وجهت المحكمة العليا في الولايات المتحدة، أمس الخميس، هزيمة قاسية للرئيس باراك أوباما، ومنعت خطته لإبقاء ملايين من المهاجرين غير الشرعيين داخل الولايات المتحدة ومنحهم الفرصة للحصول على تصاريح للعمل وتصحيح أوضاعهم القانونية. وجاء تصويت المحكمة الدستورية العليا، صباح أمس، بانقسام أربعة أصوات مؤيدة، وأربعة أصوات معارضة، مما يمنع الرئيس الأميركي من إطلاق برنامج جديد لتنفيذ خطته في إصدار تصاريح عمل للمهاجرين غير الشرعيين. ويأتي حكم المحكمة الدستورية العليا في وقت يسعى فيه الرئيس أوباما إلى تحقيق إنجازات تصنع إرثه التاريخي قبل سبعة أشهر من انتهاء فتره حكمه. وكانت خطة إصلاح الهجرة جزءا بارزا من الحملة الانتخابية التي قادته في عام 2008. وأدت إلى تصويت ملايين من المهاجرين ذوي الأصول اللاتينية لصالحه. كما تشكل انتصارا آخر للجمهوريين الذين يقفون ضد مبادرات الرئيس أوباما في مجال إصلاح الهجرة وفي مجال تشديد إجراءات بيع الأسلحة. وفور صدور حكم المحكمة الدستورية، أعلن البيت الأبيض عن مؤتمر صحافي للرئيس أوباما وصف فيه الرئيس الأميركي القرار بأنه «مفجع ومحبط ويحطم القلب» وانتقد بشدة الجمهوريين في الكونغرس وتعهد بتنفيذ برامجه، وفقا لسلطاته التنفيذية. وبدا أوباما غاضبا من القرار بشكل واضح، مشيرا إلى أن الولايات المتحدة طالما كانت ملاذا للمهاجرين الذين يمنحونها الشباب والحيوية وروح المبادرة وشكلت شخصية الولايات المتحدة «وجعلتنا أقوى»، وانتقد القرار، مشيرا إلى أن قرار المحكمة حطم أحلام ملايين المهاجرين في أميركا، وخلق نوعا من الإحباط لكل من يسعى لتنمية الاقتصاد الأميركي والهجرة بشكل شرعي، متعهدا بالعمل على القيام بتحقيق الإصلاحات في نظام الهجرة. وقال أوباما: «على مدي عقدين من الزمان لدينا نظام للهجرة غير صالح وحقيقة أن المحكمة العليا لم تكن قادرة على إصدار قرار اليوم لا يعرقل فقط جهود إصلاح نظام الهجرة بل يأخذنا بعيدا عن شكل البلد الذي نطمح أن تكون الولايات المتحدة عليه». وأشار الرئيس الأميركي إلى أن «قرار المحكمة محبط لأولئك الذين يريدون جلب العقلانية لنظام الهجرة والسماح لما يقدر عددهم بـ11 ملايين مهاجر غير شرعي بالخروج من مخابئهم في الظلام وتقنيين أوضاعهم». ويبدو أن الخلافات بين الجمهوريين والديمقراطيين من جانب، وبين السلطة التشريعية والدستورية والسلطة التنفيذية ممثلة في البيت الأبيض، تسير نحو مزيد من الاحتدام والصدام على خلفية سخونة الانتخابات الرئاسية الأميركية. وكان أوباما قد أعلن في عام 2014 عن خطته لتقنين أوضاع أكثر من أربعة ملايين شخص من المهاجرين الذين قدموا إلى الولايات المتحدة بصورة غير قانونية منذ عام 2010 وطالب في خطته بتقنين أوضاع هؤلاء المهاجرين غير الشرعيين وعدم ترحيلهم خارج الولايات المتحدة ومنحهم تراخيص للعمل والإقامة ما دام ليس لهم سجل إجرامي. وقد شكلت قضية الهجرة غير الشرعية جانبا بارزا في حملة الانتخابات الرئاسية الأميركية حيث دعا المرشح الجمهوري دونالد ترامب إلى ترحيل جميع المهاجرين غير الشرعيين من الولايات المتحدة (ومعظمهم من المكسيك ودول أميركا اللاتينية) ودعا إلى بناء جدار على الحدود الأميركية المكسيكية.
مشاركة :