القراءة الإيجابية حماية من الجهل والتطرف

  • 6/22/2016
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

أشاد المشاركون في الجلسة الأخيرة بعنوان حوار بناء المجتمع المعرفي للمجلس الرمضاني لمركز الشارقة الإعلامي، بالمبادرات الكبيرة لدولة الإمارات، بشأن القراءة ودعمها وتسهيلها للناس وترسيخ مفهومها وتأصيله لدى الأجيال، وتطوير حركة النشر والتأليف والتوزيع. شارك في الجلسة الدكتور عزيز فرحان العنزي، مدير مركز الدعوة والإرشاد في دبي، والدكتور أحمد بن عبد العزيز الحداد، كبير المفتين، ومدير إدارة الإفتاء، وعضو هيئة كبار العلماء بدائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري بدبي، والدكتور خليفة علي السويدي، عضو هيئة التدريس في جامعة الإمارات، والدكتور ساجد العبدلي، طبيب وكاتب صحفي وناشط مجتمعي، وجمال الشحي، مؤسس دار كتاب للنشر والمدير التنفيذي لبرنامج الطفل العربي في مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم، وأدار الجلسة الدكتور سليمان الهتلان، الرئيس التنفيذي لشركة هتلان ميديا. حضر الجلسة الشيخ سلطان بن أحمد القاسمي، رئيس مركز الشارقة الإعلامي، وطارق سعيد علاي، مدير المركز، وعدد كبير من الإعلاميين والمهتمين والناشرين والكتاب. وأشار الدكتور العنزي، إلى أن الدعوة إلى القراءة من صميم الدعوة الإسلامية، وتنسجم مع دعوة الشريعة الإسلامية للقراءة والاطلاع والثقافة، حيث كان أول ارتباط بين السماء والأرض كلمة اقرأ، والدين الإسلامي دين علمٍ ومعرفةٍ وقراءةٍ وكتابةٍ وقائم في الأصل على العلم. ولدينا في قصة فك الأسرى من المشركين، بعد معركة بدر أسوة حسنة، حيث جعل النبي صلى الله عليه وسلم فداء كل أسيرٍ من المشركين، أن يعَلّم مسلماً القراءة والكتابة. وفي هذه القصة ما يجعلنا نستشعر أهمية القراءة والكتابة لديهم. ونجد أن كل الآيات القرآنية الكريمة والأحاديث النبوية الشريفة متفقة على القراءة والكتابة، يقول الله عز وجل: {يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات}. وفي هذه الآية تعلية من شأن المتعلمين والعلم. وطلب العلم في الإسلام فريضة ومطلب شرعي. وأضاف المسلمون الأوائل عملوا على نشر جملة من العلوم والمعارف، وليست كلها شرعية فقط، بل دفعوا بالعلوم الدنيوية فتخصصوا في الطب والهندسة والفلك والحساب، وأخذوا بزمام المبادرة في طلب العلم والاشتغال به، والمكتبة الإسلامية مملوءة بالمعارف والكتب، ويجب على المسلم أن يشعر أن طلب العلم مسألة شرعية، وهي مسألة تتطلب من المسلم أن يستوعبها، حتى يقيم دينه وواقع حياته على العلم. وعدد العنزي فوائد العلم الكثيرة على الناس، مشيراً إلى أن العلم يرفع ويعلي، والمتعلم دائماً عندما يتعلم ويوسع مداركه، يكتشف ذاته، لأن بالعلم تكون العبادة صحيحة. وأكد أن هناك خطوات يجب اتباعها لتحبيب القراءة للأجيال الجديدة، لأنها تكون شاقة في بادئ الأمر، ولكن مع التدرج فيها تصبح سهلة ومحبوبة وفعلاً يومياً. وقال: التدرج في القراءة، والتوجيه فيها، ووضع برنامج محدد للقراءة، إلى جانب وجود مكتبة في المنزل، كلها تسهل على الإنسان القراءة وتجعله رفيقها. وأضاف الهدف من القراءة هو بناء شخصية قوية متعلمة غير مهزوزة، مع التوجيه، لأننا إذا تركنا الحبل على الغارب فسيتوه القارئ، لذا يجب بناء الشخصيات أولاً عن طريق القراءات الأساسية التي تنمي لديه الحس النقدي. واختتم بقوله:نحن متفقون على أن هناك ضعفاً في القراءة، ولكن لا نريد أن نبكي على اللبن المسكوب، بل نريد أن نضع حلولاً، والخطوة الأولى تبدأ من التعليم. القراءة الجزئية الدكتور أحمد الحداد أشار إلى أن العالم بأجمعه يعيش أزمة في القراءة، بطرفيها الإيجابي والسلبي، وقال: إن محصلة ذلك كانت أن أصبحت القراءة الجزئية هي السائدة التي جعلت من يتبع ذلك يخرج علينا بالسيف، لأخذه النصوص التي توافق هواه، لأنه لم يحسن القراءة. والقراءة السلبية هي التي تزرع الشك والإلحاد، بينما القراءة الإيجابية هي التي دعا إليها القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، لأننا أمة القراءة، والإسلام جعل غاية الخلق هو العلم، والإسلام يقول العلم قبل العمل، والقراءة الإيجابية تكون بالتمعن في ثلاثة أمور: الكتاب المقروء نفسه، والكاتب، والحال التي تكون عليها الكتابة التي تناسب الواقع، حيث يجب النظر إلى الكاتب الذي نقرأ له وهو من يكتب كتابة شرعية، لا من يكتب طعناً في الشريعة. ويجب النظر إلى كيف نقرأ أيضاً، وكيف ننزل هذه القراءة إلى واقعنا ونستفيد منها. نحتاج إلى قراءة تنعش الحياة الاقتصادية والفكرية، والقراءة التي تجعل الناس يقبلون على الدين، والقراءة إن لم توافق الواقع فلا فائدة منها. واستنكر د. أحمد الحداد أن توصف الأمة الإسلامية بأنها لا تقرأ، مع أنها معنية أكثر من غيرها بالقراءة التي هي مطلب شرعي، والعلم يدعو إلى الإيمان، وقال: يجب أن نقرأ في كل شيء ولكن لابد من التوفيق بين القراءة مع حفظنا لديننا. منافسة شرسة من جهته أكد الدكتور ساجد العبدلي، التحدي الكبير في نشر الثقافة والمجتمع في ظل وجود منافسة شرسة مع التكنولوجيا الحديثة التي ابتكرت أدوات فيها التفاعل الكبير والألوان الجميلة التي تجذب الناس خاصة الأطفال، ليكون الكتاب الورقي مجرد قطعة ميتة وثابتة كالرخام، ما يجعل التحدي أكبر لاحتياجنا إلى جَسرْ هذه الهوة. وقال لدينا أمية كبيرة حتى على مستوى الكبار، وبالتالي أمامنا تحد كبير حتى نتجاوز الفتور في علاقة الناس بالكتاب وبالتالي بالقراءة. ومع أن التكنولوجيا هيأت الكثير من الإمكانيات، فإنها تفقد القارئ التركيز مع وجود تزاحم كبير في التنبيهات والقفزات من مكان إلى مكان، وهذه واحدة من مشاكل القراءة الإلكترونية بدلاً عن الكتاب الورقي. وقال الناس تقرأ آلاف الكلمات يومياً إلكترونياً، ولكن هل هذا النوع من القراءة يوصل إلى حالة التأمل والقراءة الحقيقية المركزة؟ ترسيخ المعلومة ومن ثم بدء التساؤلات ومرحلة البحث لا تكون بمجرد القراءة، لذا يجب علينا الوصول لفعل القراءة الحقيقي حتى نصل إلى الأهداف المرجوة. توريد المعرفة الدكتور خليفة السويدي، أشار إلى أن إعلان عام القراءة بالدولة، قائلاً:كان حدثاً كبيراً، كما أن إعلان مشروع أمة تقرأ وقفة حقيقية في تعليم القراءة وتطوير المجتمعات لأن وجود الإنسان القارئ يساعد على خلق واقع جديد ضد الفقر والجهل وهما أسس تطور المجتمعات، ونقول إن الانتقال بالإنسان القارئ هو الحل. وتحدث السويدي عن تجارب بعض الدول التي حاربت الفقر والجهل بالقراءة، مثل كوريا التي أصبحت في غضون سنواتٍ قليلة من أفضل الاقتصادات في العالم. وأكد أن الابتعاد عن اللغة العربية سر من أسرار تخلف الأمة العربية، لأن اللغة هي طريقة تفكير، وهو ما أخذ به اليابانيون في تجربتهم المعاصرة، فقرأوا وتعلموا وأبدعوا وتفوقوا. وأرجع قلة الإبداع الفكري والعلمي في الدول العربية إلى التعلم باللغات الأخرى الأجنبية، ما يجعل الإنسان لا يفكر بطريقته الطبيعية، بل بطريقة أهل اللغة. وقال:لدينا حضارة عريقة، ولكننا مسخنا هذه الحضارة عندما شجعنا التعليم باللغات غير العربية. من جهته أشاد جمال الشحي، بالجهود الكبيرة التي تقوم بها دولة الإمارات في مختلف المجالات المتعلقة بالقراءة، مثل حركة النشر والمهرجانات الثقافية ورصد الجوائز الكبيرة، مؤكداً أن هذا الحشد الثقافي الكبير لا بد أن تتبعه حركة إنتاج ثقافي، وهي الحركة التي تنتظم الإمارات منذ 5 سنوات، وهذا العام تم التتويج بإعلان عام 2016 عام القراءة. وأشار الشحي إلى أن الحديث اليوم عن محتوى الكتاب الذي يجب أن تكون له شروط محددة حتى يحقق الهدف منه ومن قراءته. وقال:لا بد أن يكون الكتاب المنتج ذا قيمة فنية ويصلح للنشر، جزء للكاتب والناشر والجمهور وهو الجزء الأكبر في منظومة العمل. الناس لديها تحفظات الآن على المنشور من الكتب، ولكن ما هو البديل؟ الناشر يدعم الأجيال الجديدة لتشجيعهم على الكتابة والنشر، ولكن مع مراعاة المحتوى، والحكم في النهاية للجمهور وهو الناقد الأكبر.

مشاركة :