الفيلي: تعديل قانون الانتخاب يتضمن حرماناً مؤبداً من الانتخاب والترشيح ويخالف الدستور

  • 6/27/2016
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

أكد الخبير الدستوري وأستاذ القانون العام في كلية الحقوق بجامعة الكويت د. محمد الفيلي، أن التعديل الأخير على قانون الانتخاب يتضمن حرمانا مؤبدا من حق الانتخاب والترشيح، بما يخالف الدستور، لتعارضه مع مبدأ عمومية الانتخاب، فضلا عن تقليصه مبدأ السيادة ذاته الذي نصَّ عليه الدستور. وأضاف الفيلي، في دراسة قانونية خصَّ بها «الجريدة» بعنوان «تعديل المادة الثانية من قانون الانتخاب»، أن التعديل الصادر عن مجلس الأمة يعتريه العديد من الشبهات الدستورية، والأخطر منه الرسالة السلبية التي تنتج عنها، وهي أن النظام السياسي قلق على ثوابته إلى درجة البحث عن حماية إضافية لها. وقال إن التعديل الصادر جاء على أساس أيديولوجي، وبفكرة المواطن الصالح، كما هو في النظام الانتخابي الإيراني، بأن عدم التزام المرشح بولاية الفقيه قد يؤدي إلى عدم قبول ترشيحه، لافتا إلى أن وضع شروط أيديولوجية في العملية الانتخابية قد يرتبط بالفترات الانتقالية، مثل تقرير قانون اجتثاث «البعث» من الحياة السياسية في العراق بعد سقوط نظام صدام حسين، ومنع الأسر الملكية من المشاركة السياسية في فرنسا بعد الثورة الفرنسية، وفيما يلي نص الدراسة: أقرَّ مجلس الأمة في جلسته بتاريخ 22/ 6/ 2016 تعديلا على المادة الثانية من قانون الانتخاب. ووفق هذا التعديل تضاف فقرة ثانية للمادة المذكورة يكون نصها «كما يحرم من الانتخاب كل من أدين بحكم نهائي في جريمة المساس بـ: ا – الذات الإلهية. ب – الأنبياء. ج – الذات الأميرية. هذا التعديل في حال التصديق عليه يضيف إلى حالات الحرمان من حق الانتخاب حالات جديدة، فقبل هذا التعديل كان نصُّ المادة الثانية، هو «يحرم من الانتخاب المحكوم عليه بعقوبة جناية أو في جريمة مخلة بالشرف أو بالأمانة إلى أن يرد إليه اعتباره»، والنص المذكور يتضمن حالتين للحرمان من حق الانتخاب، هما: - من يكون محكوما عليه بعقوبة جناية، وهنا النص لا يكتفي بالإدانة في جناية، بل يلزم وفقه أن يصدر حكم بعقوبة يزيد مقدارها على السجن لثلاث سنوات. - من يكون محكوما عليه في جناية أو جنحة إذا كان الفعل محل الإدانة موصوفا بأنه مخل بالشرف أو الأمانة. في الحالتين السابقتين يلزم بطبيعة الحال أن يكون الحكم نهائيا، كي تنهدم قرينة البراءة، كما أن أثر الحرمان مؤقت، فيزول برد الاعتبار القانوني أو القضائي. وفي حال التصديق على التعديل سيصبح نص المادة الثانية على النحو التالي: «يُحرم من الانتخاب المحكوم عليه بعقوبة جناية أو في جريمة مخلة بالشرف أو بالأمانة إلى أن يرد إليه اعتباره. كما يحرم من الانتخاب كل من أدين بحكم نهائي في جريمة المساس بـ: ا – الذات الإلهية. ب – الأنبياء. ج – الذات الأميرية. التوسع في الحرمان من حق الانتخاب النص على هذا النحو يعني توسعا في حالات الحرمان من حق الانتخاب، وبالتالي الترشيح، كما أنه يوثر في تطبيق المادة الثانية، وله أثر على مَن صدرت في مواجهتهم أحكام نهائية في المسائل المضافة قبل دخول القانون حيِّز التنفيذ. أولا: الحرمان من حق الانتخاب والترشيح: في النظام القانوني الكويتي هناك ارتباط بين الشروط الواجب توافرها في الناخب والمرشح، إذ تقرر الفقرة الثانية من المادة 82 من الدستور، وهي تعرض للشروط الواجب توفرها في المرشح «أن تتوافر فيه شروط الناخب وفقا لقانون الانتخاب»، وهذا يعني أن حرمان الناخب من حق الانتخاب يقود إلى حرمانه من حق الترشيح. والحرمان من حق الانتخاب ليس أمرا يوجبه أو يمنعه الدستور صراحة، لكن التوسع فيه يتعارض مع فكرة الانتخاب نفسها، فالانتخاب هو وسيلة المواطنين في ممارسة السيادة، وبالتالي هو يتضمن تقليصا للسيادة ذاتها. وموقف الأنظمة القانونية من الحرمان من حق الانتخاب والترشيح ليس على نمط واحد. ويمكن رصد ثلاث توجهات: 1- المواطنة الصالحة: بعض النظم القانونية تربط ممارسة الحقوق السياسية بفكرة المواطن الصالح، فليس كل مواطن أهلا لممارسة الحقوق السياسية، بل هي مقصورة على المواطنين الصالحين. ولما كانت فكرة المواطنة الصالحة غبر منضبطة، ويخشى أن تقود إلى حرمان متعسف أو انتقامي تمت الاستعاضة عنها بفكرة الحرمان من حق الانتخاب، نتيجة الإدانة في جرائم خطيرة أو تمس فكرة الشرف. امتداد لفكرة الانتخاب المقيد والمنهج السابق أقدم المناهج ظهورا في الموضوع، ولعله امتداد لفكرة الانتخاب المقيد. فمن غير المنطقي أن تنتقل نظم الانتخاب من قصر حق الانتخاب على الخواص والنخب، كما كان شائعا، إلى جعله عاما دون أن تمر بمرحلة انتقالية تتمثل بتقييده على الأقل بمواصفات أخلاقية، مثل المواطنة الصالحة. ونلاحظ أن بعض الدول التي تأخذ بهذا الأسلوب أصبحت تميل إلى تقليص الحرمان بوجوب النص على حالاته في جرائم محددة بذاتها، مع وجوب تقرير الحرمان في حكم الإدانة، فلا يثبت بمجرد الإدانة، بل يلزم النطق به، فيكون عقوبة تكميلية، وهذا منهج المشرع الفرنسي، مع استثناء جرائم الفساد المالي والسياسي التي يرتكبها سياسيون، فهذه يترتب فيها الحرمان بمجرد الإدانة، فنكون أمام عقوبة تبعية. عقوبة تبعية أما المشرع الكويتي، فهو يتعامل مع الحرمان من حق الانتخاب كعقوبة تبعية، وهذه العقوبة مقررة في قانون الجزاء وقانون الانتخاب. تقرر المادة 68 من قانون الجزاء «كل حكم بعقوبة جناية يستوجب حتما حرمان المحكوم عليه من الحقوق الآتية: 1- تولي الوظائف العامة أو العمل كمتعهد أو كملتزم لحساب الدولة. 2- الترشيح لعضوية المجالس والهيئات العامة أو التعيين عضوا بها. 3- الاشتراك في انتخاب أعضاء المجالس والهيئات العامة». ويأخذ قانون الانتخاب الحكم المقرر في الفقرة الثالثة من المادة السابقة، وعمليا ذلك يقود إلى انطباق حكم الفقرة الثانية من المادة 68، لأن الحرمان من حق الانتخاب يقود إلى الحرمان من حق الترشيح. وقانون الانتخاب يضيف حالة جديدة للحرمان، وهي الإدانة في جريمة مخلة بالشرف والإمانة، وهو في هذا المنهج يتوسع في الحرمان مقارنة بالمشرع الفرنسي. 2- عزل العقوبة عن المواطنة: التوجه الأحدث لا يربط ممارسة حق الانتخاب بالإدانة الجزائية، فالانتخاب السياسي اثر للمواطنة يرتبط بها، ولا يجوز أن يكون محل العقوبة الجزائية هو الحرمان من مظاهر المواطنة أو الانتقاص منها. ولعل موقف المحكمة العليا في كندا يوضح سند هذا التوجه، فقد عرض عليها في 31 أكتوبر عام 2002 قانون يقضي بمنع المسجونين لمدة سنتين أو أكثر من حق الانتخاب، فقضت بعدم دستوريته. وقرر رئيس المحكمة، أنه لا توجد أسباب معقولة تؤكد أن حرمان المساجين من حق الانتخاب يحقق أهداف القانون المعلنة، وهي تنمية الحس المدني، واحترام دولة القانون، وفرض عقوبة ملائمة. بالإضافة لكندا وإسرائيل تذكر محكمة حقوق الإنسان الأوروبية في حكم لها بتاريخ 22 مايو 2002 أن 19 دولة لا تمنع قوانينها السجناء من ممارسة حق الانتخاب. هذا العدد يمثل ما يقارب نصف دول أوروبا، ويضم دولا قديمة، كالسويد وسويسرا وأكثر دول أوروبا الشرقية، وهي دول وضعت دساتيرها دون التأثر بإرث الماضي، أو قد يكون التأثر بصيغة رفض هذا الإرث. 3- ربط ممارسة الحق السياسي بشروط عقائدية: في الأنظمة القائمة على ربط النظام السياسي بأيديولوجية محددة يكون هناك ربط بين ممارسة الحقوق السياسية وتأييد هذه العقيدة أو إعلان القبول بها. ومن أقدم الأمثلة في هذا المجال نجدها في إطار النظام الشيوعي في بداياته، إذ تم ربط المواطنة السوفياتية بالاعتقاد بالشيوعية، وممارسة الحقوق السياسية بالشيوعيين الصالحين، ودستور 1936 السوفياتي رغم محاولته التوسع في مفهوم المشاركة السياسية، فإنه لم يستطع أن يتنكر لعقائدية النظام. والربط بين القبول بعقيدة دينية أو سياسية وممارسة الحقوق السياسية له أشكال ودرجات متعددة، فقد ينصب على الناخبين والمرشحين، وقد ينصب على المرشحين فقط، ففي النظام الانتخابي الإيراني عدم التزام المرشح بولاية الفقيه قد يؤدي إلى عدم قبول ترشيحه. ووضع شروط أيديولوجية في العملية الانتخابية قد يرتبط بالفترات الانتقالية، مثل تقرير قانون اجتثاث «البعث» من الحياة السياسية في العراق بعد سقوط نظام صدام حسين، ومنع الأسر الملكية من المشاركة السياسية في فرنسا بعد الثورة الفرنسية، والمنع في هذه الحالة مرتبط بالخشية من عودة الماضي. لو عدنا للحرمان من الانتخاب في القانون الكويتي، لوجدناه قبل التعديل يقع في المجموعة الأولى، وفيها الحرمان لا يقترب بالضرورة من موقف فكري أو عقائدي أو سياسي يكشف عنه السلوك محل التأثيم، فهو أقرب للحياد، وينصب على جرائم القانون العام دون نعت أو تخصيص. كما أن القاضي في حالة إدانة السلوك المؤثم يملك هامشا من السلطة التقديرية يسمح له بتقرير العقوبة في الجنايات دون أن يقرر عقوبة الجناية، فيملك مثلا في الجرائم التي يحدد لها القانون عقوبة الجناية، أن ينطق بعقاب يقل عن هذا الحد، بما يمنع ترتيب الحرمان من حق الانتخاب، علما أن قانون الانتخاب يسمح في هذه الحالة للإدارة أو لجمهور الناخبين بالمطالبة بإيقاع الحرمان إذا كان السلوك محل تأثيم، معتبرا من أشكال الإخلال بمفهوم الشرف والأمانة، ويكون تأكيد ذلك أو نفيه من اختصاص القضاء. ونلاحظ في هذا الصدد، أن التوجه الأحدث للمحكمة الدستورية في الكويت هو تضييق حالات الحرمان، فقد قررت في حكمها 5/ 2014، أن الحرمان من حق الانتخاب في الجرائم المخلة بالشرف والأمانة لا يكفي لتحققه مجرد الإدانة، بل يلزم أن يكون مقرونا بعقوبة جزائية يحكم بها القاضي. أما التعديل في حال إقراره، فإنه يزيل واقعيا السلطة التقديرية للقاضي في الجرائم محل التعديل، كما يزيل عنها احتمال وصفها بأنها مخلة بالشرف أو الأمانة. والجرائم المضافة لا يجمعها موضوع واحد. فالتجريم في أول جريمتين ينطلق من حماية المشاعر الدينية عند أغلبية السكان. أما أساس التجريم في الجريمة الثالثة، فهو حكم دستوري، لذلك كان جمع الموضوعات الثلاثة في سلة واحدة غير موفق منهجيا. حرمان ذو أساس سياسي عقائدي وعلى الرغم من عدم الوحدة الموضوعية لهذه الجرائم، فإنها تجتمع في وصف واحد، وهو أنها جرائم رأي ذات طابع ديني وسياسي، وهذا يجعل الحرمان الجديد من حق الانتخاب مقتربا من الحرمان ذي الأساس السياسي العقائدي. والحرمان الجديد ليس مبررا، فلا عقيدة المسلمين في خطر حتى يلزم الدفاع عنها بالحرمان من حق الانتخاب، ولا ولاء الناس للنظام الأميري في وضع يحتاج معه إلى حماية قانونية إضافية، كما أن القانون قبل التعديل كان يتضمن وسائل لتقرير الحرمان في الحالات الحرجة. إذا نحن بصدد استخدام أسلحة ثقيلة جدا للتعامل مع أهداف كان يمكن بلوغها بأدوات ذات تكلفة أقل. والحرمان الجديد مؤبد، وهذا قد يثير مشكلة دستورية، لتعارضه مع مبدأ عمومية الانتخاب، لأن الحرمان المقبول في إطار مبدأ عمومية الانتخاب مؤقت بطبعه. وما دمنا بصدد البحث في الدستورية، فهل تطبيق القانون بعد إقرار التعديلات يتضمن أثرا رجعيا؟ وهل هذه الرجعية مقبولة؟ ثانيا: الرجعية: تقرر المادة 179 من الدستور «لا تسري أحكام القوانين إلا على ما يقع من تاريخ العمل بها، ولا يترتب عليها أثر فيما وقع قبل هذا التاريخ، ويجوز، في غير المواد الجزائية، النص في القانون على خلاف ذلك بموافقة أغلبية الأعضاء الذين يتألف منهم مجلس الأمة». وفق هذا النص، الأصل هو سريان النص بأثر فوري، ويجوز سريانه بأثر رجعي، أي على المراكز القانونية المكتملة قبل صدوره إذا توافر شرطان، هما أن يوافق المجلس على سريانه بأثر رجعي بأغلبية الأعضاء الذين يتألف منهم المجلس، وألا يكون هذا السريان في مادة جزائية. والتعديل محل البحث يستدعي الوقوف أمام عدد من المسائل، هل وافق المجلس على تطبيق القانون بأثر رجعي؟ في حال تطبيق القانون على الناخبين والمرشحين مستقبلا، هل نكون أمام تطبيق بأثر رجعي؟ وهل التطبيق بأثر رجعي جائز في هذه الحالة؟ 1 - أسلوب الموافقة على الرجعية: يوجب الدستور للموافقة على تطبيق القانون بأثر رجعي، أن تتوافر أغلبية خاصة للموافقة على ذلك، وهي أغلبية الأعضاء الذين يتألف منهم المجلس، لكن الدستور واللائحة الداخلية لا يقرران إجراء خاصا للتصويت على الرجعية. بالرجوع إلى المعلومات المتوافرة عن التصويت، يتبيَّن أن الموافقين على إقرار التعديل في المداولة الثانية أربعون عضوا، والعدد الكلي للأعضاء هو ثلاثة وستون عضوا، وهذا يعني أن الأغلبية المطلوبة متوافرة. وعلى الرغم من توافر الأغلبية المطلوبة، لا يوجد ما يدل على أن التصويت انصب على إرادة الموافقة على الأثر الرجعي، ونلاحظ أن القضاء الدستوري المقارن يشترط وجود دليل على أن هذه الأغلبية منصرفة لإقرار الأثر الرجعي، كأن يتم تنبيه الأعضاء لذلك قبل التصويت. إذا تركنا أسلوب التصويت جانبا، وتعاملنا مع وجود الرجعية أو عدمها في تطبيق التعديل على الناخبين والمرشحين بعد إقرار القانون سنجد أن الحكم يتأثر وفق تكييف التعديل، هل نحن بصدد مجرد قواعد تنظيمية أم نحن بصدد عقوبة جزائية؟ 2 - قواعد تنظيمية أم عقوبة؟: وفق المادة 80 من الدستور «يتألف مجلس الأمة من خمسين عضواً ينتخبون بطريق الانتخاب العام السري المباشر، وفقا للأحكام التي يبينها قانون الانتخاب. ويعتبر الوزراء غير المنتخبين بمجلس الأمة أعضاء في هذا المجلس بحكم وظائفهم»، وهذا يعني أن تنظيم قواعد الانتخاب غير ما ورد في صلب المادة مناط بالمشرع العادي، بشرط عدم مخالفة أحكام الدستور وورود هذه الأحكام في قانون الانتخاب. وبناءً على هذا النص يضع قانون الانتخاب قواعد تنظيمية، مثل وجوب القيد في جدول الانتخاب لممارسة حق الانتخاب، وتحديد سن للناخب، وتحديد شروط لممارسة حق الترشيح، كعدم جواز ممارسة الوظيفة العامة من قبل المرشح أو عدم جواز الترشيح لمن يشغل مقعدا وزاريا. تعديل القواعد التنظيمية وتطبيقها على الناخبين بعد تعديلها لا يُعد تطبيقا للقانون بأثر رجعي، لأن مركزهم القانوني لم يكتمل بعد. أما إذا كنا بصدد عقوبة، فإن إنزال أثرها سيتم حين التقدم للتسجيل في الجدول الانتخابي، علما أن الإدانة المسببة لها حدثت قبل صدور التشريع، وبالتالي فإن الفاعل أقدم على الفعل دون معرفته بالعقوبة التي تلحق به، وهذا يجعل الرجعية متوافرة، لأن أساس تحريم الرجعية في العقوبة الجزائية هو مشروعيتها، أي العلم الفعلي أو المفترض بوجودها قبل ارتكاب الفعل. قد يقول قائل في هذه المسألة، ما الفرق بين الإجراءات التنظيمية التي من الممكن أن تقود إلى تقييد حق الانتخاب والحرمان، وهو أيضا قيد على حق الانتخاب؟ الفرق بينهما أن الإجراءات التنظيمية لا تأتي مرتبطة بعقوبة جزائية يقررها المشرع ويحكم بها القضاء، فيما الحرمان أثر مباشر يرتبه القانون ربطا بالعقوبة الجزائية. وبعد ذلك قد يكون السؤال عن ارتباط وصف العقوبة الجزائية بورودها في قانون غير قانون الجزاء. العقوبة الجزائية في قانون غير قانون الجزاء 3 - ورود العقوبة الجزائية في قانون غير قانون الجزاء: عند تنظيم المسائل الجزائية يميل المشرع إلى وضع القواعد العامة التي تحكم الجزاء، وأهم الجرائم في وثيقة واحدة تسمى قانون الجزاء، لكن هذا لا ينفي احتياج المشرع للجزاء الجنائي عند تنظيمه للسلوك الإنساني، فيورد جزاءات جنائية في مختلف القوانين إذا كان لذلك مبرر، فنجد قواعد جزائية في قانون حماية الأموال العامة وقانون البلدية وقانون الانتخاب وقانون المطبوعات والنشر على سبيل المثال، وهي تسمى قوانين جزائية خاصة. ورود العقوبات الجزائية في غير قانون الجزاء لا يمنع جهة التحقيق والقضاء من تطبيق القواعد العامة الواردة في قانون الجزاء عليها، ومن ذلك تطبيق القواعد الخاصة بالعقوبات الأصلية التي توقع على المدان، والعقوبات التبعيية التي تترتب عليها وتلحق بالمدان بحكم القانون والعقوبات التكميلية التي يترك المشرع للقاضي النطق بها، إضافة للعقوبات الأصلية. وتوزيع العقوبات الأصلية والتبعية بين أكثر من قانون لا يخل بوصفها كعقوبة جزائية. قولنا إن الحرمان من حق الانتخاب هو في واقعه عقوبة جزائية تبعية يقود إلى القول إن تطبيقها على مَن ارتكبوا الأفعال الموصوفة بالتعديل في وقت سابق على إقراره يخالف حكم المادة 179 من الدستور. الطعن في القانون يقول الدكتور محمد الفيلي إن تصريح الإدارة الحكومية بأنها مقدمة على تطبيق التعديل حال التصديق عليه على كل من ورد في صحيفته الجنائية حكم نهائي في جريمة من الجرائم الموصوفة بالتعديل يعني أنها لا تعتبر أن الحرمان عقوبة جزائية، بل هو مجرد إجراء تنظيمي. أمام هذين التفسيرين يصبح الحل المنطقي هو الطعن في القانون حال اكتماله أمام المحكمة الدستورية ممن له مصلحة في ذلك. ونحن في نهاية الدراسة نرى أن الشبهات الدستورية التي تعتري القانون حال إقراره ليست هي الأخطر في هذا الموضوع، مع أهميتها، لكن الأخطر هو طبيعة الرسالة السلبية التي تنتج عنه، وهي أن النظام السياسي قلق على ثوابته إلى درجة البحث عن حماية إضافية لها.

مشاركة :