كانت مفاجأة لنا جميعاً بعد انتظار ثلاث سنوات والدعاية الكبيرة التي صاحبت السيارة غزال، وأنها ستكون بداية عهد جديد لصناعة السيارات السعودية وسعرها سيتراوح بين 35 ألفا و45 ألف ريال أن يسدل الستار على المشروع بتصريحين: الأول للمتحدث الرسمي لجامعة الملك سعود الدكتور أحمد التميمي والذي يختصر ما تم في المشروع بأن هدف الجامعة بحثي، والآخر من معالي وزير التجارة والصناعة الدكتور توفيق الربيعة والذي يشير إلى أن الجامعة لم تتقدم بطلب ترخيص. بكل هذه البساطة انتهى حلم صناعة السيارات في المملكة، بعد أن صرحت الجامعة في وقت سابق بأن رأس مال الشركة نصف مليار دولار وأنها ستستثمر عبر ذراعها الاستثمارية شركة وادي الرياض للتقنية بنسبة 10%. السؤال الآن هل تعفي تلك التصاريح معالي مدير جامعة الملك سعود من إيضاح الأسباب الحقيقية؟ المتحدث الرسمي لجامعة الملك سعود يقول إن هدف الجامعة بحثي وسأقف عند العوائد من بحوث الدراسات العليا والأكاديميين خلال مسيرة الجامعة ماذا قدمت للمجتمع والقطاع الخاص والوطن على مستوى الإبداع والبتكار والإنتاج؟ على مستوى الولايات المتحدة هناك عدد لا محدود من التجارب الناجحة، وتلك التي في مجال تقنية المعلومات ربما تكون من الأكثر وضوحاً فعلى سبيل المثال كانت بداية شركة غوغل بحثاً لطالبي دكتوراه في جامعة ستانفورد وتبلغ قيمة الشركة التي كانت بدايتها من بحث أكاديمي حتى نهاية العام 2012م 249 مليار دولار، بينما انطلاقة موقعي التواصل الاجتماعي فيس بوك كانت من جامعة هارفارد، وتويتر من جامعة نيويورك، وغيرها الكثير من الأبحاث التي تحولت إلى منتجات منافسة وشركات أو كانت نقاط تحول في مسيرة الإنسانية. على مستوى دور الجامعة في الابتكار تجربة جامعة ستانفورد في دعم تأسيس وادي السليكون في سان فرانسيسكو بالولايات المتحدة والتي تعد أكبر ثالث تجمع لتقنية المعلومات في الولايات المتحدة كانت نوعية، حيث كان لكلية الهندسة في الجامعة دور رائد في تحفيز الأكاديميين والطلاب في أربعينيات القرن الماضي على إنشاء مشاريعهم على ضفاف الجامعة حتى باتت على ما هي عليه اليوم تحوي عددا كبيرا من شركات التقنية العملاقة، وتوفر قرابة ربع مليون فرصة عمل تقريباً في مجال تقنية المعلومات وهو ما يضعنا كذلك في مقارنة بين واقع الكليتين تقنية المعلومات والهندسة ونظيراتهما في جامعة الملك سعود ومثيلاتهما في الجامعات السعودية. اليوم لا بد للجامعة من أن تخرج من عزلتها وواقعها الذي هي عليه، فالدولة تدعم التعليم العالي بسخاء لكن لا يتوازى العائد مع ما ينفق على التعليم، أو على أقل تقدير مخرجاتها التعليمية لم تلق قبولا واسعاً من القطاع الخاص إذ على القطاع الخاص إعادة تأهيلها، بينما في دول أخرى كسنغافورة جودة مخرجات التعليم العالي ساهمت في استقطاب 7 آلاف شركة متعددة الجنسية من الولايات المتحدة واليابان وأوروبا، وهو ما يضعنا أمام تساؤل آخر: هل تعي جامعة الملك سعود وبقية الجامعات حجم التحديات التي تواجه المجتمع والوطن والاقتصاد الوطني باستمرار أدائها الحالي؟
مشاركة :