«ابن طولون» أول من أقام موائد الرحمن في مصر

  • 6/28/2016
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

خلال شهر رمضان يتسابق المسلمون في شتى بقاع الأرض لأجل كسب الحسنات والثواب، وتعد «موائد الرحمن» من أبرز مظاهر التكافل بين المصريين التي يتميز بها الشهر الكريم عن باقي شهور السنة، فمن خلالها تقدم أطباق إفطار تتنوع ما بين مائدة وأخرى بحسب الأحياء التي تقام فيها، والأشخاص الذين ينفقون عليها. لكن في مجملها تقدم وجبة إفطار شهية وكافية لروادها من الفقراء والمحتاجين وعابري السبيل، كما يسودها جو رمضاني حميم، يشكل مناخا طيبا لاكتساب المودة والمحبة من أناس قد لا تعرفهم، لكنك تستأنس بهم، وتسعد بمجاورتهم على مدار الشهر الكريم. وقد اختلف الكثيرون حول بدايتها، وأبرز الروايات تؤكد أن الأمير أحمد بن طولون، مؤسس الدولة الطولونية، التي حكمت مصر تحت مظلة الخلافة العباسية، أول من أقام مائدة الرحمن في مصر في السنة الرابعة لولايته، حيث جمع القواد والتجار والأعيان على مائدة حافلة في أول أيام رمضان. وخطب فيهم: “إنني لم أجمعكم حول هذه الأسمطة إلا لأعلمكم طريق البر بالناس، وأنا أعلم أنكم لستم في حاجة إلى ما أعده لكم من طعام وشراب، لكنني وجدتكم قد أغفلتم ما أحببت أن تفهموه من واجب البر عليكم في رمضان، ولذلك فإنني آمركم أن تفتحوا بيوتكم، وتمدوا موائدكم، وتهيئوها بأحسن ما ترغبونه لأنفسكم فيتذوقها الفقير المحروم”. وتروى حكايات أخرى نقلًا عن المقريزي، أن الخليفة المعز لدين الله الفاطمي كان أول من وضع تقليد الإكثار من المآدب الخيرية في عهد الدولة الفاطمية، وهو أول من أقام مائدة في شهر رمضان يفطر عليها أهل الجامع العتيق “عمرو بن العاص”، وكان يخرج من قصره 1100 قدر من جميع ألوان الطعام لتوزع على الفقراء. كما كان الفاطميون يعدون الموائد تحت اسم “دار الفطرة”، وكانت تقام بطول 175 مترًا وأربعة أمتار، ومن أشهر أصحاب الموائد في تلك الفترة “الأمير بن الضرات” المولود بحي شبرا بالقاهرة؛ حيث كانت له أراض واسعة تدر عليه مليوني دينار سنويًا، وكان ينفقها في رمضان حيث يعد موائد بطول 500 متر ويجلس على رأسها، وأمامه 30 ملعقة من البلور يأكل بكل ملعقة مرة واحدة ثم يلقى بها ويستخدم غيرها. كما أن بعض الروايات المنسوبة لهذا العصر تقول إن سبب تسميتها بالمائدة يرجع إلى سورة المائدة الآيات 112-115: «إِذْ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ قَالَ اتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (112) قَالُوا نُرِيدُ أَنْ نَأْكُلَ مِنْهَا وَتَطْمَئِنَّ قُلُوبُنَا وَنَعْلَمَ أَنْ قَدْ صَدَقْتَنَا وَنَكُونَ عَلَيْهَا مِنَ الشَّاهِدِينَ (113) قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنْزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ تَكُونُ لَنَا عِيدًا لِأَوَّلِنَا وَآَخِرِنَا وَآَيَةً مِنْكَ وَارْزُقْنَا وَأَنْتَ خَيرُ الرَّازِقِينَ (114) قَالَ اللَّهُ إِنِّي مُنَزِّلُهَا عَلَيْكُمْ فَمَنْ يَكْفُرْ بَعْدُ مِنْكُمْ فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذَابًا لَا أُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ (115)».;

مشاركة :