يبدو أن المادة 50 التي لم تطبق أبدا في معاهدة لشبونة المبرمة عام 2007 ستكون محورا لتنظيم آلية خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. وبحسب "الفرنسية"، فإن المادة 50 التي أدخلت عبر معاهدة لشبونة الموقعة عام 2007 ودخلت حيز التنفيذ في 2009 تنص على أن "كل دولة عضو يمكنها أن تقرر بموجب قوانينها الدستورية الانسحاب من الاتحاد". لكن هذه المادة المؤلفة من خمس فقرات قصيرة نسبيا لا تعطي إلا تفاصيل قليلة ملموسة حول الطريقة التي ينظم فيها الخروج، كما قال روبير شوار الباحث في معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية المتخصص في الشؤون الأوروبي. ويتعين على بريطانيا أولا أن تبلغ المجلس الأوروبي الذي يضم الدول الأعضاء الـ 28 نيتها الانسحاب، ثم في ضوء توجهات المجلس يتفاوض الاتحاد ويتوصل مع لندن إلى اتفاق يحدد آليات خروجها آخذا في الاعتبار إطار علاقاتها المستقبلية مع الاتحاد، و"اتفاق الانسحاب" يبرمه المجلس باسم الاتحاد بالغالبية الموصوفة بعد موافقة البرلمان الأوروبي. ويتوقف العمل بالاتفاقيات اعتبارا من تاريخ دخول "اتفاق الانسحاب" حيز التنفيذ أو بعد سنتين من الإبلاغ بنية الخروج إلا إذا قرر المجلس الأوروبي وبالاتفاق مع لندن، بالإجماع تمديد هذه المهلة، وفي الانتظار يستمر تطبيق قانون الاتحاد الأوروبي على المملكة المتحدة فيما يتعلق بحقوقها وواجباتها، كما أكد رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك. ولكن في الوقت الذى يحض فيه الأوروبيون رئيس الوزراء البريطاني على تفعيل المادة 50 في أسرع وقت ممكن، قال ديفيد كاميرون بوضوح عند إعلانه استقالته إنه يريد أن يتولى الشخص الذي سيخلفه قيادة مفاوضات الخروج من الاتحاد. ويشرح جان كلود بيريس المستشار في القانون الأوروبي والموظف الكبير سابقا في مؤسسات أوروبية، أن المادة 50 تنص على مفاوضات على مدى سنتين، لكن على شروط الانسحاب فقط، حيث يتم الخروج ولكن هناك إجراءات عدة يجب اتخاذها وهي معقدة، مضيفا أن هناك التزامات وحقوقا سارية في ظروف متعددة للدول والشركات الخاصة والأفراد، ويجب تسوية كل هذه الأمور في اتفاق الانسحاب ضمن المادة 50. وفيما توقع جان كلود يونكر رئيس المفوضية الأوروبية ألا يكون خروج بريطانيا بمثابة "طلاق ودي"، يعتقد شوار أنه من منطلق قانوني، فإن كل شيء ممكن لأنه لم تحصل أي سابقة من شأنها تحديد إجراء الانسحاب، وبالتالي يمكن تصور اتفاق انسحاب يرفق باتفاق يحدد العلاقة بين بريطانيا والتكتل. وأضاف بيريس أن هذه العلاقة قد تكون مماثلة لتلك التي تقيمها النرويج مع الاتحاد الأوروبي، إذ إنها مشاركة في السوق الأوروبية الموحدة، أو لوضع سويسرا أو حتى علاقة غير مسبوقة، معتبرا أنه اعتبارا من إبرام اتفاق الانسحاب، تصبح بريطانيا دولة ثالثة بالنسبة للاتحاد الأوروبي، ومن هنا يتم التفاوض حول المستقبل ومستقبل العلاقات بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي. وأضاف المستشار في القانون الأوروبي، أن الأمر سيكون أكثر صعوبة وسيستغرق وقتا أطول، والشق الأكبر سيكون للعلاقات التجارية، لكن هناك مواضيع بحث عديدة أخرى، وهناك أيضا الوكالات التنفيذية الـ 36 التي تتخذ قرارات في مجالات الأدوية وسلامة الطيران والمشاركة في برامج البحث العلمي والتحركات في مجال مكافحة الإرهاب والسياسة الخارجية. وخلص الخبير في القانون الأوروبي إلى أنه في مطلق الأحوال، سيكون الأمر قاسيا، وليس هناك من اتفاق جيد للمملكة المتحدة، وإذا طلبت بريطانيا في أحد الأيام أن تنضم مجددا إلى الاتحاد الأوروبي، فهذا الأمر ممكن بموجب المادة 49 من معاهدة لشبونة، لكن سيكون عليها أن تبدأ كل شيء من الصفر، كما هي اليوم حالة صربيا أو ألبانيا.
مشاركة :