استرليني (850 دولارا، 750 يورو) سنويا في حال خرجنا" من الاتحاد الاوروبي. وصدرت الثلاثاء بعنوان "لنبق" في الاتحاد الاوروبي. اما صحيفة صن المؤيدة للخروج من الاتحاد، فكتبت على صفحتها الاولى "مهاجرون يلقون الحجارة داموا ميناء كاليه الفرنسي لمحاولة دخول بريطانيا". وتظهر استطلاعات الراي باستمرار ان اكثر من 10% من البريطانيين لم يحسموا رايهم بعد. وقالت مدرسة الموسيقى كيتي مولوي (24 عاما) "لم اقرر بعد. الامر الوحيد الذي قرأته هو عن الهجرة"، مضيفة "اعتقد انني ساصوت لصالح البقاء في الاتحاد، لان كل امر يوحد الدول هو امر جيد". ومع نفاد الوقت لاقناع الناخبين يتجمع الاف الاشخاص في ستاد ويمبلي لحضور نقاش بين المعسكرين يتواجه فيه رئيس بلدية لندن السابق بوريس جونسون الذي يقود حملة الخروج وخلفه رئيس البلدية الحالي صادق خان مؤيد حملة البقاء في الكتلة الاوروبية. ونشر نايجل فاراج، زعيم حزب "استقلال بريطانيا" ملصقا جديدا يعلق فيه على اكتظاظ المدارس. ودعا الى ضبط الحدود وقال ان واحدة من كل اربع مدارس ابتدائية عانت من الاكتظاظ العام الماضي. ومع اقتراب يوم الاستفتاء في 23 حزيران/يونيو ادلت شخصيات بموقفها منه. وقالت الكاتبة جي.كي رولينغ مؤلفة سلسلة هاري بوتر انها "احدى اكثر الحملات السياسية المثيرة للانقسامات والمرارة على الاطلاق"، فيما حذر رئيس وزراء ايرلندا ايندا كيني من ان خروج بريطانيا من اوروبا يمكن ان يزعزع سلاما تم التوصل اليه بصعوبة في ايرلندا الشمالية. وقال لاعب كرة القدم الشهير ديفيد بكهام على صفحته على فيسبوك "نعيش في عالم نشط ومترابط حيث يكون الناس معا اقوى، ولهذه الاسباب اصوت للبقاء" في الاتحاد. في المقابل، نصح لاعب الكريكت الانكليزي ايان بوثام الناس بمغادرة الاتحاد، محذرا من الهجرة. وقال "مناطقنا الريفية الجميلة هي ما تجعل من بريطانيا هذا البلد التي هي عليه، وهذه الجزيرة لا يمكنها تحمل 100 مليون شخص". وأظهرت دراسة نشرت الثلاثاء تقدم معسكر البقاء بست نقاط عبر طريقة احتساب تعيد تقييم البيانات انطلاقا من نسبة احتمال مشاركة الناخبين. غير ان مركز الابحاث ناتسين اكد ان المناصفة بنسبة 50-50 لا تزال ضمن النتائج مع احتساب هامش الخطأ.
مشاركة :