يعقد وزراء خارجية الدول الست المؤسسة للاتحاد الأوروبي اجتماعاً السبت في برلين للتباحث في تبعات القرار التاريخي للبريطانيين الخروج من الاتحاد الأوروبي. ووسط تعبير عن الحزن ودعوات إلى الهدوء، يقوم القادة والمسؤولون الأوروبيون بتعبئة لتكون العملية الانتقالية بعد خروج بريطانيا على أكبر قدر من السهولة. وأشار وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير أمس (الجمعة) إلى أن نظراءه في الدول الست المؤسسة للاتحاد سيعقدون اجتماعاً اليوم في برلين. ويستقبل شتاينماير نظراءه الفرنسي جان مارك ايرلوت والهولندي بيرت كوندرز والإيطالي باولو جنتيلي والبلجيكي ديدييه ريندرز واللوكسمبورغي جان اسلهورن لـ «التباحث في قضايا الساعة في السياسة الأوروبية». وأعرب شتاينماير عن الأسف لتأييد البريطانيين خروج البلاد من الكتلة الأوروبية بنسبة 51,9 في المائة بحسب النتائج الرسمية، مشيراً إلى «يوم حزين بالنسبة إلى أوروبا وبريطانيا». وصرح ايرولت أن باريس وبرلين ستعرضان على شركائهما «حلولاً عملية» لجعل الاتحاد الأوروبي «أكثر فاعلية» لكن «من دون الدخول في بناء هيئات كبيرة». ودعت المستشارة الألمانية أنغيلا مركل التي نددت بـ«الضربة التي وُجهت إلى أوروبا» وإلى «عملية التوحيد الأوروبية»، الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند ورئيس الحكومة الإيطالي ماتيو رينزي إلى القدوم إلى برلين الإثنين. كما ستلتقي على حدة رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك. وأوضح رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر لصحيفة «بيلد» الألمانية أن ألمانيا ستظل بعد خروج بريطانيا «تؤدي دوراً مركزياً وحتى أكثر أهمية داخل الاتحاد الأوروبي». وأغلقت أسواق المال العالمية التي لم تكن تتوقع نتيجة الاستفتاء، على تراجع أمس باستثناء لندن التي استفادت من وجود العديد من الشركات المتعددة الجنسيات نشاط بعضها محدود في أوروبا. وحمل تراجع الجنيه الاسترليني المصرف المركزي البريطاني على إعلان استعداده ضخ 250 بليون جنيه (326 بليون يورو) لتأمين السيولة في الأسواق. وأظهر الاستفتاء الانقسام في البلاد، بعدما صوتت لندن واسكتلندا وأيرلندا الشمالية على البقاء في الاتحاد الأوروبي بينما غلبت أصوات مؤيدي الخروج في شمال إنكلترا وويلز. ودعت عريضة وقعها أكثر من350 ألف شخص إلى إجراء استفتاء جديد بينما طالبت عريضة أخرى وقعها 90 ألف شخص باستقلال لندن وانضمامها إلى الاتحاد الأوروبي. وعلى رغم أن رئيس الوزراء البريطاني المحافظ ديفيد كامرون أعلن استقالته بعد بضع ساعات على إعلان نتيجة الاستفتاء، لكنه أشار إلى أنه سيظل في منصبه حتى تعيين زعيم جديد للحزب في تشرين الأول (أكتوبر). كما أضاف انه سيترك إلى خلفه مهمة التفاوض حول عملية خروج البلاد مع الاتحاد الأوروبي. وحمل رئيس البرلمان الأوروبي مارتن شولتز بشدة أمس على كامرون، واصفاً قرار استقالته في تشرين الأول (أكتوبر) المقبل وليس غداة الاستفتاء بـ«المخزي». وقال شولتز لشبكة التلفزيون الألمانية العمومية «آ أر دي» أنه عندما أعلن كامرون في عام 2013، عزمه تنظيم استفتاء حول بقاء بريطانيا في الاتحاد الأوروبي أو خروجها منه «رهن قارة بأكملها من أجل مفاوضاته التكتيكية». وعكست عناوين الصحف البريطانية اليوم الاختلافات بين آراء الناخبين. وكتبت صحيفة «دايلي مايل» الشعبية المشككة بأوروبا «إنه اليوم الذي نهض فيه شعب بريطانيا الهادئ أمام الطبقة السياسية المتغطرسة والبعيدة عن الواقع وأمام النخبة المتكبرة في بروكسيل». ويخشى أن يحدث قرار البريطانيين حالة من العدوى في أوروبا في ظل تنامي الحركات الشعبوية واتفاقها على توجيه الانتقادات لبروكسيل والمؤسسات الأوروبية. ودعت زعيمة اليمين المتطرف الفرنسي مارين لوبن على الفور إلى استفتاء في فرنسا، كما طالب النائب الهولندي عن اليمين المتطرف غيرت فيلدرز بالأمر نفسه لهولندا. ويفترض أن تبدأ بريطانيا عملية تفاوض قد تستمر سنتين مع الاتحاد الأوروبي حول شروط الخروج، وفي هذه الاثناء تبقى ملتزمة بالاتفاقات المبرمة، لكن قادة المؤسسات الأوروبية حضوا لندن منذ أمس على البدء في أسرع وقت بهذه المفاوضات معلنين استعدادهم لذلك. وفي بريطانيا، تطرح استقالة كامرون تكهنات حول خليفته بعدما دار الحديث عن تطلع زعيم حملة الخروج المحافظ بوريس جونسون رئيس بلدية لندن السابق للمنصب، في حين يجب إعادة توحيد الحزب والبلاد المنقسمين. ولدى خروج جونسون من منزله، استقبله حشد من نحو مائة شخص من مؤيدي البقاء بهتافات «أحمق». وقال لاحقاً للصحافيين إأن الخروج من الاتحاد الأوروبي يجب أن يحدث «من دون استعجال». وقال زعيم حزب الاستقلال «يوكيب» المناهض لأوروبا نايجل فاراج أ نه بدأ «يحلم ببريطانيا مستقلة»، موضحاً أن النتيجة تشكل «انتصاراً للناس الحقيقيين والناس العاديين». ولا يهدد خيار المغادرة اقتصاد بريطانيا فحسب وإنما كذلك وحدتها إذ أشارت رئيسة وزراء اسكتلندا نيكولا ستورجون زعيمة الحزب القومي أمس إلى أن خطة تنظيم استفتاء ثان للاستقلال باتت «على الطاولة».
مشاركة :