قد نغفل وقد نقصر وقد ننفعل، ولكن في شهر الخير يجب أن تبرز صفات المسلمين الحقيقية، المسلم الذي يجب أن يعمل بحب وصفاء قلب لأنه ترك أكله وشرابه وبعد عن كل الشهوات وحرم جوارحه من أجل أن يقدم لخالقه طاعة خالصة وطيبة.. الصيام جنة وراحة قلب وطمأنينة وخاصة وقت الإفطاروما قبله، فقد يمنحك خالقك عطايا عظيمة من استجابة دعوة أو عتق من نار جهنم، ولكن مع الأسف في وقت الإفطار الجميع يصارع نفسه ومن حوله، المدخن يَصب جام غضبه على أهل بيته، وصاحبة الدار تتولى الخدم وتتابعهم بكل صرامة وقسوة من أجل ماذا؟ من أجل سفرة سوف تقدم للصائمين قد لا يتذوق البعض معظم أنواعها، وقد حدثت حالتان في بداية هذا الشهر نتيجة العصبية والاحتقان، الأولى قتل الخادمة لصاحبة المنزل، والثانية وهي حرق طفلة لا ذنب لها قبل الأفطار وضياع براءتها وزهرة طفولتها نتيجة العصبية والاحتقان.. كل من يتابع شبكات التواصل الاجتماعي ويسمع كلام الطبيب يحس بحسرة وحرقة الأم والألم الذي تتكبده الطفلة والندم والعقاب الذي تنتظره الخادمة، لماذا لا تهدأ النفوس وتسيطر على شيطان التفاخر والتسابق في عرض كل ما لذ وطاب؟ إنه شهر القناعه وصيام الجوارح عن الآثام، إننا نمارس طقوسا للتفاخر مع أن شهر الخير سعادته ليست في إجهاد الغير وتعذيبهم أو التلفظ عليهم بكلام جارح، إن الجميع ينسي نفسه ويضغط عليها لتقديم الأفضل، إنه شهر الصيام وليس شهر المنافسة بالطعام، إنه شهر الطاعه والقناعة والصبر والإحساس بالآخر، تخفف فيه ضغوط العمل ويبرز فيه التسامح والتعاون والرحمة.. لكن في المنازل طقوس تتعب الجميع، وتكثر المناسبات والرسميات وتقديم الأصناف التي تضيع الجهد والمال. لماذا لا نغير عادات ليست من العبادات ونختصر في التبذير والمصروفات؟، إن القليل من الطعام يشبع الصائم، فهل يكون اجتهادنا بزرع القناعة والصبر؟ وإن الكرم ليس بتقديم الموائد بل كسب الفوائد التي هي غذاء للروح والجسد، كم نحن بحاجة ماسة للتسامح والتصالح والقناعة والصبر في هذه الأيام الفضيلة التي لو فرطنا فيها صعب تعويضها، إن الخالق خَص هذا الشهر بليلة القدر وهي خير من الف شهر، انه كرم العزيز العظيم، فلماذا لا نحاسب أنفسنا قبل أن يحاسبنا خالقنا؟ لماذا نفقد أعصابنا في مواقف لا تستحق؟ لماذا نتسبب في ضرر أنفسنا وغيرنا تعاملنا مع الغير؟ وحسن خلقنا هو ما يسهل لنا كسب الاجر ورقي الفكر، وإنما الدين حسن المعاملة فهل نعمل على رسم صور من الخير وشهر الخير؟ فبلادنا ولله الحمد تعيش في أمن ومحبة فهل نعكس هذا الشعور على كل من يعمل معنا ويخدمنا ونحمي أنفسنا من أناس يعيشون معنا ويتحسرون على عيشتهم وحرمانهم من أبسط أمور الحياة في بلادهم؟. إن هذه الطفلة التي تعرضت للحرق المضاعف ليس لها أي ذنب فهي صغيرة وتلهو وتلعب بالقرب من الخادمة، ولكن الخادمة لم تشعر إلا بالحسرة والحرقة والانتقام الذي صبته على هذه البريئة، إن اطفالنا أمانة، وهذه الأم تحس بالألم والندم والقهر والحسرة، والدكتور ذكر كل ذلك بناء على طلبها، لذلك يجب عدم نسيان أنفسنا والتحكم في مشاعرنا وعدم التلفظ بألفاظ تسيء لغيرنا في هذا الشهر الفضيل وفي كل مراحل حياتنا.. اللهم اشف هذه الطفلة التي لا ذنب لها وارحم كل من خسر حياته نتيجة انفعالاته، اللهم متعنا بحسن الخلق والتسامح لأنهما أعظم ثروة في الحياة.
مشاركة :