ها قد أتي ذاك الوقت من السنة الذي ينطلق فيه مهرجان فاكهة الليتشي ولحوم الكلاب، الذي يقام سنويا في الصين، ويعود بالتالي الجدال العالمي حول الرفق بالحيوان وحدود التسامح الثقافي. فقد ذُبح وأُكل حوالي 10 آلاف من الكلاب خلال الأعوام الماضية في المهرجان الذي تستمر مدته 10 أيام. وتنقسم ردود الفعل في الغرب بين الذين يدينون المهرجان بشدة والذين يدّعون أن الحكم على القيم الصينية هو نوع من الإمبريالية الثقافية. وفي الواقع، فإن كل وجهة نظر في هذا الإطار لها ما يبررها وما ينقضها في الوقت عينه. لنناقش منتقدي المهرجان أولا. هم بالطبع لديهم الكثير ليسخطوا عليه. قد يهمك أيضا.. أهلاً بكم في مدينة الأموات يعتقد البعض أن لحم الكلاب يكون ألذ إذا تعرض الحيوان لمعاناة شديدة أثناء الذبح، وهناك اتهامات أيضا للطهاة بسلخ الحيوانات وهي حية في بعض الأحيان. الكسل عن التفكير؟ ولكن غالبا ما يعتقد النقاد أنه من غير المقبول تماما أن تُحفظ الكلاب في أقفاص وتُقتل وتؤكل. وتُبرر هذه الشكاوى عندما تأتي من نباتيين مستائين بالمثل من أحوال الماشية في المزارع الصناعية الغربية. ولكنها تمتلئ بالنفاق عندما تأتي من آكلي اللحوم الذين يأكلوا بسعادة لحوم الحيوانات التي تُربّى بشكل قاس، أو حتى من النباتيين الذين يستهلكوا الحليب والجبن الآتية من الماشية التي تُبقى في ظروف سيئة جدا حتى أن الكثير منها تصاب بالعرج. ولكن القائلين إن أي انتقاد على الإطلاق هو نوع من الإمبريالية الأخلاقية هم قاصرون في تفكيرهم. فيعتقد الكل أن احترام الاختلاف له حدود. فأنا لا أعرف أحدا يدافع عن ممارسات داعش الوحشية، أو محرقة الرايخ الثالث التي تقشعر لها الأبدان، أو إعدام المثليين جنسيا والملحدين في بعض البلاد الإسلامية، باسم التنوع الثقافي. كذلك.. كلب يتسلل على رؤوس أصابعه خوفاً من الهر وما قد يبدو كتسامح قد يتحول بكل سهولة إلى نوع من التعالي، وكأن الصينيين لا يُمكنهم الارتفاع بقيمهم إلى مثاليتنا العليا. مشاعر عنصرية؟ في الواقع، بدأ الاحتجاج ضد مهرجان يولين في الصين، حيث أنفقت معلمة مدرسة متقاعدة آلاف الدولارات لإنقاذ الكلاب والقطط من المهرجان، وقد أبدت شخصيات صينية شهيرة اعتراضها على الموضوع علنا. وبالرغم من كون أكل لحوم الكلاب ضمن التقاليد في مناطق في الصين، إلا أن مهرجان يولين قد بدأ في عام 2009 ولم تؤيده الحكومة الصينية. وما أعتقد أيضا أنه مزعج في مثل هذه القضايا هو أنها تُظهر جوانب تتعلق بكره الآخر والخوف منه حتى بين أشخاص يفترض أنهم يعتنقون توجهات ليبرالية على جانبي النقاش. عندما كتبت عن المهرجان في وقت سابق، كتب شخص كان يتحدث عني بانتقاد شديد تغريدة على تويتر يقول فيها إن كل الكوريين أشرار بسبب أكلهم للكلاب. ومن النادر أن يُعبَّر عن مشاعر عنصرية صارخة مثل هذه علنا، ولكني أخشى أن يكون الكثير من منتقدي المهرجان يؤكدون لأنفسهم أحكامهم المسبقة عن الشعوب الآسيوية "المتخلفة" القاسية بطبيعتها وغير القادرة على التعاطف مع الحيوانات. ويظهر استعداد الناس لتصديق الأسوأ عن الصينيين في أسلوب الغاضبين على مواقع التواصل الاجتماعي في قبول القصص التي تُظهر القسوة دون التأكد بأنفسهم أن هذه بالفعل أفعال منتشرة. تحقق من اعتراضاتك لا تكفي رؤية فيديو واحد به كلب يُضرب لإدانة المهرجان ككل، مثلما أن سوء المعاملة في بعض المسالخ الغربية لا تدين صناعة اللحوم ككل. يجب أن يتحقق الغربيون الذين يشعرون بالاشمئزاز من مهرجان يولين أن اعتراضاتهم مبنية على قيم راسخة وليست تفضيلا وجداني لحيوانات ظريفة وودية فحسب. ثم لابد أن يتأكدوا أن القصص الذين يسمعونها حقيقية. و.. تمساح يهاجم رضيع كان يلهو مع عائلته بمتنزه ديزني ويجب أيضا أن يفكروا بتمعن في الأسلوب الصحيح للتعبير عن استنكارهم. يقول البعض إن ضغوط الغرب من خلال وسائل التواصل الاجتماعي أدت إلى انخفاض عدد الكلاب التي تُقتل في المهرجان إلى حوالي ألف، ولكن من الصعب معرفة السبب الحقيقي للانخفاض. فعادة ما يأتي تصور وجود "ضغط غربي" بنتائج عكسية للحملات. وفي النهاية هذه مشكلة تعود للصينيين فقط. ودعم مجموعات مثل "شبكة حماية الحيوان الصينية" تُظهر احتراما للشعب الصيني وثقة في أن بعض القيم يمكن أن تكون عالمية بالفعل.
مشاركة :