كل ما له علاقة بإسرائيل، أو عنها أو منها، نجس، ومن ذلك النوع الذي قال عنه المتنبي إن الموت لا يمسك نفساً منها إلا وفي يده من نتنها عود. أعضاء في الكنيست من اليمين المتطرف وقّعوا عريضة تعارِض السلام على أساس المبادرة السعودية التي تبنتها الدول العربية. أولاً، لا سلام مع إسرائيل طالما أن فيها حكومة إرهابية بقيادة مجرم الحرب قاتل الأطفال في غزة بنيامين نتانياهو. ثانياً، الذين وقعوا العريضة من ليكود، وهو اسم آخر للجريمة، و «إسرائيل بيتنا»، ولا بيت إسرائيلياً في فلسطين وإنما في جبال القوقاز. ثالثاً، الذين وقعوا العريضة قالوا إنهم يمثلون الشعب، والصحيح أنهم يمثلون مستوطنين مثلهم لا حق لهم إطلاقاً في الوجود في فلسطين. على بُعد عشرة آلاف ميل من الإرهاب الإسرائيلي، حاكم نيويورك أندرو كومو يريد مقاطعة الذين يؤيدون حملة «مقاطعة وسحب استثمارات وعقوبات» على إسرائيل. أقول للسنيور كومو باللهجة المشرقية «يقطع ساعتك». الولايات المتحدة بلد حريات. وعندما يقرر طلاب الجامعات ورؤساء الكنائس تأييد المقاطعة ماذا يبقى لحاكم «زحفلطوني» يريد أصوات يهود نيويورك. في لندن مثله، فرئيس الوزراء ديفيد كامرون، وهو من المحافظين الجدد، قال في اجتماع لليهود البريطانيين إن إسرائيل تريد بقاء بريطانيا في الاتحاد الأوروبي لمقاومة حملات مقاطعة إسرائيل. اللوبي اليهودي (آيباك) يقول في افتتاحية ضمن نشرة دورية يصدرها، إن «المبادرة الفرنسية تعيق السلام». ما يعيق السلام هو الإرهابيون مجرمو الحرب في الحكومة الإسرائيلية وحولها وأنصارهم في واشنطن. لا سلام إطلاقاً مع هؤلاء القتلة، والمبادرة الفرنسية كانت محاولة طيبة في اتجاه السلام. لكن لا يوجد طلاب سلام في حكم إسرائيل الآن من نوع إسحق رابين، فقد اغتيلوا أو ماتوا، وخلفهم مستوطنون يعيشون على خرافات توراتية. في أخبار آيباك الأخرى أن لجنة الاعتمادات في مجلس الشيوخ أقرَّت 600 مليون دولار لدرع الصواريخ الإسرائيلية، بزيادة 454 مليون دولار على طلب المساعدة السنوية لإسرائيل الذي قدمته الإدارة. باراك أوباما يكره نتانياهو، وقد أعلنت الإدارة أنها لا توافق على زيادة المساعدات لإسرائيل، فيبقى أن نرى هل ينتصر اللوبي بما يملك من أصوات المشترعين الأميركيين أو أن الفيتو الرئاسي يكفي لمنع إقرار مساعدات يفضل أعضاء مجلس الشيوخ أن تذهب إلى دولة محتلة بعيدة، بدل أن تُصرَف على طبابة فقراء الأميركيين. طبعاً المادة التي ينشرها لوبي إسرائيل لا يمكن أن تخلو من مواقف ضد إيران، وبين يديّ افتتاحية كتبها السناتور جوزف ليبرمان والسفير مارك والاس تحذر من أخطار الاستثمار في إيران، بعد «خطة العمل الشاملة المشتركة»، وهذا هو الاسم الرسمي للاتفاق مع إيران. ليبرمان إسرائيلي أكثر من الإسرائيليين، والسفير لا أحترمه، وكل ما يقولان هو ما تريد إسرائيل أن يصبح سياسة أميركية. عندي ألف اعتراض على السياسة الإيرانية إزاء الدول العربية، ولكن عندما يكون الحديث عن إيران وإسرائيل فأنا أؤيد ايران ضد إسرائيل، وأنتظر أن تنفذ ما تعِد به ضد دولة الاحتلال. بالمناسبة، اللوبي يقول في تقرير إن الحكومة الإسرائيلية تدرب المدنيين في الشمال (كله فلسطين) انتظاراً لحرب مستقبلية مع حزب الله. أعرف أن عند حزب الله صواريخ تستطيع أن تصل إلى تل أبيب، أو عسقلان، وأنتظر أن تُستَعمَل، أو أن ترتكب حكومة نتانياهو حماقة عسكرية تدفع ثمنها في لبنان. الموضوعية تقتضي أن أقول إن في إسرائيل طلاب سلام كثيرين، ومنهم رجال ونساء داخل الجيش، مثل جماعة «كسر الصمت»، وقد قرأت أن وزير الثقافة الإسرائيلي ميري ريجيف يحقق في أوضاع فرق مسرحية وغنائية ترفض تقديم أعمالها في المستوطنات داخل الأراضي الفلسطينية. هؤلاء الفنانون هم الوجه الآخر لإسرائيل، وهو عادة يَخفَى على الإنسان العربي.
مشاركة :