قرر الأردن إغلاق حدوده مع سوريا واعتبارها منطقة عسكرية مغلقة إثر العملية الإرهابية التي وقعت فجر أمس، هي الأولى من نوعها، وراح ضحيتها 6 قتلى من أفراد القوات المسلحة والأجهزة الأمنية، وإصابة 14 آخرين. وتوعد العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني بالضرب بيد من حديد على كل من يعتدي أو يحاول المساس بأمن بلاده وحدودها، فيما أعلن في عمان أن الحكومة تبحث وقف إنشاء أي مخيمات جديدة للاجئين، كما ستوقف التوسع في المخيمات الموجودة. وأكد مسؤول في القيادة العامة للقوات المسلحة الأردنية - الجيش العربي، أن سيارة مفخخة استهدفت موقعًا عسكريًا متقدمًا لخدمات اللاجئين السوريين، انطلقت بسرعة فائقة من مخيم اللاجئين السوريين الموجود خلف الساتر في منطقة الركبان، وعبرت من خلال الفتحة الموجودة في الساتر الترابي، التي تستخدم لتقديم المساعدات الإنسانية للاجئين، متفادية إطلاق النار عليها من قبل قوات رد الفعل السريع ولحين وصولها إلى الموقع العسكري المتقدم، وتفجيرها من قبل سائقها في عملية أدت إلى مقتل وإصابة عدد من مركبات القوات المسلحة الأردنية – الجيش العربي والأجهزة الأمنية، القائمين على خدمة اللاجئين السوريين. إلا أن مصدر مطلع قال لـ«الشرق الأوسط» إن السيارة التي اقتحمت موقع البرج تزامنت مع تفجير برج الحراس عبر رمي قذائف الهاون عليه، ومن ثم اتجهت إلى داخل مركز خدمات متقدم للاجئين وانفجرت هناك، ما أدى إلى مقتل وإصابة مجموعة من قوات حرس الحدود والأجهزة الأمنية. وأوضح بيان رسمي للقوات المسلحة الأردنية على لسان مصدر مسؤول أن هذا «العمل الإرهابي نجم عنه استشهاد أربعة أفراد من قوات حرس الحدود، وأحد من أفراد الدفاع المدني، وأحد أفراد الأمن العام، وإصابة أربعة عشر فردًا من القوات المسلحة والأجهزة الأمنية، منهم تسعة أفراد من الأمن العام». وأكد الملك عبد الله الثاني، خلال زيارته القيادة العامة للقوات المسلحة الأردنية - الجيش العربي، أمس، أن الوطن «قوي دائما بعزيمة بواسل قواتنا المسلحة وأجهزتنا الأمنية». وشدد على أن الأردن، بتلاحم أبناء وبنات شعبه سيبقى عصيا، كما هو شأنه دائما، في وجه كل المحاولات، التي تستهدف أمنه واستقراره»، معربا عن تعازيه لمقتل كوكبة من القوات المسلحة والأجهزة الأمنية جراء هذه العملية. وقال: «لن تزيدنا مثل هذه الأعمال إلا إصرارًا على الاستمرار في التصدي للإرهاب ومحاربة عصاباته، التي طالت يدها الغادرة والآثمة من يسهرون على أمن الوطن وحدوده ويفتدون بأرواحهم ويروون بدمائهم ترابه الغالي، وعزاؤنا لأنفسنا ولأسرهم ورفاقهم في السلاح وكل الأردنيين والأردنيات». وأصدر مستشار الملك للشؤون العسكرية، رئيس هيئة الأركان المشتركة للقوات المسلحة الأردنية، الفريق أول الركن مشعل محمد الزبن، أمرًا باعتبار المناطق الحدودية الشمالية، والشمالية الشرقية، مناطق عسكرية مغلقة، ابتداء من أمس. وقال بيان لقيادة الجيش يحمل رقم 4 أنه سيتم التعامل مع أي تحركات للآليات والأفراد ضمن المناطق المذكورة أعلاه، ودون تنسيق مسبق، باعتبارها أهدافًا معادية، بكل حزم وقوة ودون تهاون. من جهته، أكد نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية الأردني، ناصر جودة، أن الأردن طالما حذر من خطورة تزايد أعداد السوريين الموجودين على حدوده والخطر الأمني المرتبط بذلك. وقال جودة خلال اجتماعه أمس مع سفراء الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن والاتحاد الأوروبي وممثلي المفوضية السامية لشؤون اللاجئين ومكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إن «عدد السوريين طالبي اللجوء وصل إلى 102 ألف شخص غالبيتهم من مناطق شمال وشمال شرقي سوريا التي يتواجد فيها إرهابيو «(داعش)». وقال جودة خلال الاجتماع الذي حضره كل من وزير الداخلية سلامة حماد ووزير الدولة لشؤون الإعلام محمد المومني إن الهجوم الإرهابي الذي وقع اليوم جاء برهانا قاطعا على تواجد بعض العناصر الإرهابية في التجمعات المتاخمة لحدودنا الذي طالما حذرنا منه، ولذلك فإن الحرص على أمن الأردن يتطلب بعد حادثة اليوم أن نغلق تلك المنطقة الحدودية تحديدا على الأفراد والمركبات واعتبارها منطقة عسكرية مغلقة وإيجاد آلية بديلة بوسائل وطرق مختلفة يتفق عليها مع المنظمات الدولية لإيصال المساعدات الإنسانية لمن يستحقها في تلك التجمعات. وأكد جودة أن ما تحمله الأردن لم تتحمله أي دولة في العالم بموضوع اللجوء، ولا بد للعالم أن يتحمل مسؤولياته ويستوعب مزيدا من اللاجئين وأن يحترم خيارات وقرارات الأردن السيادية، خصوصا التي تتعلق بأمنه وأمن حدوده ومواطنيه. من جانبه، أكد وزير الداخلية الأردني، سلامة حماد، أن «أمن الأردن والأردنيين أولوية قصوى» وأن لدى الأردن احتياطات أمنية أساسية. وأشار إلى أن المنطقة التي شهدت الاعتداء، يوجد فيها عناصر لـ«داعش» ومهربون ومخاطر ليس على الأردنيين فحسب، إنما على المنظمات العاملة في المنطقة وغيرها. من جهته، أكد وزير الدولة لشؤون الإعلام الناطق الرسمي باسم الحكومة الأردنية، الدكتور محمد المومني، أن عمان ستوقف إنشاء أي مخيمات جديدة للاجئين كما ستوقف التوسع في المخيمات الموجودة. وأوضح «سنتباحث مع المنظمات الدولية بشأن آليات جديدة لإيصال المساعدات الإنسانية لهؤلاء الموجودين على حدودنا». ومن جانبهم، استنكر سفراء الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن والاتحاد الأوروبي وكبار منظمات الأمم المتحدة العاملة في الأردن هذا العمل الإرهابي الجبان، مؤكدين وقوفهم وتضامنهم مع الأردن في مواجهة الإرهاب الذي يهدد العالم. ويقطن مخيم الركبان أكثر من 64 ألف لاجئ سوري ومن المتوقع أن يصل عددهم في هذا المخيم إلى مائة ألف بحلول نهاية العام، ما يشكل أزمة حقيقية للأردن وللاجئين أنفسهم. وبموجب الاتفاق بين الحكومة الأردنية ومفوضة اللاجئين، يدخل إلى حدود الأردن نحو 300 لاجئ سوري يوميا، بشرط أن تجري الحكومة الأردنية مزيدا من عمليات التفتيش الأمنية، لمنع دخول المتطرفين. وما تخافه الحكومة الأردنية أن يتسلل الإرهابيون إلى البلاد متنكرين بهيئة لاجئين. وأقدمت الحكومة الأردنية على تخفيض عدد النقاط الحدودية لمرور اللاجئين من سوريا من 45 نقطة تفتيش في 2012 إلى نقاط ثلاث رئيسية شرق المملكة في 2015. وكتبت الملكة رانيا العبد الله، عبر موقعي «تويتر» و«فيسبوك»: «لكم الجنة يا شهداء الوطن... ولذويكم وإخوانكم الصبر والسلوان». وأدانت سفارة الولايات المتحدة في عمان الهجوم على قوات الأمن الأردنية، وأعربت عن خالص تعازيها للضحايا وأسرهم: «وإلى شركائنا في القوات المسلحة الأردنية، والشعب الأردني». وقالت في بيان: «سنواصل دعمنا الثابت للقوات المسلحة الأردنية، ونفخر بأن نكون شركاء مع الرجال والنساء الشجعان لضمان أمن البلد بأكمله»، مؤكدة وقوف الولايات المتحدة إلى جانب الأردن. واستنكرت الأحزاب السياسية والنقابات والفعاليات الشعبية العملية الإرهابية ودعت إلى «رص الصفوف وتمتين الجبهة الداخلية لتفويت الفرصة على أعداء الوطن والمتربصين به».
مشاركة :