مالت أسعار النفط الخام إلى الانخفاض عقب ثلاثة ارتفاعات سابقة كنتيجة لتوقعات بارتفاع مستوى المخزونات بعد تزايد الحفارات النفطية الأمريكية من جديد فيما خفف حدة الانخفاضات تراجع الدولار الأمريكي أمام بقية العملات الرئيسة وأدى اتفاق الحكومة النيجيرية مع المتشددين على وقف الاعتداءات إلى تهدئة الأسواق ودفع الأسعار نحو الانخفاض. وأظهرت بيانات اقتصادية تراجع صادرات السعودية من النفط الخام في نيسان (أبريل) الماضي إلى 7.444 مليون برميل يوميا على الرغم من الطلب المتنامي على النفط السعودي وهو ما يؤكد سعى السعودية لدعم استقرار السوق ورفضها لتوجهات البعض نحو إغراق الأسواق ما يؤثر في ضعف الأسعار . وغلبت حالة من الضعف والترقب على الأسواق انتظارا لحسم ملف بقاء أو مغادرة بريطانيا للاتحاد الأوروبي وهو سيكون له تأثير واسع في اقتصادات الاتحاد الأوروبي وفرص النمو في حالة انسحاب بريطانيا إلا أن استطلاعات الرأي العام تصب قليلا في صالح البقاء. ويقول بن فان بيردن المدير التنفيذي لشركة "رويال داتش شل" العالمية للطاقة لـ"الاقتصادية"، إن استقرار الأسواق عنصر رئيس وجوهري من أجل إمدادات آمنة للطاقة، مشيرا إلى ضرورة استعادة الاستقرار السياسي في كثير من دول الإنتاج خاصة ليبيا ونيجيريا اللتين أدت الهجمات الإرهابية فيهما إلى تأثيرات سلبية واسع في الاستثمار وفي نمو الإنتاج والإمدادات. وأوضح أن الاعتداءات على المنشآت النفطية في نيجيريا دفعت "شل" إلى بيع أصول بقيمة 4.8 مليار دولار منذ عام 2010، منوها إلى أن الوضع في نيجيريا لا يزال يواجه تحديات كبيرة رغم جهود الدولة لفرض الأمن في منطقة دلتا النيجر الغنية بالنفط واستثماراته. وأشار إلى أن الأعمال الإجرامية والتخريبية أدتا إلى خسائر مأساوية في الأرواح عام 2015 وتنامي أعمال سرقة النفط الخام وأنشطة التخريب والتسريب وهو ما أدى إلى قيام "شل" بتخفيض محفظتها الاستثمارية في المشاريع البرية. وبالنسبة للأزمة في كندا قال، إن حرائق الغابات أثرت كثيرا في الإنتاج الكندي وفي نشاط "شل" في إنتاج النفط الرملي، مشيرا إلى أن الشركة تمتلك 60 في المائة من مشروع أثابسكا الكندي لإنتاج النفط الرملي وقد أدت الحرائق إلى تعطيل الإنتاج وترحيل السكان ومنهم عمال المشروع من المناطق المجاورة حيث تسببت ثلاثة حرائق في أيار (مايو) الماضي في تهجير 90 ألف نسمة منهم عدد كبير من عمال "شل" الذين انخرطوا في أعمال الإغاثة. ويقول راينر سيلى مدير شركة "أو إم في" النفطية النمساوية لـ"الاقتصادية"، إن الفترة الحالية التي تتسم بعدم استقرار أسواق النفط الخام تتطلب التركيز على مشاريع المصب خاصة أن هناك كثيرا يمكن أن تنجزه الشركات في مجال التكرير وذلك بدعم من إعادة هيكلة الاستثمارات النفطية الذي تم تنفيذه بالفعل في عديد من الشركات. وأوضح أن الأولوية الآن بالنسبة للاستثمارات هو بناء القدرة التنافسية القوية في ظل سوق متخم بإنتاج متنام وبوفرة الإمدادات، مشيرا إلى أن مشاريع النفط سوف تظل الأعلى ربحية والأفضل من حيث التدفقات النقدية، لافتا إلى ضرورة أن تنصب الجهود وتركيز الشركات على تحقيق الاستفادة القصوى والوصول إلى القدرات الأمثل في عمل المصافي النفطية. وبالنسبة لنشاط "أو إم في" في مجال الغاز، أكد ضرورة العمل على تحقيق زيادة كبيرة في حجم مبيعات الغاز، مشيرا إلى أن "أو إم في" لا تزال ملتزمة بدور قوي في مشروع خط أنابيب "نورد ستريم 2" وهو المشروع العملاق الذي سيزيد أمن إمدادات الطاقة إلى أوروبا. ويقول دييجو بافيا مدير شركة "إينو إنرجى" للطاقة في هولندا لـ"الاقتصادية"، إن الدول المنتجة للطاقة تواجه أعباء اقتصادية كبيرة وهو ما يعطل رواج الأسواق، منوها إلى أن دولا كثيرة قد لا تحقق معدلات النمو المأمولة خاصة مع اتجاه الاتحاد الأوروبي لمد العقوبات الاقتصادية على روسيا وتسجيل الجزائر زيادة كبيرة في العجز التجاري وحدوث عجز مماثل في قطر قد يمتد لعدة سنوات مقبلة. وأضاف أن خطة التنوع الاقتصادي خاصة في موارد الطاقة أصبحت ضرورة ملحة لكل اقتصادات العالم، مشيرا إلى أن السعودية والإمارات تبنتا خططا قوية للتنوع الاقتصادي وتقليل الاعتماد على النفط الخام، منوها إلى ضرورة إعطاء الطاقة المتجددة مساحة أكبر في مزيج الطاقة لكل الدول المنتجة للطاقة التقليدية . وقال إن السوق الصينية ستظل محور الطلب على الطاقة في العالم على الرغم من صعود أسواق ناشئة قوية أيضا مثل الهند وباكستان، مشيرا إلى أن الصين تشهد حاليا منافسة شديدة على الحصص السوقية خاصة بين كبار المنتجين السعودية وروسيا وإيران . من ناحية أخرى وفيما يخص الأسعار، تراجعت أسعار النفط أمس بعد تداولات قوية على مدار يومين في ظل زيادة التقلبات جزئيا بسبب ترقب استفتاء تجريه بريطانيا في الأسبوع الحالي يحدد ما إذا كانت ستخرج من الاتحاد الأوروبي أم لا. كما أدت تقارير لوسائل إعلام نيجيرية عن توقيع الحكومة اتفاقا لوقف إطلاق النار 30 يوما مع المتشددين الذين تسببت هجماتهم في تقليص صادرات البلاد من النفط الخام إلى تراجع السوق التي سبق أن تحسنت على خلفية اضطراب الإمدادات. وأثناء التعاملات جرى تداول خام القياس العالمي مزيج برنت في العقود الآجلة تسليم آب (أغسطس) عند 50.23 دولار للبرميل بانخفاض 42 سنتا للبرميل. وزاد العقد بأكثر من 6 في المائة مقارنة بتسوية يوم الخميس بعد انخفاضه 10 في المائة في الجلسات الست السابقة. وتراجع الخام الأمريكي في العقود الآجلة تسليم (يوليو) تموز 45 سنتا إلى 48.92 دولار للبرميل. وانخفضت العقود الآجلة تسليم آب (أغسطس) الأكثر تداولا 40 سنتا إلى 49.56 دولار للبرميل. وزاد العقد 3 في المائة تقريبا عن 49.96 دولار للبرميل في تسوية يوم الإثنين. وأظهر استطلاعان للرأي يوم الإثنين أن المعسكر الداعم لبقاء بريطانيا في الاتحاد الأوروبي اكتسب بعض القوة بعد مقتل نائبة برلمانية مؤيدة للبقاء في الاتحاد على الرغم من أن استطلاع رأي ثالث أظهر تقدما طفيفا للمعسكر المؤيد للخروج من الاتحاد. وتراجعت صادرات النفط الخام السعودية في نيسان (أبريل) برغم ارتفاع مستويات الإنتاج ما يوحي أن الحرب مع منتجي النفط الصخري في الولايات المتحدة على الحصة السوقية مستمرة. ومع ارتفاع أسعار النفط 30 في المائة منذ بداية العام الجاري يبحث منتجو النفط الصخري في الولايات المتحدة زيادة الإنتاج مجددا وأثبتوا أنهم يتمتعون بمرونة تفوق توقعات السعودية وباقي أعضاء "أوبك". وتراجعت أسعار النفط في السوق الأوروبية أمس للمرة الأولى في ثلاثة أيام، قبيل بيانات عن مخزونات الخام في الولايات المتحدة أكبر مستهلك للنفط بالعالم وسط توقعات ارتفاع المخزونات بعد تسارع عمليات تشغيل منصات الحفر والتنقيب عن النفط الصخري للأسبوع الثالث على التوالي، ويحد من الخسائر تراجع العملة الأمريكية مقابل سلة من العملات. وأثناء التعاملات تراجع الخام الأمريكي إلى مستوى 49.50 دولار للبرميل من مستوى الافتتاح 49.79 دولار وسجل أعلى مستوى 49.93 دولار وأدنى مستوى 49.48 دولار. ونزل خام برنت إلى مستوى 50.10 دولار للبرميل من مستوى الافتتاح 50.42 دولار وسجل أعلى مستوى 50.49 دولار وأدنى مستوى 50.04 دولار. وحققت أسعار النفط ارتفاعا بأكثر من 7 في المائة على مدار آخر يومين، ضمن عمليات الارتداد من أدنى مستوى في شهر، إضافة إلى هبوط العملة الأمريكية الدولار، وانحسار المخاوف بشأن انفصال بريطانيا عن الاتحاد الأوروبي. وتصدر اليوم البيانات الرسمية عن إدارة معلومات الطاقة الأمريكية وسط توقعات ارتفاع المخزونات بعد تسارع عمليات الحفر والتنقيب عن النفط الصخري في البلاد للأسبوع الثالث على التوالي بعد تحسن أسعار النفط أخيرا وتقليل خسائر الشركات العاملة في الحقول الأمريكية. وتراجعت العملة الأمريكية بنحو 0.1 في المائة مقابل سلة من العملات، مواصلة خسائرها لليوم الثالث على التوالي، مسجلة أدنى مستوى في أسبوعين، قبيل شهادة جانيت يلين رئيسة البنك الفيدرالي الاتحادي أمام الكونجرس الأمريكي عن السياسات النقدية للبنك ومستقبل رفع أسعار الفائدة. ومن جانب آخر، ارتفعت سلة خام أوبك وسجل سعرها 46.24 دولار للبرميل يوم الإثنين مقابل 44.18 دولار للبرميل في اليوم السابق.
مشاركة :