من منا في صغرها لم تقتن عروسة باربي وتترك لها مساحة واسعة في غرفتها لتضع بيت باربي الكبير فيها؟ ومن منا لم تذهب للتسوق لباربي فتشتري لها ملابسها المختلفة والملونة، الطويلة والقصيرة، وملابس السهرات والتزلج على الجليد وكل المناسبات، واكسسواراتها الجميلة آنذاك؟ كانت هذه اللعبة أقرب للحقيقة حيث إنها تنثني بكل رقة وآدمية، واناقتها المذهلة كانت آسرة، هذه العروسة من البلاستيك طولها تسع بوصات وهي أشهر وأروج عروسة في التاريخ، ومنذ ظهورها في عام 1959م وحتى السبعينيات وصل عدد المبيعات الى 12 مليونا أي ما يفوق عدد سكان احدى العواصم الكبيرة، وقد سعت شركة (ماتل) وهي الشركة المصنعة لعروسة باربي الى تطويرها وتحسينها عبر أجيال مختلفة لتقترب لصفة الآدمية حيث استبدلت رموشها الصناعية برموش حقيقية، وجعلت خصرها ومفاصلها تنثني بكل سهولة، كانت أعجوبة في ذلك الوقت، حيث إنها دخلت الى وعينا وأحاسيسنا الطفولية وأصبحت جزءا من حياتنا في وقتها.. وقد أصبحت تمثل الكمال، حيث انطبعت صورتها في أذهان الصغيرات وشكلت لهن نموذج الفتاة الجميلة النحيلة بمواصفات مكتملة، فقد وضعت الشركة المصنعة لباربي مقاييس صعبة للجمال والجسم المتناسق تفوق الطبيعي، هذه الحرب العقلية والنفسية من شركات جل همها هو الربح أثرت كثيرا وصنعت صورا ذهنية لا تتماشى مع الواقع الذي نعيشه، فقد أصبح الجسد المثالي المصقول مطلبا بعد أن كان محصوراً في عارضات الازياء وباربي وغيرها، وفي مجتمع ضاغط وسريع الايقاع يبدو أن الحديث عن السمنة والنحافة أصبح من الأحاديث الحساسة والتي قد تفقدك أصدقاءك، ومؤخراً ارتبطت بالقبول الاجتماعي وخاصة لدى النساء، ونحن نعلم أن السمنة عبارة عن مرض وهي واحدة من الحالات الطبية الاكثر شيوعا في المجتمع الغربي اليوم، واكثرها صعوبة من ناحية علاج السمنة والتصدي لها. لم يتم، نسبيا، تحقيق سوى تقدم ضئيل في علاج السمنة (باستثناء تغيير نمط الحياة) على حسب ما جاء في موقع (ويب طب)، ولكن التعامل مع السمنة يحتاج إلى توعية مستمرة في المجتمع، وقناعات، ووعي ذاتي، ولكن التوجه نحو التنحيف القسري من ناحية قهر الجسم وحرمانه من الطعام من أجل الرشاقة وخاصة بين المراهقات قد يسبب أمراضاً أولها الانوركسيا والتي اصيبت بها كثير من عارضات الازياء في العالم، إلا ان التوازن هو المطلوب والوعي الغذائي الصحي، ولكن الخبر الجميل الذي زُفّ إلى النساء المتعبات من الريجيم والحرمان من أجل المثالية، هو أن بعض دور الازياء اتجهت إلى عارضات ذوات اجساد ممتلئة مثل أشلي غراهام، كلوي مارشال، كريستال رين، ميا تيلر وأخريات، وهذا التوجه سيحل الكثير من المشكلات النفسية التي كرّسها الاعلام تجاه جسد المرأة وليذهب الريجيم الى الجحيم.
مشاركة :