مع اقتراب الموعد الذي قد يكون حاسما هذه المرة لقرار المحكمة الاتحادية المتوقع صدوره الأسبوع المقبل والخاص بشرعية رئاسة البرلمان وتغييرات رئيس الحكومة حيدر العبادي الوزارية التي ما زالت معلقة بين وزراء مقالين يرفض بعضهم الانفكاك من وزارته ووزراء صوت عليهم البرلمان لكنهم لم يؤدوا اليمين القانونية، فإن معركة الفلوجة التي يرى بعض شركاء العبادي أنه يريد اتخاذ الانتصار فيها ذريعة للتفرد بالقرار السياسي، قد وسعت الهوة بين رئيس الوزراء العراقي وتحالف القوى العراقية (الكتلة السنية في البرلمان العراقي). وأبدت قوى سياسية كثيرة شيعية وكردية ما عد تفردا من قبل العبادي في اتخاذ سلسلة قرارات كجزء من حملته للإصلاح تمثلت بإعفاء مديري أبرز المصارف العراقية واستبدال آخرين بهم مع قرب إطلاق صندوق النقد الدولي الدفعة الأولى من قرضه للعراق، أو استبدال أو مناقلة عدد من المفتشين العموميين في عدد من الوزارات والمؤسسات الحكومية، فإن تحالف القوى العراقية عد مثل هذه الممارسات بمثابة تفرد بالقرار السياسي. وقال الاتحاد في بيان له تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه إن «استمرار رئيس مجلس الوزراء، حيدر العبادي، بنهج التفرد بقرار الحكم، سيؤدي إلى جر البلاد إلى هاوية الصدام السياسي»، محذرًا من «استمرار التعيين بالوكالة رغم النصائح التي قدمت للعبادي من قبل شركائه السياسيين، وهو ما سيقود بنهاية المطاف إلى ولادة ديكتاتورية من نوع جديد». وعد البيان: «إجراءات المناقلة التي قام بها رئيس الحكومة للمفتشين العموميين في عدد من الوزارات والدوائر الحكومية محاولة لذر الرماد في العيون والتغطية على الانفراد بقرار التعيين والإدارة بالوكالة، واستغلال انشغال كل الفعاليات السياسية بانتصارات قواتنا المسلحة في عمليات تحرير مدن الأنبار لتمرير قوائم التعيينات الموالية لشخص رئيس الحكومة». وأبدى تحالف القوى العراقية استغرابه من «إصرار العبادي على تهميش وتجاوز الشركاء حتى في موضوع التعيين بالوكالة، ويعكس إرادة مستمرة بنفس سياسة ومنهج الحكومات المتعاقبة في تهميش المكون السني»، متابعا بأن «هذا الأمر يلزمنا بتحذير العبادي من تداعيات الاستمرار بهذه السياسات، وتنصله عن تنفيذ البرنامج الحكومي والاتفاق السياسي الذي قد يدفعنا لاستجوابه كونه فشل في الإيفاء ببنود البرنامج الحكومي». ومع أن زعيم التيار الصدري ذهب إلى ما هو أبعد مما ذهب إليه تحالف القوى العراقية حين اتهم العبادي ولأول مرة بـ«الفساد» حين عد في بيان مقتضب له إجراءات العبادي الأخيرة بمثابة «إصلاحات ترقيعية وإنها ليست أكثر من تكريس للفساد وإن المفسد لا يحاسب المفسد» على حد وصفه، فإن تحالف القوى رفع سقف اعتراضاته على العبادي بحيث طالت مطالبته بمحاسبة قائد الشرطة الاتحادية الفريق رائد شاكر جودت بتحميله مسؤولية الانتهاكات التي حصلت بالفلوجة أو مطالبته بعدم مشاركة الحشد الشعبي فيما تبقى من معركة تحرير الفلوجة حيث لا تزال القوات العراقية تقاتل في الكثير من أحيائها التي لا تزال تحت سيطرة «داعش» ومنها حي الجولان شمالي الفلوجة. وقال عضو البرلمان العراقي عن تحالف القوى العراقية صلاح الجبوري في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «العبادي لم يتصرف وفق اتفاقات الشراكة التي أقيمت الحكومة الحالية التي يرأسها على أساسها وبدأت الخروق مذ حزمة إصلاحاته الأولى وحتى آخر قراراته الخاصة بتغيير مديري المصارف والمفتشين العموميين، حيث إنه لم يستشر أحدا، مع أن هناك استحقاقات للجميع لا بد من مراعاتها». وأضاف الجبوري أن «العمل بأسلوب خرق القوانين ومفاهيم الشراكة لا يمكن أن يكتب له النجاح في بناء الدولة واستمرار عجلة الإصلاح وبالتالي فإن ما سيترتب على ذلك المزيد من المشاكل الجديدة بدلا من حل ما هو موجود منها». وفي السياق ذاته فقد اتهم تحالف القوى العراقية قائد الشرطة الاتحادية مسؤولية الانتهاكات التي حصلت بالفلوجة، مطالبا العبادي بإجراء تحقيق معه، وهذه هي المرة الأولى التي تطالب جهة سياسية بمحاسبة قائد عسكري كبير. وقال التحالف في بيان له إن «التزام بعض فصائل الحشد الشعبي بتنفيذ الصفحة الأولى لمعارك تحرير مدن الكرمة والصقلاوية والقرى المحيطة بمدينة الفلوجة، أضفى نوعًا من الانضباط العسكري على أدائها رغم تسجيل عدد غير قليل من الخرق والانتهاكات الجسيمة في التعامل مع المدنيين العزل الهاربين من بطش (داعش)»، كاشفًا عن «عدم التزام قوات الشرطة الاتحادية بأوامر رئيس مجلس الوزراء حيدر العبادي من خلال السماح والتنسيق مع بعض فصائل الحشد الشعبي للدخول إلى مركز مدينة الفلوجة من خلال قواطع العمليات ضمن مسؤوليتها». ودعا التحالف العبادي بصفته القائد العام للقوات المسلحة إلى «مساءلة قائد الشرطة الاتحادية الفريق رائد شاكر جودت، لمخالفته الأوامر العسكرية، وتوجيهه بضرورة الالتزام بعدم السماح للمتطوعين من خارج الأنبار بدخول الفلوجة، بموجب التعهدات التي قطعها العبادي لأهل المدينة وتحالف القوى العراقية بالحفاظ على مهنية معارك تحرير مركز الفلوجة وعدم إشراك الحشد الشعبي فيها». وفي هذا السياق يقول عضو لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي محمد الكربولي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «الانتهاكات تم تشخيصها ومن خلال الأدلة والوثائق وشهادات الشهود وهي تلك التي قامت بها بعض الجهات التابعة لبعض فصائل الحشد الشعبي وما زلنا بانتظار نتائج التحقيق الذي وعد العبادي به من خلال تشكيل لجنه لهذا الغرض». وأضاف الكربولي أن «الجديد في موضوع الشرطة الاتحادية التي شاركت في عملية اقتحام الفلوجة أن هناك تواطؤا حصل من خلال ارتداء بعض المندسين ممن هم محسوبون على الحشد زي الشرطة الاتحادية والقيام بأعمال ذات طبيعة انتقامية، وبالتالي فإنه لا بد من التحقيق مع قائد الشرطة الاتحادية لأنه هو من يتحمل هذه المسؤولية».
مشاركة :