تحت هذا العنوان نعرض لحلقات يومية متتابعة على مدار أيام الشهر الفضيل، نقدم من خلالها وصفاً للأيام الاخيرة في حياة بعض الشخصيات التي كان لها اثر واضح في تاريخ الأمة الاسلامية، لنتخذ منها العبرة والعظة... والله أسأل التوفيق والسداد. هو معاوية بن أبي سفيان بن حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف. ولد معاوية رضي الله عنه قبل بعثة رسول الله صلى الله عليه وسلم بسبع سنوات وامه هي هند بنت عتبة بن ربيعة بن عبد شمس، وكانت تملك من مقومات النباهة والكياسة ورجاحة العقل الشيء الكثير ولذلك شاركت في صنع الاحداث في عصرها، وقد أهدر رسول الله صلى الله عليه وسلم دمها من شدتها في عدائها للاسلام والمسلمين ولكن رسول الله الرؤوف الرحيم ادخلها في عفوه العام بعد ان دخلت عليه وقالت: الحمد لله الذي اظهر الدين الذي اختاره لنفسه لتنفعني رحمك يا محمد، اني امرأة مؤمنة بالله مصدقة برسوله ثم كشفت عن نقابها وقالت: انا هند بنت عتبة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مرحبا بك». فقالت: «والله ما كان على الارض اهل خباء احب اليّ ان يذلوا من خبائك، ولقد اصبحت وما على الارض اهل خباء احب اليّ من ان يعزوا من خبائك» فعفا عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقد حسن اسلام هند وشاركت في الجهاد مع اولادها وحضرت معركة اليرموك وحرّضت على قتال الروم. وكانت هند تحيط معاوية برعايتها وتتوقع له مستقبلا باهرا حيث يملك ويحكم وكان تأثيرها على معاوية رضي الله عنه كثيرا ونصحها كان مؤثرا سواء كان صغيرا ام كبيرا مما كان له الاثر في حياته وفي تنشئته. دخل المسلمون مكة لاداء عمرة القضاء وذلك بعد صلح الحديبية بعام وخرج من مكة سادتها وبعض اهلها، وبقي بعضهم الآخر فكانوا يرقبون المسلمين من بعيد فرأوا فيهم النظام والهدوء والسكينة ومحبة بعضهم لبعض وكان اهل مكة يتناقلون هذه الاخبار، وما يرون وما يسمعون في ما بينهم فدخل الايمان إلى قلب معاوية. عن معاوية انه قال: لما كان عام الحديبية وصدوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن البيت وكتبوا بينهم القضية وقع الاسلام في قلبي، فذكرت لامي فقالت: اياك ان تُخالف اباك، فأخفيت اسلامي فو الله لقد رحل رسول الله صلى الله عليه وسلم من الحديبية واني مصدق به، ودخل مكة عام عمرة القضية وانا مسلم، وعلم ابوسفيان باسلامي فقال لي يوما لكن اخوك خير منك وهو على ديني، فقلت: لم آل نفسي خيرا واظهرت اسلامي يوم الفتح، فرحب بي النبي صلى الله عليه وسلم وكتبت له. ابن سعد واخذ معاوية وهو بالمدينة بالكتابة لرسول الله صلى الله عليه وسلم والعمل بذكاء كي يظفر بدعوة له من رسول الله صلى الله عليه وسلم. عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها انها قالت: لما كان يوم ام حبيبة من النبي صلى الله عليه وسلم، دق الباب داق، فقال النبي صلى الله عليه وسلم «أنظروا من هذا؟» قالوا: معاوية، قال: «ائذنوا له»، فدخل وعلى اذنه قلم يخط به، فقال صلى الله عليه وسلم: «ما هذا القلم على اذنك يا معاوية؟» قال: قلم اعددته لله ولرسوله. فقال له: «جزاك الله عن نبيك خيرا، والله ما استكتبتك الا بوحي، وما افعل من صغيرة ولا كبيرة الا بوحي من الله، كيف بك لو قمصك الله قميصا؟» فقامت ام حبيبة فجلست بين يديه وقالت: يا رسول الله، وان الله مقمصه قميصا؟ قال: «نعم ولكن فيه هنات وهنات»، فقالت: يا رسول الله فادع الله له، فقال: «اللهم اهده بالهدى، وجنبه الردى، واغفر له في الآخرة والاولى» رواه الطبراني. وعن العرباض بن سارية السلمي قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يدعونا إلى السحور في شهر رمضان «هلم إلى الغداء المبارك» ثم سمعته يقول: «اللهم علم معاوية الكتاب والحساب وقه العذاب» رواه احمد. وعن ابي امية عمرو بن يحيى بن سعيد قال: سمعت جدي يحدث ان معاوية اخذ الاداوة بعد ابي هريرة فتبع رسول الله صلى الله عليه وسلم بها - وكان ابو هريرة قد اشتكى، فبينما هو يوضئ رسول الله صلى الله عليه وسلم، اذ رفع رأسه اليه مرة او مرتين وهو يتوضأ فقال: «يا معاوية ان وليت امرا فاتق الله واعدل» قال معاوية: فمازلت اظن اني سأبتلى بعمل لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى ابتليت، رواه احمد، توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو راض عن ابي سفيان وابنائه. (يتبع غدا ان شاء الله)
مشاركة :