كان إحياء الذكرى الثالثة للثورة المصرية في ميدان التحرير الذي كان مهدها بمثابة مهرجان دعائي لوزير الدفاع الفريق أول عبدالفتاح السيسي بامتياز، إذ احتشد بضعة آلاف في الميدان رافعين صوره ولافتات تُطالبه بالترشح في انتخابات الرئاسة المقبلة، وسط أجواء احتفالية تغنّى خلالها المتظاهرون باسم وزير الدفاع. وتمركزت قوات من الجيش والشرطة عند مداخل الميدان التي سدتها آليات للجيش وأسلاك شائكة، فيما تُرك ممر ضيق للوصول إلى التحرير عبر بوابات الكترونية للكشف عن المتفجرات اصطف خلفها جنود من الشرطة مُمسكين بكلاب بوليسية للتدقيق في حقائب المتظاهرين. وعند أطراف الميدان لوّح متظاهرون للضباط الذين بادلوهم التحية، ووقف باعة يعرضون على المتظاهرين أعلام مصر وصوراً للسيسي مرتدياً بزته العسكرية أو ملابس مدنية وفي بعضها جاور السيسي الرئيسين الراحلين جمال عبدالناصر وأنور السادات، وفي أخرى ظهر ممُسكاً بسكين ويذبح خروفاً يحمل وجه أحد قيادات جماعة «الإخوان المسلمين» أو الرئيس المعزول محمد مرسي. وافترش الباعة أطراف الميدان بكل أنواع الدعاية لوزير الدفاع، من ملصقات وقمصان وأعلام. والتف الميدان بلافتات كبيرة تحمل أسماء حملات تُطالب السيسي بالترشح للرئاسة منها: «كمل جميلك» و «بأمر الشعب» و «قرار الشعب» كُتب عليها شعارات تستجدي كلها وزير الدفاع من أجل الترشح للرئاسة. ورفعت غالبية المتظاهرين أعلام مصر وصور السيسي أو ملصقات على صدورهم عليها صورة السيسي. وأذاعت المنصة الرئيسة في التحرير أغنيات وطنية وأخرى تُطالب وزير الدفاع بالترشح للرئاسة، من كلمات إحداها: «كمل جميلك بقى... تعبنا غلب وشقى». وفي الحديقة المركزية حيث النصب التذكاري الذي دشنه رئيس الوزراء حازم الببلاوي في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي لشهداء الثورة، وضع متظاهرون أعلاه مجسماً لوجه السيسي مرتدياً نظارة سوداء بدا أنه صُنع بمواد بسيطة وكُتب على جبينه «نعم». وتبارى مئات المتظاهرين في رفع لافتات تُمجد السيسي وتطالبه بخوض انتخابات الرئاسة. وزار رئيس الوزراء الميدان وسط حراسة مكثفة رافقته في جولته، وبعده زار وزراء منهم وزيرا التضامن أحمد البرعي والقوى العاملة كمال أبو عيطة الميدان والتف حولهما متظاهرون لالتقاط صور تذكارية. وحرص متظاهرون على التقاط صور إلى جانب آليات الجيش وضباط القوات المسلحة والشرطة في الميدان الذي انتشر في محيطه صبية وشباب يستقلون دراجات بخارية تُذيع أغنية «تسلم الأيادي» التي تُشيد بالجيش. ولوّح المتظاهرون لمروحيات عسكرية حلقت في سماء ميدان التحرير على ارتفاعات منخفضة، وألقت أعلاماً وبطاقات هدايا للمتظاهرين. وكان لافتاً غياب أي من رموز الثورة عن مهدها في ذكراها الثالثة، كما لم تُرفع صور أي من شهدائها في الميدان ولا رايات أي من الحركات الشبابية التي لم يتمكن أنصارها من الوصول إلى الميدان الذي ظل حكراً على مؤيدي السيسي من دون غيرهم.
مشاركة :