قدر مسؤول مصرفي حجم خسائر الصناديق السيادية الخليجية التي لديها استثمارات مالية في بريطانيا بنحو تسعة مليارات دولار، بسبب خروج الأخيرة من الاتحاد الأوروبي. وأشار المسؤول المصرفي إلى أن استثمارات الصناديق السيادية الخليجية مجتمعة في بريطانيا تقدر بنحو تريليون دولار وأن خسائر هذه الصناديق بسبب خروج بريطانيا من الاتحاد قد تفوق حاليا تسعة مليارات دولار، وقد يرتفع حجم هذه الخسائر خلال السنوات الخمسة المقبلة بعد أن تتضح تداعيات خروج بريطانيا على اقتصادها وعلى الاستثمارات الأجنبية فيها خاصة في قطاعي المال والعقار اللذين جذبا استثمارات سيادية من جميع دول العالم بما فيها دول الخليج. وقال لـ "الاقتصادية" عدنان يوسف رئيس اتحاد المصارف العربية سابقا والرئيس التنفيذي لمجموعة البركة المصرفية، إن دول الخليج منذ أكثر من 35 عاما وجهت استثماراتها نحو بريطانيا خاصة في قطاعي العقار والمال، مشيرا إلى أن انخفاض الجنية الاسترليني، سيؤثر أو أثر بالتأكيد على استثمارات الصناديق السيادية الخليجية في بريطانيا، مشيرا إلى أن هذه البداية في الوقت الحالي، حيث لم تتضح الرؤية بعد عن التداعيات الأخرى المتوقعة بسبب هذا الخروج، موضحا أن أغلب دول الخليج لديها استثمارات كبيرة في بريطانيا. وقال يوسف: إن أي تحرك من قبل دول الخليج في الوقت الراهن في محاولة لتقليص حجم هذه الخسائر ستكون عواقبه غير سلمية على هذه الاستثمارات، خاصة أن التفكير في التخارج من السوق البريطاني، سواء من قبل الصناديق السيادية ببيع جزء من أصول هذه الصناديق أو القطاع الخاص الخليجي بسبب انخفاض قيمة الجنية الاسترليني، كما أن هذه الاستثمارات تعتبر طويلة الأجل وليست قصيرة الأجل، لذا من غير المناسب التخارج من السوق البريطاني في الوقت الراهن. وأوضح أن هناك استثمارات تعود لرجال وسيدات أعمال خليجيين في بريطانيا، ستتأثر بانخفاض الاسترليني، فقد كان يتوقع هؤلاء المستثمرون أن يكون هناك ارتفاع في قيمة العقارات المشتراة في بريطانيا، ولكن الآن سيكون الوضع مختلفا، حيث يتوقعون نزولا كبيرا في قيم هذه العقارات. وأشار إلى أن دول الخليج عليها أن تعيد صياغة سياساتها الاستثمارية الخارجية، خاصة أنها- أي دول الخليج- طوال الـ 40 عاما الماضية كانت تنظر للأسواق العالمية؛ خاصة البريطانية والأمريكية، أنها لن تنهار أو تتعرض لأزمات مالية وأنها لن تواجه أي مشكلات مالية لما لها من حصانة قوية ضد الأزمات وقدرتها على مواجهة هذه الأزمات في حال حدوثها، ولكن الأزمة المالية التي حدثت في أمريكا 2008، أثبتت أن هذه الدول مثلها مثل أي دول أخرى يمكن أن تتعرض لمشكلات وأزمات مالية، لذا يجب أن تكون سياسة الاستثمار واضحة، ويجب تنويع الاستثمارات السيادية والاتجاه للأسواق الآسيوية، خاصة أن دول الخليج لم تتعامل طوال السنوات الماضية سوى مع سوقين فقط هما البريطاني والأمريكي، حتى السوق الأوروبية لم يكن محور اهتمام الاستثمارات الخليجية، وإنما كان التركيز بشكل كبير على السوق البريطاني. ودعا رئيس اتحاد المصارف العربية سابقا دول الخليج للاتجاه نحو الأسواق الأسيوية والتي هي الأخرى لا تخلو من مشكلاته المالية، ولكنها في نهاية الأمر يجب أن تكون أحد خيارات الاستثمارات الخليجية. وبنظرة مغايرة يرى يوسف أن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي يمكن أن تولد فرصا استثمارية أمام الصناديق السيادية الخليجية والقطاع الخاص الخليجي، خاصة أن هناك شركات بريطانية ومشاريع عقارية ستواجه صعوبات مالية بسبب هذا الخروج، ما يعني بروز فرص استثمارية، مشيرا إلى أن المشكلات المالية توجد فرصا استثمارية جيدة، من خلال شراء أسهم هذه الشركات أو الاستحواذ عليها بالكامل، ولكن يجب دراستها بحذر وروية. وأفاد يوسف بأن تأثير خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي سيكون محدودا على المصارف العربية والخليجية على وجه الخصوص، مؤكدا أن التأثير سيكون أكبر وسيئا على المصارف الأوروبية الأخرى، نظرا لتشابك الأعمال المصرفية بين المصارف البريطانية والأوروبية، متوقعا أن يكون هناك تداعيات كبيرة خلال الخمس سنوات المقبلة، ما يتوقع حدوث أزمة مالية أخرى مشابهة للأزمة المالية التي حدثت في 2008. ونوه إلى أن المصارف البريطانية لم تكن بوضع صحي جيد حتى قبل قرار الخروج، والآن سيكون انعكاس ذلك سلبا بشكل كبير على هذه المصارف. وأيّد وسام فتوح أمين عام اتحاد المصارف العربية، ما ذهب إليه عدنان يوسف، بعدم تأثر المصارف العربية بشكل كبير بسبب خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، الذي أكد أن التأثير سيكون محدودا وقليلا على المصارف العربية.
مشاركة :