البريطانيون يحبسون أنفاسهم بانتظار نتائج استفتاء البقاء تحت المظلة الأوروبية

  • 6/24/2016
  • 00:00
  • 9
  • 0
  • 0
news-picture

توافد الناخبون البريطانيون بكثافة أمس على مكاتب الاستفتاء التاريخي الذي سيقررون فيه البقاء أو مغادرة الاتحاد الأوروبي وبالتالي مصيرهم ومصير باقي أوروبا حيث يتابع الاستفتاء البريطاني بترقب. والمنافسة تبدو محتدمة بين معسكري البقاء والمغادرة، لكن استطلاعا نشر أمس في أوج الاستفتاء طمأن نسبيا الأسواق المالية حيث منح الفوز لأنصار "البقاء"، ويبلغ عدد الناخبين المسجلين في بريطانيا 46 مليونا. وبعد حملة كثيفة تمحورت حول الهجرة وانعكاساتها السلبية بالنسبة إلى مؤيدي الخروج، والازدهار الاقتصادي توافد الناخبون منذ الصباح الباكر في كامل أنحاء البلاد رغم تساقط المطر في بعض المناطق ومنها لندن للإدلاء بأصواتهم. وبحسب "الفرنسية"، فقد فتحت مراكز الاقتراع أبوابها منذ الصباح الباكر وحتى الساعة العاشرة مساء على أن تعلن النتيجة النهائية في وقت مبكر من صباح اليوم وعندها يمكن أن تصبح المملكة المتحدة أول دولة كبرى تغادر الاتحاد الأوروبي منذ تأسيسه قبل 60 عاما. وأظهر استطلاع نشر أمس وأنجز قبل بدء التصويت أن معسكر البقاء (52 في المائة) يتقدم بأربع نقاط على معسكر المغادرة (48 في المائة)، لكن مع وجود نسبة 12 في المائة من المترددين، وأدى نشر نتيجة الاستفتاء فورا إلى تحسن الجنيه الاسترليني أمام الدولار واليورو في حين ارتفعت بورصة باريس بنحو 2 في المائة عند منتصف النهار في مؤشر على أن الأسواق تراهن أكثر على استمرار الوضع الراهن. غير أن الحذر يبقى سيد الموقف حيث منح استطلاعان نشرا الأربعاء التقدم لمعسكر مغادرة الاتحاد الأوروبي، وفي مراكز الاقتراع كان الناخبون منقسمين وأقوالهم تدل على القلق من تبعات الخروج أو على العكس تعبر عن الفرح لفكرة الخروج. وقدر بيتر ديفيس (55 عاما) الموظف في قطاع المعلوماتية أمام مركز اقتراع أقيم داخل مكتبة تابعة للبلدية في هافرينج شرقي لندن أن خروج بلاده سيكون كارثة على الاقتصاد، في المقابل، تحسرت جوان (50 عاما) على الفترة التي كان فيها الاتحاد الأوروبي يضم دولا أقل وأعربت عن أملها بفوز معسكر الخروج. وأضافت جوان التي رفضت الكشف عن كنيتها أن بريطانيا ستكون أول من يغادر الاتحاد الأوروبي وأعتقد أن دولا أوروبية أخرى ستحذو حذونا، وبرأيي أن الناخبين الفرنسيين يرغبون في ذلك في سرهم. وفي شمال غرب البلاد، في جلاسكو المؤيدة لأوروبا كسائر اسكتلندا عبر عديد من الناخبين عن تأييدهم لبقاء البلاد، وقالت جيما روزاريا (24 عاما) إن من الغباء المغادرة كما أن البقاء لصالح اسكتلندا، وأدلى رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون الذي راهن بمصداقيته على الاستفتاء وخاض حملة من أجل البقاء بصوته في لندن برفقة زوجته سامانثا، دون الإدلاء بتعليق. وصوت نيجال فاراج زعيم حزب يوكيب المناهض لأوروبا وللمهاجرين، في جنوب شرق إنجلترا وقال إنه يتوقع أن معسكر المغادرة لديه "حظوظ وافرة" للفوز، وبحسب محللين فإن نسبة المشاركة ستكون العامل الحاسم، وكلما زادت نسبة المشاركة كما تحسنت حظوظ معسكر البقاء في الفوز. وعلى المستفتين أن يجيبوا على سؤال "هل يجب أن تبقى المملكة المتحدة عضوا في الاتحاد الأوروبي أو أن تغادر الاتحاد الأوروبي؟"، وشددت الصحف البريطانية على الطابع التاريخي للاستفتاء، وعنونت "ذي صن" الشعبية المؤيدة للخروج "يوم الاستقلال"، بينما كان عنوان صحيفة "ذي تايمز" المؤيدة للبقاء "يوم الحساب". وقد تدخل جميع القادة الأوروبيين لدعوة البريطانيين إلى البقاء لأن خروج بلادهم يمكن أن يؤدي إلى تفكك الاتحاد الأوروبي، وحذرت كل المؤسسات الدولية من صندوق النقد الدولي إلى منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية من أن خروج بريطانيا سيؤدي إلى عواقب سلبية على الأمد البعيد علاوة على التبعات الاقتصادية الفورية على البلاد مثل التقلبات القوية في الأسواق واحتمال انهيار الجنيه الاسترليني. كما أن خروج البلاد يمكن أن يؤدي الى اضطرابات سياسية مع رحيل محتمل لرئيس الوزراء ديفيد كاميرون الذي دعا إلى الاستفتاء وخاض حملة من أجل البقاء في أوروبا. كما يمكن أن يؤدي خروج البلاد إلى تفكك المملكة المتحدة إذا قررت استكلندا المؤيدة للاتحاد الأوروبي تنظيم استفتاء جديد حول استقلالها. وحث كاميرون حتى اللحظة الأخيرة على البقاء، مشددا على أن البلاد ستكون أكثر ازدهارا وقوة وأمنا، ومحذرا من القفز في المجهول الذي لا رجعة فيه. ويؤيد حزب العمال المعارض والقوميون الاسكتلنديون البقاء في أوروبا، وكذلك حي الأعمال "ذي سيتي" في لندن الذي يريد الاحتفاظ بمكانته كمدخل للشركات الأجنبية إلى الاتحاد الأوروبي، وفي المعسكر المنافس، يقود رئيس بلدية لندن السابق بوريس جونسون المحافظين المشككين بأوروبا، وقد بشر البريطانيين بأيام أفضل بعد استعادة "الاستقلال" والتحرر من توجيهات الاتحاد الأوروبي، مؤكدا أنهم سيستعيدون السلطة على قوانينهم وماليتهم وحدودهم وبالتالي على الهجرة. وركز حزب "يوكيب" المعادي لأوروبا الذي يتزعمه نايجل فاراج حملته على الحد من الهجرة، إلا أنه أثار الصدمة حتى بين صفوف مؤيديه عندما نشر ملصقا عليه صورة طابور من اللاجئين إلى جانبه "نقطة التحول: الاتحاد الأوروبي خذلنا جميعا". وفي محاولة لوضع حد للانقسامات داخل حزبه المحافظ، أعلن كاميرون منذ كانون الثاني (يناير) 2013 أنه سيجري الاستفتاء في حال أعيد انتخابه رئيسا للوزراء وهو ما حصل في عام 2015، وفي هذه الأجواء المشحونة، أثار مقتل النائبة جو كوكس قبل أسبوع على موعد الاستفتاء بيد رجل يطالب بـ "الحرية لبريطانيا"، صدمة عارمة في البلاد التي لا تزال تبحث عن أجوبة حول دوافع المأساة.

مشاركة :