مقال اليوم قراءة موجزة في تقرير مؤسسة النقد السعودي الأخير وأرجو أن لا تكون مخلة وسأستخدم مؤشراته في تقييم إيجابيات وسلبيات واقع الاقتصاد الوطني وأسارع للقول بأن الإطلاع على تقارير المؤسسة بالنسبة لأي اقتصادي يماثل زيارة الطبيب لإجراء فحصوصات دورية لمعرفة الأعراض وتحديات الأمراض. وسأتوقف عند أهم المحطات وأبدأ بحجم الدين العام وهو الأقل منذ 2005م وبلغ بنهاية 2014 حوالي 44.260.000 مليون ريال مقروء مع الناتج المحلي الإجمالي وهو الأعلى بالأسعار الجارية منذ 2005 وبلغ 2.798.432.000 مليون ريال وأما نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي فهي 1.6 % وهي الأقل منذ 2005 ومع أن الأرقام عموما تبدو جيدة إلا أنني مهموم بحجم الدين العام القائم بنهاية السنة بافتراض تأثيره مع النسب المتدنية على معدلات النمو ولأن حكومة المملكة هي مصدر الريال السعودي وتحتكر حق إصداره وإن لم ترفع من وتيرة مصروفاتها كآلية لتكوين الريال في الاقتصاد فإن النمو سيتأثر سلباً بانخفاض الطلب الكلي في ظل مؤشرات الأرقام القياسية لتكاليف المعيشة التي يشير الرقم القياسي العام إلى ارتفاع مستمر منذ 2013 وبلغت 126.7% وفي 2014 وصلت 130.1%. وأما معدل دوران النقود بالقطاع غير النفطي فإن (ن3) عام 2012 كانت 1.06% وفي 2013 كانت1.02% وعام 2014 كانت0.98 % وأهمية هذه الإشارات دلالتها على تباطؤ دوران الريال السعودي بالاقتصاد الحقيقي وحين لا يتوفر الريال في جيوب المستهلكين فلن يستطيعوا شراء خدمات ومنتجات ويترتب عليه آثار سالبة تنعكس على النمو والاقتصاد ككل فلابد من تصويب يرفع وتيرة صرف القطاع العام وزيادة الأجور والمشتروات من القطاع الخاص بأكثر من الحالي. أما حجم القروض الإجمالي فهو 313.100.000مليون ريال وهو الأعلى منذ 1998م وأيضا قروض بطاقات الإئتمان سجلت مستويات بلغت 9.667.000 مليون ريال مما جعل نسبة الديون بأشكالها المختلفة إلى الناتج المحلي الإجمالي مرتفعة نسبياً مقرُوءة مع انخفاض معدل دوران الريال ومصروفات الدولة كنسبة وليس كمبلغ إجمالي وهذا يستلزم الوعي بالمآلات لأنها مجتمعة ستشكل علامات حمراء وقد تؤثر على الاقتصاد الحقيقي في ظل قراءة جدول القوى العاملة ومعدل البطالة بين السعوديين( 11.7% ) وغيرهم( 0.3% ) ليصبح الإجمالي 5.7% والرقم الأخير يشوش لأن أي مقيم يفترض أنه على رأس العمل على أن نسبة البطالة بين السعوديين وبين الشباب معدلاتها أكبر في ظل ارتفاع تكاليف المعيشة مقارنة ببند متوسط الأجور ومؤشرات تباطؤ دوران النقود والمؤشرات الأخرى مما يعني أن عامة الناس يواجهون تحديات حقيقة قد يصفها البعض بالتحديات الهيكلية فليس ثمة مخرج إلا برفع وتيرة الصرف العام بنسبة سنوية مواكبة تمكن من شراء المنتجات والخدمات المتوفرة بالاقتصاد الوطني وبتفعيل الحد الأدنى للأجور على مستوى القطاع العام والخاص ليصل إلى خمس /ستة آلاف ريال، فالإبحار باقتصادنا الوطني في مسار سليم يتطلب قيادته وسط الأمواج المتلاطمة إلى بر الأمان.
مشاركة :