هل تتحول الفانتازيا إلى حقيقة!

  • 6/26/2016
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

مساء الخميس الماضي نام الناس، وهم يضحكون على القصبي في (سلفي) وهو يرتعد خوفا من أن يقتله ابنه، لمجرد أنه رأى عليه سمات الملتزمين دينيا، كتقصير الثوب وإطلاق اللحية والزهد في بعض أشكال اللهو، فشك في انضمامه إلى داعش وأخذ يتخيل مذعورا، سيناريو تآمره معهم لقتله. وفي فجر يوم الجمعة التالي، استيقظ الناس على فاجعة لا يود أحد تصديقها، شابان ما زالا في طور المراهقة، يقتلان أمهما طعنا بالسكاكين والسواطير ويصيبان أباهما وأخاهما الأكبر إصابات بالغة! في ساعات قصيرة، تحول ما كان يبدو وهما مضحكا في مسلسل (سلفي)، إلى حقيقة واقعة مرعبة!! ما الذي يدفع بمراهقين كهذين إلى الرغبة في قتل أقرب الناس إليهما؟ إن الاحتمالات للدوافع التي دفعتهما كثيرة، لكن القول الفصل ما ستظهره نتائج التحقيق، وإن كانت المعلومات الأولية نقلا عن وزارة الداخلية، تشير إلى أن الدوافع لها صلة باعتناقهما المنهج التكفيري. ما أقدم على فعله هذان المراهقان أمر يقشعر له البدن، حتى وإن لم يكن المرة الأولى التي يقدم فيها شاب على قتل أحد أقاربه الحميمين بتهمة الكفر، ففي الآونة الأخيرة تكرر وقوع جرائم قتل الأقارب بشكل متسارع، لدرجة يخشى معها القول بأن ذلك صار أشبه بفيروس خطير وغريب، ينتشر بين الناس بسرعة فيطيح بضحاياه في حين يقف الطب إزاءه عاجزا مكفوف اليد، غير قادر على محاصرته والقضاء عليه. كثيرون الذين يلومون التعليم وكتب الفتاوى والألعاب الإلكترونية وأمثالها، فهي في نظرهم تدعم الغلو في الدين، وتحرض على العنف والقتال، لكنهم يغفلون عن جانب يسبق ذلك وهو غياب التحصين، لو أن أبناءنا كانوا محصنين، لما تمكنت من التغلغل إلى عقولهم تلك الوسائل ولما وجدت فيهم أرضا خصبة للنمو فوقها. تحصين الناشئة يكون في جانبين: أحدهما، تعزيز (التوعية الفكرية)، بحيث يربي الفرد على أن يكون (مفكرا) وليس (تابعا)، فيعتاد أن يرجع كل ما يعرض عليه من أمور إلى ميزان عقله هو، وليس إلى ميزان (ماذا يقول فلان أو علان). من واجبنا أن نجعل أبناءنا يثقون بعقولهم هم، لا عقول الآخرين. حين تصير عقولهم هي مرجعهم الأول في التفريق بين الحق والباطل، والهدى والضلال، فإنه لا أحد يمكنه استغفالهم والضحك عليهم. الجانب الآخر، أن نتعلم نحن احترام الفرد وحفظ حقوقه الإنسانية، سواء كنا آباء أو معلمين أو رؤساء، فالفرد الذي يجد نفسه ذليلا مهانا محتقرا، ينجذب بيسر للدعوات التي تشبع حاجته إلى التقدير والاحترام والشعور بالتميز فوق غيره، فينقاد بيسر لها حتى وإن أودت به إلى الهلاك.

مشاركة :