قصبة الأوداية أو لوداية في المغرب هي أحد أهم المعالم التاريخية في الرباط عاصمة المملكة المغربية، تقع على مصب نهر أبي رقراق في المحيط الأطلسي، وهي عبارة عن سور معلق طويل يحيط بمجموعة من المباني التي تطل على وادي أبي رقراق، وكانت القصبة في الأصل حصنا شيد ليكون رباطا للجند الذين يحمون الواجهة الغربية للمغرب من هجمات الإسبان، وقد شيده المرابطون في القرن الثاني عشر الميلادي، وكان يسمى رباط تارغة، وشكلت القاعدة المتقدمة للعمليات العسكرية المرابطية ضد الإسبان، ثم هدمها الموحدون وأعادوا بناءها ووسعوها، وأضافوا لها الأبواب العالية، والفنون المعمارية الإسلامية والأندلسية التي تتميز بها، وشيد بها السلطان عبد المؤمن الموحدي قصراً خاصاً ومسجداً ومباني للجنود، وظلت الدول المتتالية تضيف لها حتى أضحت اليوم معلما تاريخيا يشهد على تطور فنون العمارة المغربية وتأثرها المباشر بالعمارة الأندلسية. يبلغ عرض سور القصبة الذي بناه الموحدون 50.2 متر، وارتفاعه من 8 إلى 10 أمتار، وهو من الحجارة المنضدة بالطين، وتتخلله أبراج للمراقبة من كل الجهات، وخاصة في الواجهة البحرية، وفي كل برج فتحات صغيرة كانت تصوب منها فوهات المدافع التي تحمي الحصن ويبلغ عدد تلك الفتحات 68 فتحة كانت تعبأ بالبارود والذخيرة ويجلس عليها الجنود المراقبون مترصدين حركة السفن المعادية التي قد تباغتهم في أي وقت من جهة البحر، أو حتى من الجهات الأخرى حيث كانت السيطرة على الموقع تعد خطوة استراتيجية في سبيل السيطرة على مراكش وبقية المغرب بالنسبة للطامعين في الحكم، في عصور الاضطراب. تتميز القصبة بأبوابها الكبيرة الحجم التي تعلو إطاراتها زخارف ونقوش عربية وكتابات كوفية بديعة، تعطي المبنى منظراً رائعاً، وتجعل منه معلماً متميزاً، يجمع بين السعة والمنعة والجمال، وكانت هذه الأبواب تتسع لدخول دفعات أعداد كبيرة من الجنود أو الناس والدواب دفعة واحدة، وهي كذلك قوية بحيث تستطيع أن تصمد أمام الهجمات عندما تغلق فيعسر اقتحامها، ويدخل الزائر إلى القصبة من ثلاثة أبواب وقد أضيفت للقصبة خلال القرن السابع عشر ملوِّحة لتكون علما يهتدى به إليها في الليل، ومستودعات وبرجا دفاعيا يعرف ب برج القراصنة كانت مدافعه مصوبة نحو كل من نهر أبي رقراق ومدينة سلا، وتحاذيه ساحة عامة. كان السلطان الموحدي يعقوب المنصور قد وسّع أركان القصبة ليجعل منها أقوى حصون المغرب، والحامية المتقدمة لعاصمته رباط الفتح التي بناها بجوار الحصن، وقد ازدهرت قصبة الأوداية في عهده وشهدت أهم الإضافات إليها، لكنّ المرينيين الذين أسقطوا دولة الموحدين لم يهتموا بها، فأصبحت مهملة إلى أن احتلها الموريسكيون المطرودون من الأندلس عام 1609، على عهد الملك الإسباني فيليب الثاني، فوجدوا القصبة بدون سكان فاستوطنوها، وأضافوا إلى بيوتها الكثير من بصمات العمران الأندلسي، خاصة أنواع الزخرفة، وتزيين واجهات المساكن، والاعتناء بالأزهار والنباتات في الشرفات والنوافذ، وحدائق الزهور المزخرفة، والنوافير، ومن هذه القصبة شن الأندلسيون هجماتهم البحرية الانتقامية ضد الأوروبيين، لاسيما الإسبان نتيجة ما لحق بهم من أذى وضروب التنكيل، وبذلك اعتبرت الأوداية من أبرز إنجازات المسلمين المطرودين من الأندلس، وسميت تلك الفترة الموريسكية بعهد جمهورية أبي رقراق أو جمهورية سلا، هي جمهورية بحرية ظهرت في منطقة مصب نهر أبي رقراق، ودامت سيطرتهم على القصبة من 1627 إلى 1668.
مشاركة :