* قال لنا، وكنا في جلسة ضمّت كثيرًا من زملائه في الشركة التي يعمل فيها: "أنا سوف أكون الرئيس القادم لهذه الشركة"، صَمَت الحاضرون وصمتُّ معهم، ولكنني أشفقتُ في نفسي عليه، وأعجبتُ به، وخفتُ عليه، أشفقتُ عليه لهذا البوح الصريح قبل أن يتعلم الأبجديات، وأعجبتُ به لطموحه الذي جعل حلمه الأسمى، تحقيق أعلى مناصب الشركة، وخفتُ عليه لأنه لم يأخذ في الاعتبار المنافسين له، والحاقدين عليه، والمُداهنين. فأخطر أعداء الإنسان هم مشاركوه في المهنة. تذكّرته بعد عقد ونصف من الزمان، فسألت عنه، وتذكرتُ حلمه الذي لم يتحقق؛ وعلمتُ أنهم جعلوه في وظيفة مستشار، تمهيدًا لإحالته للتقاعد، لقد كان ذا حيوية وطموح طاغٍ؛ بيد أنه كان ساذجًا في ثقته بالناس، ومفتقرًا إلى الحكمة التي تزن الأشياء! * من أعاجيب البيروقراطية أنّها دائمًا ما تستند إلى النظم والإجراءات، وهذا شيء يطمئن المتعاملين معها، فهناك أنظمة وإجراءات تُتّبع لتساوي بين الناس، وتُنصفهم في حقوقهم، ولكن العجيب هو أن يأتي أحدهم يومًا فيُفسِّر النصوص حسب فهمه القاصر، أو هواه المسيطر؛ فيُعقِّد الإجراءات، ويُكبِّل المعاملات، ويتعب الناس، ثم يأتي من بعده من لا علم له أيضًا، فيستند إلى تفسيرات واعتمادات الأول للنصوص، فتتعقّد أمور الناس أكثر وأكثر، فإن كان الأول هو مخترع التفسير، فإن الثاني هو الخائف من الخروج عليه، ونسي الناس أن الإجراءات التي اتبعها الأول كانت أصلاً رؤية غير واضحة، أو خاطئة لنصوص كان لها روح فسلبوها حياتها، وحبسوها في منطق أعوج مريض. وكم سمعنا بروح القوانين والنظم ونصوصها، فأما المفسرون الأحياء فيتعاملون مع الروح، وأما المفسرون الأموات ففي قبور النصوص يسكنون!. m.mashat@gmail.com للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (60) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain
مشاركة :